تحت عنوان الواقع الاقتصادي الاجتماعي والمعيشي والازمات الحالية انعقد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي لقاء تشاوريا وتشاركيا مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي شارك فيه رئيس المجلس شارل عربيد وحضره النواب: رئيس لجنة الاقتصاد النيابية الدكتور فريد البستاني، شوقي دكاش وفادي علامة وعلي درويش رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير محمد شقير عميد الصناعيين جاك صراف نقباء الاطباء شرف ابو شرف المقاوبين مارون حلو اصحاب السوبر ماركت نبيل فهد السائقين العموميين بسام طليس المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود رئيس الاتحاد العمالي العام بشاره الاسمر اضافة الى نائب رئيس المجلس الاقتصادي سعد الله حميدي صقر واعضاء المجلس.
استهل اللقاء رئيس المجلس شارل عربيد بكلمة جاء فيها: "إنّ التحديات الداهمة كثيرة، وعديدة هي الفرص الكامنة وراء أفق هذه الأزمة الثقيلة.
ففي وقتٍ نحن فيه بأمس الحاجة إلى الحلول، تدخل أزمة العلاقات مع الدول العربية الشقيقة كعاملٍ قاتل مستجد، يهدد موقع لبنان وعلاقاته، وتطلعاته نحو حلول لأزماته. ومن هنا، فنحن نؤكد بوضوح أهمية هذه العلاقات، وحيويتها بالنسبة إلى لبنان، وندعو جميع المسؤولين والقوى السياسية إلى التحلي بالمسؤولية الوطنية في هذه الأوقات الحساسة. إن منطلقات هذه العلاقات غير اقتصادية صرفة، بل إنها تمتد الى العمق الاستراتيجي الطبيعي لبلدنا، بثقافته ولغته وتاريخه وجغرافيته، وصولاً الى مصالحه الاقتصادية التي لا جدال في ارتباطها بصورةٍ لا غنى عنها بالأشقاء العرب، والتي تتأثر بشدة بهذه التطورات السلبية.
المسؤولية هي الجواب، في الأسلوب وفي المضامين.
أما على المستوى الداخلي، فإن تصحيح الأجور بات ضرورة حيوية في ظل الإوضاع المعيشية غير القابلة للتحمل.
لا بد من مقاربة ثلاثية: تصحيح الأجور ومداولة الواقع المعيشي، بموازاة المحافظة على قدرة المؤسسات ووجودها. المباشرة بتنفيذ خطة النقل. البدء بالتسجيل للحصول على البطاقة التمويلية، التي يُفترض أن تغطي محدودي الدخل والشرائح الأكثر هشاشة من المجتمع، وبخاصة أولئك الذين لا دخل لهم، في ظل مستوىً قياسي للبطالة، مع انهيار قيمة العملة، وعدم قدرة المؤسسات جميعها على تصحيح أجور العاملين. علماً أن هذه المقاربة تندرج تحت عنوان المعالجة الطارئة التي تفرزها الظروف الحالية، وليس تحت مظلة السياسات المستدامة.
إن الأزمة الحالية تتجاوز بمخاطرها ما نلمسه اليوم من انعكاسات، لتطال مستقبل الأجيال الجديدة، حيث يتعرض القطاع التربوي لأزمة غير مسبوقة تطال مؤسساته ومعلميه ومستقبل تلامذته.
هنا، لا يمكن الفصل بين تصحيح أجور العاملين، وحماية مستقبل المؤسسات (التربوية)، وضمان التعليم النوعي للطلاب.
المصلحةُ في عمقها واحدة، لكن الأزمة توزع الضغوط بصورةٍ خلافية.
لا شك بأن كل قطاعات المهن الحرة تعاني اليوم، كل من ازمته، وكل هذه الأزمات هي مركّبات للأزمة الكبرى المعقدة. إن حماية المهن الحرة يشكل ضمانة لبقاء ما تبقى من الطبقة الوسطى في لبنان، وهي محرّك التغيير الحقيقي وركيزة الاقتصاد المنتج والخلّاق والمستدام.
وفي الوقت الذي تتطلع فيه السياسة إلى الأغلبيات في الصناديق، فإن أغلبيةً كبرى تتسع يوماً بعد يوم، هي اغلبية يرسم الفقر حدودها الجديدة، مبتلعاً كل تضحيات اللبنانيين وجهودهم خلال عقود من الزمن. مكافحة الفقر عنوانٌ أول لتفكيرنا المشترك، الذي بدأناه وننتظر شركاء حوله. فالمجلس هو المساحة الطبيعية لتفاعل قوى الإنتاج المختلفة، والتي وجد هذا المجلس حتى لا تبقى "مختلفة".
إننا نتطلع اليوم إلى ضرورة إتمام الانتخابات النيابية في مواقيتها القانونية، والمأمول منها كسر الجمود وتخبط السياسيين، وضخ دماء جديدة في شرايين المؤسسات وسياساتها.
لقد كفر الناس بالسياسيين، وباتوا ينتظرون موعد الانتخابات للتعبير عن إرادتهم الجديدة. وهم لن يقبلوا أية محاولة للتهرب من هذا الاستحقاق.
وأنتم يا دولة الرئيس، قلتم إن الانتخابات حاصلة وهذا امر محسوم ونهائي، وهذا الموقف بدد المخاوف من عدم حصول الاستحقاق الديموقراطي.
إنها محطة للتأسيس عليها في رسم مستقبل لبنان، والخروج من العبث الذي نعيشه يومياً، والذي بسببه ندخل من أزمةٍ إلى أزمة، من دون حل أيٍ من منها.
متى نبدأ مراكمة الحلول إذن؟ نريد مساحة للهدوء والتقاط الأنفاس.
إن الواقع يحتّم انعقاد مجلس الوزراء لمعالجة أمور الناس، فالاقتصاد ليس إلا جوهر السياسة وعلى السياسة أن تكون في خدمة مصالح المواطنين في عيشهم وكرامتهم، ولا قيمة لسياسة تقتصر على لعبة الصراع على السلطة، ولا تدور حول الإنتاج وقوى الإنتاج.
من أجل كل ذلك، فإن سير البلاد في درب التعافي الاقتصادي يتم من خلال خطة التعافي التي تضع في أولويات تركيزها معالجة الأزمة النقدية وسعر صرف العملة الوطنية، وتنطلق بالإصلاحات المطلوبة، وتدخل في مفاوضات مسؤولة مع صندوق النقد الدولي، لرسم مسار الخروج من المأزق الكبير.
إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يريد المساهمة بالحلول دائماً، وهو مستعد لتقديم المشورة المفيدة للحكومة، ونحن في هذا الصدد نستغرب مستوى الاكتفاء الذي يعيشه بعض الوزراء من الحلول، وتجاهلهم الجهود التي بذلت بين المجلس ومختلف الكتل النيابية، والتي أنتجت ورقة حلولٍ حول البطاقة التمويلية، وهي حلول كانت ولا تزال مجديةً وقابلةً للتنفيذ.
دولة الرئيس، إن هذه المؤسسة شريكتكم في حمل الأعباء، استخدموها، واتّكئوا إليها، وكلّفوها، وهي ستكون مفاجأة سارة في إنتاج الحلول، لما فيها من طاقة وإرادة.
اقتراح تحديث قانونها موجود بين أيديكم في المجلس النيابي، وكنتم أول من وقعه مشكوراً، فمن خلاله سيكون لنا مجلس اقتصادي واجتماعي وبيئي عصري لمستقبل بلدنا.
نجدد ترحيبنا بكم دولة الرئيس، حضرات النواب، حضرات رؤساء الهيئات والنقباء والحضور جميعاً. ونجدد القول، لا شك بأن الظروف دقيقةٌ ومصيرية، لكن هذا البلد لنا، ومعاً سوف نعيد إليه الأمل بالنهوض. لن نستسلم لليأس واليائسين، بل سنعيده إلى بريقه بالعمل مع العاملين، من أجل لبنان".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك