كتب داني حداد في موقع mtv:
ليس الرئيس ميشال عون المسؤول الوحيد عمّا بلغه البلد من انهيار والناس من عوز. السياسيّون الذين تناوبوا على حكم لبنان، ومعظمهم مستمرّ حتى اليوم، يتحمّلون المسؤوليّة الأكبر. ذنب عون أنّه وعد ولم يفِ. وذنبه أنّه أخفق بالإصلاح فانضمّ الى قافلة من سبق ذكرهم.
جلتُ على مواقع التواصل الاجتماعي في الأمس. معايدات في عيد الأب تبكي الحجر. أعياد الناس تحوّلت الى مناسبات ألم. هناك من يتألّم على حاله، أو على جاره أو على قريب. وقرأتُ من يعايد "بيّ الكلّ"، وهو الإسم الذي أطلق على الرئيس عون عند انتخابه، فما عاد الرجل أباً إلا لمن بقي من مناصريه وهؤلاء، بغالبيّتهم، "أوادم" ولكنّ مشكلتهم في حصر الوطنيّة والكفاءة والنزاهة بهم وحدهم، وتخوين من يخالفهم الرأي.
نفتح صفحةً جديدة مع سعد الحريري، إن جمعتنا مصلحة، ثمّ يصبح فاسداً إن اختلفنا. ويصبح حسن نصرالله الرمز إن دعمنا، ثمّ نتّهمه بحماية الفاسدين إن اختلف مرّةً معنا بالرأي. ونُعدّ لورقة تفاهم مع نبيه بري، وحين نختلف يعود بلطجيّاً وفاسداً. ونزور سمير جعجع في معراب ونشرب الأنخاب وننسى الماضي والشهداء، ثمّ ننبش القبور وننكأ الجراح. والأمر نفسه مع وليد جنبلاط وسليمان فرنجيّة وكثيرين آخرين. الأمر نفسه مع قائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى وبطريرك الموارنة ومطران الأرثوذكس وكثيرين غيرهم. ولا ننسى الحملة على وزير الأشغال واتّهامه بالخيانة لأنّه لم يوقّع تعديل مرسوم الحدود البحريّة، وحين فعل المسكين لم يوقّع الرئيس. ولم يوقّع مرسوم التشكيلات القضائيّة ولا مرسوم الانتخابات الفرعيّة…
لم تعد أباً إلا لقلّة يا سيّدي الرئيس. المشاكل كثيرة في أسرتك، وأحد أصهرتك يقول في عهدك ما لا يقوله خصومك. وابن شقيقك أيضاً. ماذا كان "أبو نعيم" ليقول، لو كان حيّاً؟ وماذا عن "أبنائك" الذين لم تنجبهم، وهؤلاء أسّسوا "التيّار" معك وناضلوا ودخلوا السجون. قرأتُ أيضاً ما كتبه بعض هؤلاء بالأمس، وفيه ألم كبير.
لسنا هنا ننضمّ، لا سمح الله، الى جوقة شتّامي عهدك. ولا نرضى أيضاً بأن نكون في صفوف من ينظمون الشعر إشادةً بك. كم نتمنّى أن يكون ما بقي من عهدك أفضل ممّا مضى. كم نتمنّى أن تكون، فعلاً، أباً للجميع. أيّ أبٍ يرضى بجوع أبنائه وهجرتهم يأساً؟ ولكنّنا، للأسف، فقدنا الأمل ونخشى أنّ ما سيأتي سيكون أسوأ ممّا مضى.
نريد أملاً يا سيّدي الرئيس، لا المزيد من السجالات التي قرفنا منها. قرفنا ممّا يصدر عن "تيّارك" ومن الردود عليه. تتساجلون فوق جثث الناس. فوق جوعهم. فوق بطالتهم. أيّ أبٍ يفعل ذلك؟
نريد أملاً، لا رهاناً على تغييرٍ في المنطقة. شبعنا رهانات منذ العام ١٩٨٨. شبعنا حروباً، من توحيد البندقيّة الى استعادة الصلاحيّات. ماذا تنفع صلاحيّات الرئيس المسيحي إن كان محكوماً من حزب يملك القوّة والقرار والسلاح، ويترك للآخرين، للجميع، أن يتلهّوا في ما تركه لهم من هامش.
ماذا تنفع إن كان المسيحيّون، كما جميع اللبنانيّين، يُذلّون انتظاراً على محطات المحروقات، وبحثاً عن دواء وعن حليب، وبعضهم عن لقمةٍ تسدّ جوعاً؟
لن تجتمع، سيّدي الرئيس، عائلتك حولك لتحتفل معك كما كانت تفعل، في عيد الأب. هي لم تجتمع منذ فترةٍ طويلة. حتى من أطلق عليك صفة "بيّ الكلّ" بات في موقعٍ سياسيٍّ آخر. حقائق مؤلمة، ونخشى، فعلاً، أن يكون الآتي أعظم… لا عليك فقط، بل خصوصاً على لبنان.