كتبت فاتن الحاج في "الأخبار":
منذ إعلان وزير التربية عباس الحلبي، حصول القطاع التربوي على هبة تفوق 70 مليون دولار مشروطة بفك إضراب الأساتذة والعودة الحضورية إلى المدارس الرسمية، لم تخرج أي من الجهات الدولية المانحة، ولا سيما البنك الدولي واليونيسف والحكومة البريطانية، للإقرار بهذه الهبة، وهو ما أثار الشكوك في شأن جديتها، وفي إمكان أن تكون مجرد زرع أمل وهمي أو طعماً، أو بالحد الأقصى تمنيات وزارة التربية والحكومة، على غرار الوعود السابقة ومنها الوعد بإعطاء 7 دولارات «فريش» زيادة على بدل ساعة المراقبة في الامتحانات الرسمية، بعدما كانت 10 دولارات.
حتى الآن، يلف الغموض كل الكلام عن المساعدات والهبات الدولية المقدمة للقطاع التربوي، إذ لا أرقام نهائية بشأن آلية توزيع الهبة وماذا تتضمن بالضبط وهل تكفي لتغطية الكتب والقرطاسية والبدلات الإضافية للمعلمين والمصاريف التشغيلية للمدارس؟ أم أن الكتاب المدرسي الرسمي ستطبعه اليونيسف مجاناً ولا يدخل ضمن هذه الحسبة؟ وكم ستكون حصة المعلمين من الهبة؟ وماذا عن استمرارية الحل، إذ يمكن أن يعين الدعم المنتظر المعلمين والمدارس شهراً أو شهرين فقط، وبالتالي ما العمل في الأشهر الأخرى؟
أجواء الوزارة تشير إلى أن الآلية ستنجز اليوم وستناقش مع روابط الأساتذة مساء أو غداً على أبعد تقدير، وهي تفترض أن العرض سيكون مُرضياً للأساتذة على وجه الخصوص وسيعيدهم إلى الصفوف.
عشية الموعد المقرر لبدء العام الدراسي في المدارس والثانويات الرسمية في 11 تشرين الأول الجاري، يبدو الجميع في مأزق: الوزير الذي ألزم نفسه بتاريخ محدد لانطلاقة العام الدراسي من دون أن يضمن الجاهزية لدى المدارس والمعلمين؛ وروابط المعلمين والأساتذة التي ألزمت نفسها منذ البداية بسقف عال للتحرك بدأ بمقاطعة أعمال التسجيل والتدريس، بدلاً من أن تلجأ إلى تنفيذ خطوات متدحرجة تبدأ مثلاً بالإضراب لأسبوع ومن ثم لأسبوعين، مروراً بالاعتصامات وصولاً إلى المقاطعة، وهي تعلم، وتحديداً رابطة أساتذة التعليم الثانوي، أنها لا تستطيع أن تعود إلى قواعدها وتحتكم إلى الجمعيات العمومية من دون تحقيق مكاسب للأساتذة حتى لو كانت هناك ضغوط سياسية لفك الإضراب، لأن النتيجة ستكون معروفة سلفاً وهي التوصية بالاستمرار بالمقاطعة، علماً بأنها على أبواب انتخابات نقابية جديدة لمجلس المندوبين والهيئة الإدارية للرابطة ابتداءً من تشرين الثاني المقبل.
وعن حرمان ابن المدرسة الرسمية من التعليم، يعلق أحد الأساتذة الثانويين: «عملياً، لم ينطلق العام الدراسي طبيعياً في عدد لا بأس به من المدارس الخاصة وتحديداً تلك التي لم تدفع لمعلميها زيادة على رواتبهم ولا سيما الدرجات الست المقرّة في قانون سلسلة الرتب والرواتب الرقم 46 /2017، وهؤلاء مثلنا لا يستطيعون الوصول إلى مدارسهم، وإن كانت هذه المدارس قد استفادت من إضراب الأساتذة في التعليم الرسمي واستقطبت بعض الطلاب. نحن في خندق واحد مع الأهالي، فنحن أهل أيضاً، وبعض أبناء الأساتذة يتعلمون في الثانويات الرسمية، ولا نرضى أن يكون تلامذتنا وأولادنا خارج الصفوف، لكن بعملية حسابية بسيطة، يمكن أن تتبين الحكومة ووزير التربية مدى قدرتنا على الذهاب إلى مدارسنا، وإمكانية مدارسنا نفسها أن تفتح فعلاً بصناديق خاوية ومن دون كهرباء ومازوت وقرطاسية».
رئيس رابطة المعلمين الرسميين في التعليم الأساسي الرسمي حسين جواد، أشار إلى أن كل ما يجري تداوله لجهة إعطاء الأستاذ 80 دولاراً وفق سعر الصرف في السوق السوداء أو زيادة 70 في المئة على أجرة ساعة التعاقد للأساتذة المتعاقدين «لا يزال في إطار الكلام، إذ لم يزودنا وزير التربية في الاجتماع الأخير معه بأي أرقام، فيما لم يعطنا وزير المال، يوسف الخليل، أيضاً جواباً نهائياً بشأن استمرار إعطاء نصف راتب شهرياً، ورفع بدل النقل إلى 60 ألف ليرة، ولم نأخذ أي وعد بتحسين وضع الاستشفاء».
وقال جواد إن الروابط ستركز، في حوارها مع الوزير، على دعم صناديق المدارس المفلسة، ودفع المستحقات «المكسورة» خلال السنتين الماضيتين ولا سيما في مدارس تعليم اللاجئين السوريين، والتي يفترض أن تسددها الجهات المانحة ولم تدفعها حتى الآن.
وإذا جرى التسليم بأن تصحيح الرواتب متعذّر حالياً، فإن المعلمين ينتظرون، وفق جواد، جواباً واضحاً لفك إضرابهم، بشأن قيمة المساعدة المالية التي سيحصل عليها كل منهم وآلية دفعها. وأشار إلى أن رابطة «الأساسي» أبدت حسن نية في تمرير أعمال التسجيل وامتحانات الإكمال، ابتداء من هذا الأسبوع، لكنها ستعيد النظر بقرارها في ما يخص التسجيل والتدريس، بناءً على المعطيات التي سيقدمها لها الوزير هذين اليومين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك