تشهد إيران موجة غير مسبوقة من الغضب الشعبي بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الذي كان أحد أبرز حلفاء طهران في المنطقة. وبينما كانت إيران تعتمد على نظام الأسد لدعم نفوذها الإقليمي، فإن انهياره المفاجئ خلال أيام قليلة ألقى بظلال ثقيلة على الساحة السياسية الإيرانية، حيث تصاعدت الانتقادات حتى من داخل الأوساط المحافظة التي طالما دعمت النظام.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الانتقادات طالت القيادة الإيرانية بشأن استثمارها المفرط في دعم الأسد خلال 13 عامًا من الحرب السورية. وكشف نائب إيراني سابق أن طهران أنفقت ما يقارب 30 مليار دولار لدعم النظام السوري، مشيرًا إلى أن هذه الأموال أُهدرت بلا طائل، ما أثار غضبًا واسعًا، خاصة بين أسر الجنود الإيرانيين الذين فقدوا حياتهم في الحرب.
رغم محاولات النظام الإيراني قمع الانتقادات، إلا أن أصواتًا بارزة داخل إيران بدأت تتحدى هذه السياسة. علي رضا مكرامي، وهو مقاتل سابق في سوريا، نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي انتقادًا لاذعًا قال فيه: "لماذا أنفقتم مليارات الدولارات من أموال النفط التي تعود للشعب الإيراني على نظام لم يُعر اهتمامًا لتحذيراتكم؟".
كما أشارت الصحف الإيرانية إلى ما وصفته بـ"الإخفاق الكارثي" للسياسة الإيرانية في سوريا، داعية إلى إعادة النظر في استراتيجية طهران الإقليمية.
خلال العقود الأربعة الماضية، شكلت سوريا محورًا أساسيًا في استراتيجية إيران الإقليمية، حيث اعتُمد عليها كمعبر رئيسي لنقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان وكقاعدة لتمكين الميليشيات المدعومة من إيران في المنطقة. ومع ذلك، فإن السقوط السريع لنظام الأسد دفع قادة الحرس الثوري إلى وصف الحدث بأنه "سقوط جدار برلين" لمحور المقاومة، حيث خسروا كل ما بنوه خلال أكثر من عقد في غضون أيام قليلة.
في خطاب له، وصف المرشد الأعلى علي خامنئي الانتقادات العلنية بأنها "جريمة"، مشيرًا إلى أن ما حدث في سوريا كان جزءًا من خطة أميركية-إسرائيلية. ومع ذلك، فإن هذا التبرير لم ينجح في تهدئة الغضب المتزايد بين الإيرانيين الذين يرون أن مواردهم استُنزفت في مغامرات إقليمية لم تحقق شيئًا للشعب.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك