يحيط الغموض والفتور بتحرّكات "حزب اللّه" في الانتخابات البلدية والاختيارية في بعلبك الهرمل، بعد أن كان سبّاقاً إلى تأليف اللوائح وتشكيلها ضمن بيئته الحاضنة، وتحضيراته التي تسبق الاستحقاق بأشهر، وانتظار باقي المكوّنات والأطراف، لا سيّما في المدن والبلدات التي تخاض فيها معارك شرسة نظراً لتركيبتها الطائفية والحزبية والعائلية.
لم يُظهِر "حزب اللّه" أي حراك تنظيمي مشابه لما كان عليه في الاستحقاقات السابقة منذ الحديث عن موعد الانتخابات. ولا تزال ماكيناته متوقفة. وتغيب اللقاءات والمشاورات مع العائلات والمكوّنات بمن فيهم حلفاء "الحزب"، الأمر الذي انعكس انتظاراً سلبياً لما سيقرّره "الحزب"، وأدّى إلى شبه شلل انتخابي، عدا الاجتماع الذي عقد على صعيد القيادة المركزية بين "حزب اللّه" وحركة "أمل" قبل أسابيع في بيروت، حيث تمّ الاتفاق خلاله بين الطرفين على خوض الاستحقاق كما جرت العادة، مبنيّاً على تقاسم الأعضاء ورئاسة المجلس البلدي وفق ما تحدّده شعبية وجمهور كل طرف.
تقول مصادر متابعة لـ"نداء الوطن" إن "تردّد الحزب في الإعلان عن خارطة الطريق التي سيسلكها مردّه إلى الوضع الأمني المضطرب على الحدود الجنوبية وانهماكه في التحدّيات الإقليمية والداخلية التي تواجهه، والخسائر التي تعرّض لها، إضافة إلى تحضيرات تشييع الأمينين العامّين السيّد نصرالله والسيّد صفي الدين، وصولاً إلى التكاليف المالية الباهظة التي تتطلّبها الانتخابات والدعم المالي المباشر للحلفاء، في وقتٍ يفضّل استكمال ملف تعويضات الحرب التي تأخرت أسابيع، بعد توقّف "القرض الحسن" عن دفعها لأسباب تقنية، ربطها البعض بأزمة مالية يتعرّض لها الحزب".
وتضيف المصادر أن "التوازنات الداخلية والتحالفات التقليدية للحزب قد تكون في مرحلة إعادة تقييم، ولطالما شكّلت الانتخابات البلدية اختباراً للعلاقة مع الحلفاء، وحتى الآن الصورة لا تزال غير واضحة، وقد يكون ذلك خياراً تكتيكياً للحزب بانتظار ترتيب الأوراق. وفيما يسود التفاهم بين الثنائي، يفتح بعض الحلفاء كحزب "البعث" ورغم ما وصل إليه بعد سقوط النظام في سوريا، باب النقاش مع حزب اللّه على عدد من المقاعد في بعض البلدات البقاعية وحقّه في التمثيل ضمن المجالس البلدية ربطاً بأعداد محازبيه ومناصريه".
وفيما يعتمد "الحزب" استراتيجية الانتظار، تسأل عائلات وفاعليات بقاعية عن الطريقة التي سيتعاطى فيها مع الانتخابات عند وقوعها، وخصوصاً في المدن الكبرى والبلدات كمدينة بعلبك وغيرها، وإذا ما كان سيعود لتقسيم ولاية المجلس البلدي بين العائلات الكبرى إرضاءً لها، ولضمان بقاء تأييدها له، أم أن المتغيرات التي حصلت خلال الأشهر السابقة ستدفع بـ "الحزب" إلى تفضيل الإنماء على المحاصصة العائلية، ويلاقي اللامركزية الإدارية التي ستكون ضمن دائرة التنفيذ للحكومة الحالية.
فشل البلديات وغياب الإنماء في عدد كبير من بلدات محافظة بعلبك الهرمل، جعلاها محط انتقادٍ ومطالبات بتغيّر الذهنية التي يتمّ التعاطي فيها مع الاستحقاقات المحلية، وتركها للعائلات والعشائر لاختيار الأكفأ والأنجح، والقادر على النهوض بالمدن والقرى ووضعها على سكة التنمية والتطوير، لا وفق الحسابات الحزبية وجوائز الترضية للمحازبين والموالين. فتجارب تقسيم ولاية المجلس البلدي ثلاث سنوات لكل عائلة سواء في مدينة بعلبك، وصولاً لبدعة السنتين لكل عائلة في بلدات أخرى، أثبتت فشلها في عملية النهوض والارتقاء بالعمل البلدي، وبدلاً من الوصول إلى الازدهار، بقيت الأمور عند الانكسار وتقديم الطاعة للمسؤولين لنيل الرضى.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك