بدأ إعلان اللوائح الانتخابية يرسم الاتجاهات السياسية المقبلة على الساحة الداخلية بصرف النظر عن البرامج الإنتخابية المعلنة، والتي لن تشكّل الأساس للخيارات والإصطفافات المقبلة في برلمان 2018، حتى أن البارز كان في الساعات الماضية التحوّل اللافت في الخطاب السياسي لرئيس الحكومة سعد الحريري، والذي أعاد استحضار مناسبات خلافية في الشارع من خلال الحديث عن السابع من أيار، وهو ما اعتبرته مصادر وزارية في كتلة بارزة، شكلاً من أشكال التموضع الجديد على الساحة السياسية، ولكن غير مؤثر على الحراك الإنتخابي الذي انطلق بعيداً عن الواقع السياسي وخارطة التحالفات داخل الحكومة.
ووفق هذه المصادر، فإن نتائج الخطاب الجديد والتصعيدي لرئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري، لن يؤدي إلى نتائج على قدر تطلّعات قيادته، ذلك أن التفاهمات التي نسجها رئيس الحكومة منذ تشرين الثاني الماضي، وأزمته السابقة مع المملكة العربية السعودية، قد جعلت من خياراته في مكان مختلف عن المكان الذي ينطلق منه اليوم في خطابه الهادف إلى شدّ العصب في الشارع السنّي بعدما تحوّل المشهد الإنتخابي فيه بشكل لافت على أثر حركة الإنسحابات التي تسجل في الأيام الماضية انطلاقاً من بيت الوسط تحديداً.
وفي هذا الإطار، فإن التبدّل الذي يسعى تيار "المستقبل" إلى تظهيره اليوم في الحملات الإنتخابية، وفي العناوين التي يرفعها رئيس الحكومة مع إطلاق لوائحه بشكل رسمي، والذي يتزامن، كما تقول المصادر نفسها، مع تحوّل في التعاطي السعودي مع الرئيس الحريري من خلال التراجع عن دعم خصومه في المعركة الإنتخابية الراهنة، يستند إلى معادلة سياسية جديدة هي إنتخابية في الدرجة الأولى، ولن تستمر في مرحلة ما بعد الإنتخابات النيابية التي ستشكل محطة لتوثيق التحالف السياسي ما بين رئيس الحكومة ومكوّنات السلطة، وعلى رأسها فريق "التيار الوطني الحر".
أما نقطة الإرتكاز في هذه المعادلة الجديدة، فتقول المصادر الوزارية، أنها الإستمرار في الحكومة، وفي التعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وذلك على قاعدة سياسية تتناغم والأحجام التي ستفرزها الإنتخابات المقبلة، والتي ستحول دون تشكيل كتل وازنة تسمح بالسيطرة على القرار النيابي، أو بتعطيل هذا القرار بأي طريقة، وبالتالي، فإن المصادر الوزارية ذاتها، توقعت أن تسجل خروقات لافتة في لوائح "المستقبل"، وذلك بصرف النظر عن كل تحالفاته المستجدة وخطابه الإنتخابي المتشدّد مذهبياً، خصوصاً وأنه لم يتمكن من ترجمة حلفه الوثيق مع "التيار الوطني الحر" في منطقة حسّاسة هي دائرة بعلبك - الهرمل، حيث كان التعاون ما بين "القوات اللبنانية" و"المستقبل" هو الأقوى .
وعلى مسافة أسابيع معدودة من الإستحقاق الإنتخابي، توقّعت مصادر قريبة من تيار المستقبل، أن تكرّس الإنتخابات تيار "المستقبل" التيار الأبرز والأقوى في الشارع السنّي ومن دون أي شريك أو منافس، وإنما الواقع قد لا يتطابق مع التطلّعات من حيث الحماسة لدى الناخبين في بيروت أو الشمال أو البقاع أو صيدا، وذلك بنتيجة تراجع التأييد، والناتج عن الأزمات الإجتماعية المتزايدة والخيبة الناجمة عن فشل الوصول إلى إقرار قانون العفو العام. وبالتالي، فقد وجدت المصادر نفسها، أن الصورة في كواليس تيار "المستقبل" لا تشبه الصورة العلنية أمام الجمهور نتيجة تلمّس المسؤولين لصعوبة زرع الحماسة لدى الشارع، والذي يبدو حتى الساعة وكأنه يتعاطى بفتور واضح مع الحملات الهادفة إلى تجييشه عبر خطاب تصعيدي، وإنما مرحلي وانتخابي كون التحالفات السياسية تبقى أقوى من الشعارات الإنتخابية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك