ألقى الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله كلمة تناول فيها الأحداث التي وقعت الخميس الماضي، معزّياً بـ"شهداء مجزرة يوم الخميس في الطيونة" مخاطباً الأهالي بالقول: "حزنكم حزننا، ونطلب من الله الشفاء العاجل لجرحى تلك المجزرة".
وانتقل بعد ذلك إلى شنّ هجوم عنيف على حزب "القوات اللبنانية" ورئيسه سمير جعجع، وقال: "هناك حزب في لبنان ورئيسه، يريد أن يجعل من أهل عين الرمانة والحدت وفرن الشباك أن يشعروا بالخوف والقلق، وأن جيرانهم في الضاحية الجنوبية هم أعداء لهم، وأن أهل الضاحية يريدون اجتياح املاكهم واجتثاثهم".
وأضاف: "عندما يخاطب رئيس هذا الحزب لا يتكلم سوى بإبقاء الخوف على المسيحيين، ويلجأ هذا الحزب الذي هو "القوات اللبنانية" إلى تقديم نفسه على أنه حامي المسيحيين لشد العصب وذلك لتحقيق أهداف منها الزعامة وعرض أدوار على دول خارجية بأنه يمكنه القيام بما يريدون".
وتابع: "أنا أحكي هنا بالتحديد عن حزب "القوات" ورئيسه بسبب المجزرة التي حصلت الخميس الماضي، مع العلم أننا لم نكن ندخل بأي سجال مع "القوات" في السنوات الماضية لأننا لا نريد مشاكل مع أحد، وحريصون على السلم الأهلي، وأن صراعنا هو مع اسرائيل والمشروع التكفيري عندما هدد لبنان. وحزب "القوات" كان يقابلنا بالسباب والشتم".
كما شدّد على أنّ ما حصل يوم الخميس "مفصلي"، وعرض للأحكام القضائية "التي دانت جعجع بجرائم القتل التي حوكم على أساسها ودخل السجن، ولكن بعد خروجه، وبهدف منهم لإيجاد عدو واختراعه، خصوصاً بعد خروج سوريا والفلسطينيين، فكان أن اعتبر "حزب الله" عدوا له، خصوصاً وأن "حزب الله" مستهدف أميركيًّا وخليجيًّا، وهذا يُسهّل على "القوات اللبنانية" تخويف المسيحيين، وصولاً إلى المسخرة عندما قال إن "حزب الله" يريد إلباس المسحيين العباءة".
وأضاف: "أقول لأهالي الشهداء السبعة في مجزرة الطيونة "كنتم في مستوى المسؤولية والانتماء وصبرتم بالرغم من الاستفزاز" والاقتصاص من القتلة مسار ماضون به وشهداؤكم يوازون شهداء المقاومة"، وتوجّه إلى حزب القوات بالقول: "في حال الحرب هل تساعدكم إسرائيل التي تقف "على إجر ونص" أو أميركا والسعودية؟".
وقال نصرالله: "القوات اللبنانية قتلت يوم الخميس الماضي أول 3 شهداء وكانوا من حركة أمل، ولكن القوات لا تركز إلا على حزب الله"، لافتاً إلى "وجود تدريب وسلاح وهيكلية لدى "القوات"، فضلاً عن نياتهم بأحداث القتل حتى لو جرّت إلى فتن".
وخاطب اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، وقال: "البرنامج الحقيقي للقوات اللبنانية هو الحرب الاهلية وتهجير المسيحيين وحشرهم ضمن غيتو كما أحلامهم في الحرب الأهلية سابقا"، مستذكراً "ما قدمته القوات في العام 2017 للسفير السعودي وأثناء سجن رئيس الحكومة يومها سعد الحريري من استعداده لحرب أهلية".
وتابع: "الذي دافع عن الحريري هم الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري وحزب الله وجزء من تيار "المستقبل" وليس كلهم. في حين غدر بالحريري يومها القوات اللبنانية ورئيس القوات".
وتحدّث عن معلومات قال إنه يثق بمصادرها تقول "إنّ القوات ورئيسها يعملون على اقناع فرقاء في الاشهر الماضية على الدخول بمواجهة مع "حزب الله" لأنه ضعيف على ما قاله رئيس القوات". وأكد على "اتهامه القوات بأن خطابهم لا يتجاوز لغة الحرب الأهلية، ومن هنا أقدموا على مجزرة الخميس الماضي".
وكشف عن "معلومات بأن تحركاً وتحضيرات مسلحة جرت قبل ليلة من مجزرة الخميس، وقد أبلغنا قيادة الجيش بذلك". واعتبر أن كل ما صدر عن رئيس القوات ونوابه واعلامه هو "تبنٍّ للمجزرة"، واصفاً تحريضهم بـ"الوهم". وقال: "نحن يوم الخميس سلّمنا رقابنا ودماءنا للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية".
وقال: أدعو أهلنا المسيحيين لأن يسمعونا، لأن تقديم حزب الله أنه عدو هو ظلم وتجنٍّ، وليس حزب الله وليست حركة أمل ولا الشيعة أعداء للمسيحيين".
وتطرق الى أيام دخلت داعش الى جرود عرسال والحدود الشرقية، مؤكدا "أن القوات اللبنانية هي من عملت على تأمين المواد والدعم لحركة داعش". وطالب "المسيحيين بسؤال المسيحيين في قرى المسيحيين الموجودة في سوريا عن كيفية تصرف حزب الله وتعاطيه مع هؤلاء المسيحيين، ومن حافظ على وجودهم؟ أليس حزب الله؟ وليس القوات اللبنانية".
وتابع مؤكدا أن "حزب الله هو الذي دافع عن القرى المسيحية والحدودية في البقاع وبعده جاء الجيش اللبناني، لأنه كان ممنوعا بقرار أميركي على الجيش اللبناني أن يحرر تلك المناطق".
كما استذكر "ما حصل العام 2000 يوم تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي"، وقال: "عندما بدأ الاسرائيلي ينسحب، يومها كان بامكان حزب الله وحركة أمل أن يدخلوا الى جزين مثلا، ولكن كان قرارنا مع الرئيس بري بمنع الدخول من الحزب والحركة الى جزين وذلك لتطمين المسيحيين". وشدد على "بقاء المسيحيين يومها في قراهم معززين ومكرمين، وفي حين أننا سلمنا العملاء للقضاء اللبناني".
وتابع: "دخلنا يوم التحرير في 25 ايار الى القرى الحدودية فهل تم تهجير أحد، أو أحرقت كنائس؟ ولم نعمل محاكم ميدانية بحق العملاء، بالرغم من أنهم قتلونا وسجنوا أولادنا". وقال: "نحن تصرفنا بكل انسانية لأنها أخلاق ديننا، والدليل أنه منذ العام 2000 لم تحصل أيّ حادثة أو اعتداء لا على القوات ولا على غيرهم".
وتابع مخاطباً المسيحيين في لبنان: "رئيس القوات اللبنانية يريد أن يقدم لكم أن حزب الله يريد اجتثاثكم، ولكن هذا ظلم واعتداء ولغم كبير بالبلد". وأعلن أن اكبر تهديد للمسيحيين وأمنهم هم القوات اللبنانية ورئيسها". وسأل المسيحيين: "أين كنتم ستكونون لو أن داعش نجح في مشروعه؟ لم يكن ليبقى خوري أو كنيسة أو مسيحيين".
وشدد على أن "تحالف القوات مع داعش هو أكبر تهديد للمسيحيين، وما عليكم سوى متابعة أوضاع المسيحيين وهم قلة ممن بقوا في العراق بعد أن هجرتهم داعش وعملياتها الانتحارية".
وقال: "المسؤولية على الجميع لأن ما قام به القوات اللبنانية يوم الخميس الماضي سيقومون به في غير مكان".
ثمّ انتقل الى الحديث عن تفاهم مار مخايل بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، واصفاً هذه الخطوة بأنها "انفتاح من الحزب على فئة مسيحية واسعة، ولكن كانت القوات اللبنانية أول من قام بتخوين هذا التفاهم، لأن رئيس القوات لا يريد أي انفتاح بين المسيحيين والمسلمين، ولأن هذا التفاهم عمل على الغاء خطوط التماس".
وأضاف: "على النقيض من ذلك عندما حصل تفاهم معراب بين القوات والتيار الوطني الحر لم نعترض بكلمة لأننا معنيون بالسلم الأهلي".
وأيّد الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، موضحاً أن "لا حزب الله ولا حركة أمل ولا أي شيعي طرح مسألة المثالثة، والتي كانت من طرح الفرنسيين على الايرانيين ونحن لم نقبل بها عندما تم عرضها علينا، ولم نتكلم بها".
كما عرض نصرالله لقانون الانتخاب وقال: "نحن كرمى لعيون المسيحيين مشينا بقانون الستين، ثم عندما قيل انه لا يؤمن التمثيل الطائفي وتم طرح القانون الارثوذوكسي قبلنا به ولكن القوات نسفته". وتابع: "القانون الحالي الذي حصلت على أساسه الانتخابات الماضية وأدت الى أفضل تمثيل للمسيحيين، وللعلم بأنه لولا حركة أمل وحزب الله لم يكن ليمشي القانون".
وأكد أن "حزب الله عامل ايجابي ولم يكن معرقلا في المحطات الأساسية". ووصف "تأييد حزب الله لانتخاب الرئيس عون بأنه وفاء له وثقة به ولم نضع أي شرط".
وألمح الى "الحساسية المفرطة بين التيار الوطني الحر وتيار المردة في الفترات السابقة ومع ذلك نزل سليمان فرنجية الى البرلمان وأنتخب الرئيس ميشال عون. وهذا من اخلاقياته".
ونصح حزب "القوات اللبنانية" ورئيسه بـ"التخلي عن فكرة الاقتتال الداخلي"، متمنياً على المسيحيين أن يقنعوه بأنّ "أي اقتتال داخلي عليه أن ينزعه من رأسه لأن حساباته غلط".
وعرض للمعلومات التي ذكرها رئيس "القوات اللبنانية" لاقناع حلفائه السابقين في احدى الجلسات للدخول بقتال حزب الله لأنه ضعيف، وأن القوات أقوى مما كانت أيام بشير الجميل".
وقال موجّهاً كلامه لجعجع من دون أن يسميه: "أنت غلطان وحساباتك غلط.. اقعدوا عاقلين وتأدّبوا وخدوا عبرة من حروبكم وحروبنا.. إنت مع مين بدّك تعمل اقتتال داخلي؟ نحنا أبداً مش ضعاف ولا مرعوبين" وخذ علماً بأنّ الهيكل العسكري لـ"حزب الله" وحده يضمّ 100 ألف مقاتل".
وتابع: "أنا مضطر للكشف عن وجود 100 ألف مقاتل ينتظرون الاشارة بالاصبع وهم المنظمين والمهيكلين وأصحاب تجربة، وأنا أقول هذا الكلام لمنع الحرب الأهلية وليس للتهديد بها، وهؤلاء جهزناهم لحماية بلدنا وكرامة وسيادة بلدنا وليس للقتال الداخلي".
وأضاف: "نحن لسنا عاجزين ولا ضعاف وحساباتنا صح لأننا أصحاب قضية واخلاق، إذ أننا يوم الخميس تعرضنا للقتل وسكتنا ومثلها في خلدة". وطالب المسيحيين بـ"الوقوف في وجه هذا القاتل والسفاح والمجرم، وذلك لتثبيت السلم الأهلي".
ثم تطرق الى تظاهرة حركة أمل وحزب الله أمام قصر العدل، لافتاً إلى "حصول تظاهرات منذ سنتين، وبالتالي لماذا ممنوع علينا؟".
وأوضح "كيفية التفاهم حول المسيرة وشعاراتها والهتاف الذي سيقال فيها، ومنع حمل السلاح، وأبلغنا الدولة أن سقف التظاهرة مدة ساعة، ولكن عند وصول آخر مجموعة بدأ تساقط شهداء وكانوا من حركة أمل"، مشيرا الى "صدقية بيان الجيش اللبناني الأول"، موضحا "أن في ما حصل هناك جزأين: الأول يتعلق بقتل الناس، والثاني بردة الفعل من البعض باطلاقهم الرصاص على مبانٍ كان فيها قناصة".
وشدد على "التحقيق السريع والشفاف لأننا نريد محاسبة المسؤولين عن قتل الناس".
وعن الفيديو الذي يظهر جنديًّا من الجيش يطلق الرصاص، لفت الى "بيان الجيش عن التحقيق مع هذا الجندي"، داعيا قيادة الجيش الى "التشدد في المحاسبة والكشف عما فعله هذا الجندي".
وذكر أن "الجيش اللبناني اطلق علينا الرصاص يوم 13 ايلول 1993، وكذلك في حي السلم وغيرها، ومع ذلك نحن حريصون على الجيش اللبناني لأنه الضمانة الوحيدة لوحدة لبنان. ووحدة لبنان مرهونة بوحدة مؤسسة الجيش اللبناني".
وقال: "القوات والاميركيون واسرائيل يريدون حربا أهلية وصداما بين الجيش وحزب الله"، رافضاً "أي استفزاز من جماعتنا ضد الجيش اللبناني"، مطالباً القضاء بـ"القيام بعمله واتمامه".
وكشف عن "قرب محاكمة الموقوفين في حادثة خلدة، واذا لم يقم القضاء بواجبه فنحن لن نترك دماء شهدائنا على الارض، وعيوننا مفتوحة".
ثم تطرق نصرالله الى موضوع التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، وقال: "نحن معنيّون بهذا التحقيق لأن الانفجار حادث وطني، ولنا شهداء، ولذلك نحن حريصون جداً على معرفة الحقيقة كاملة، ولكن عندما نرى أن مسار التحقيق ذاهب الى غير جهة فلماذا نسكت ولا نقول ملاحظاتنا، مع ان البعض يقول لنا لماذا تتكلمون وما في حدا من عندكم من بين المتهمين؟".
وأكد ان "القوات اللبنانية اول من عمل على استغلال انفجار المرفأ واستغلال مشاعر الناس". وأكد "أننا لن ننكفئ عن متابعة هذا الملف". وسأل: "لماذا لم يصدر التقرير الفني بالانفجار بعد؟".
وقال نصرالله: "رغم طمأنتنا إلا أننا متمسّكون برفض مسار التسييس للتحقيق في تفجير المرفأ وهل مطالبتنا بتغيير القاضي هو تهديد فيما ترهيب الأميركيين في حال تغييره ليس تهديداً؟"، معتبراً أنّ "أكثر مَن يتحمّلون مسؤولية تفجير المرفأ هم القضاة الذين أذنوا بدخول مادة النيترات إلى المرفأ، ولم يتم التشهير بأيّ من هؤلاء القضاة في وقت جرى التشهير بعدد من المسؤولين المعينين".
وتساءل: "هل السلوك الاستنسابي الذي حصل ويحصل يعبّر عن نزاهة قضاء؟ كل ما يحصل يعكس ترهيب سفارات".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك