لفت المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، إلى أن حجم الإنفاق في لبنان “يصل الى 24 ألف و800 مليار ليرة، وإذا كنا غير قادرين على التعاطي مع هذا الإنفاق بشكل يؤدي إلى تقلصه، فنحن بحاجة الى إيرادات جديدة والتي لا يمكن الا ان تكون إما ضرائب أو مديونية إضافية”.
وأضاف بيفاني في حديث اذاعي عن موازنة العام 2017 “إذا قلنا ان الضرائب غير جيدة للنمو، فإن الدين غير جيد أبدا للنمو. وإذا قلنا ان الضرائب ستؤدي إلى امتعاض المواطنين فإن الدين سيؤدي الى امتعاضهم في ما بعد عندما يلحظون تأثيراته عليهم. لذا فإن الضرائب أفضل من الدين لأن الأخير سيصيب كل الطبقات بشكل عشوائي، كما أنه سيصيب الأجيال الحاضرة والقادمة… الحل يجب ان يكون منطقيا”.
وتابع: “السؤال الذي يطرح هو كيف يمكن تقليص العجز بالمالية العامة بإجراءات تستهدف المصروف المرتفع جدا، وأيضاً بإجراءات تؤمن الدخل من دون ان تؤثر على الطبقات التي لا تتحمل المزيد من الأعباء؟. وأريد الإشارة هنا إلى اننا في كل سنة نقوم بتوظيف 3 أو 4 آلاف موظف جديد في القطاع العام، لذا فإن هذه كتلة رواتب وأجور تكبر، بالإضافة إلى كتلة التقديمات وتعويضات نهاية الخدمة، وفي الوقت نفسه خدمة الدين ترتفع لأن الدين العام يرتفع في كل عام مع مفعول زمني معين، بالإضافة إلى التحويلات لكهرباء لبنان والتي ليست بقليلة. الثلاث قضايا هذه تؤدي الى إرتفاع المصروف بشكل كبير مع انفاق استثماري متدن جدا، بالمقارنة مع حاجات لبنان من البنى التحتية وشبكات الأمان الإجتماعي، ما يعني ان هناك إجراءات يجب ان نتخذها إزاء عملية إدارة الطاقة البشرية في الدولة، وأخرى إزاء ارتفاع المديونية المستمر، وبالتأكيد اتخاذ ما يجب من اجراءات لتقليص عجز كهرباء لبنان”.
وردا على سؤال عن الخطوات الإصلاحية التي يجب اتخاذها قبل فرض الضرائب، قال: “الأساس اليوم هو الدخول بمرحلة الإصلاحات البنيوية في الموازنة، والتي هي أولا اصلاحات في آلية الإنفاق، وهذا أمر يجب ان نبدأ العمل به في أسرع وقت”، مردفا “لا يجب ان ننسى ان أساس وجود موازنة العام 2017 هو إعادة إقرار الموازنات في لبنان، وهو المسار القانوني الدستوري الطبيعي لتعود الأمور على سكتها الصحيحة… الإنفاق منذ العام 2005 ارتفع من 10 مليارات إلى 24 ألفا و800 مليار ليرة”.
وعن التوجه الأقتصادي “غير الواضح” في الموازنة قال: “ان الدولة اللبنانية لديها مشكلة في ترجمة توجهاتها بالموازنات، وهو أمر معلوم منذ عشرات السنين، لأن دولتنا ليست دولة تحكمها الأكثرية بمواجهة أقلية، بل إنها دولة فيها كل الأطراف ممثلة في المؤسسات نفسها، ومن ضمنها مجلس الوزراء الذي يقر الموازنة قبل احالتها إلى مجلس النواب. وعندما يكون الوضع كذلك، فإن وضع الأولويات الإقتصادية يكون أصعب بكثير من حالة الأكثرية والأقلية مع برنامج معين، أي ان الخلل في التركيبة، وذلك تتم ترجمته بعمليات تنفيذ المشاريع الإستثمارية التي تستدعي الوضوح في الأولويات”.
وردا على سؤال عن عن خفض الإنفاق الإستثماري في الموازنة، أشار الى أن “الحديث عن الموازنة لايزال موجودا في مجلس الوزراء والكثير من القضايا لم يتم البت بها بعد، لذلك لا يمكن الحديث عن شكل الموازنة. نحن نعيش في نظام، مجلس الوزراء هو من يضع فيه اللمسات الأخيرة على الموازنة، وبالتالي لا يمكننا البت بشأن التوجه النهائي والمضمون”.
وأضاف: “ليس هناك تأثير إيجابي للضريبة على القطاعات بالتأكيد، فاقتطاع مبلغ من أي قطاع ليس بالأمر الإيجابي. ولكن الأساس هو في خيار الضرائب وخيار القطاعات التي ستُفرض عليها، لأننا اذا لم نختر الضرائب فإننا نصيب المجتمع ككل بالمديونية الأعلى”.
وقال: “لا شك، الفساد منتشر في البلد وتكلفته عالية على الإقتصاد والمالية العامة، لا أحد يعلم كم هي تكلفته بالضبط، ولكن نحن نتكلم عن موازنة هنا. لا يمكننا ان نضع بندا في الموازنة يقول: حذف الفساد من مؤسسات الدولة اللبنانية”.
وعن التهرب الضريبي، أوضح انه “يرتفع وينخفض في البلد بحسب المرحلة وبحسب الممارسة”، مضيفا “في الوقت الحاضر، التهرب الضريبي موجود ولكن بمرحلة متوسطة، أي ليس بمرحلة الفلتان ولا بمرحلة الإلتزام التام. ومن الضروري ان يتم البت بسرعة في الحالات التي يتم إحالتها الى القضاء”. وذكر ان “هناك قطاعات باتت فيها مؤسسات وهمية تسترد الضريبة على القيمة المضافة من دون أي حق او وجود”، كاشفا ان “وحدات وزارة المالية حققت بشكل جدي في هذا الأمر، وأرسلت الملفات إلى النيابة العامة، لكن لم يبت بها حتى الآن، والوزير اليوم يطالب في كتاباته إلى النيابة بالإسراع في البت بهذه الأمور لأن الوقت يكلفنا المزيد من الأموال المختلسة”.
وعن الآلية التي سيتم اتباعها لتخطي مسألة قطع الحساب وإقرار الموازنة، أوضح بيفاني أنه “لم يتم البت بالآلية بعد، ومن المفترض ان يتم هذا الأمر في الأيام المقبلة، ولكن بالتأكيد ان الربط بين الموازنة وقطع الحساب هو نص دستوري يقول ان الموازنة (مثال: 2017) يتم نشرها بعد إقرار قطع الحساب عامين الى الوراء (2015)”.
وأضاف: “منذ عشرات السنين لم يكن للجمهورية اللبنانية قطع حساب صحيح، ما معناه أننا دائما كنا في وضع مخالف للدستور، أي ان موازنة 2017 ليست حالة فريدة، لطالما كان يتم اقرار موازنات من دون ان يكون قطع الحساب جاهزا. أما اليوم فبتنا قريبين جدا في وزارة المالية من ان يصبح قطع الحساب لدينا جاهزا، لأننا ومن أصل 11 حسابا أساسيا نعيد تكوينها منذ العام 1993، أنجزنا 9 وبقي اثنان نعمل عليهما حاليا. وبإنجاز هذا العمل البنيوي والتأسيسي الذي أشرف على نهايته، سنخرج من مخالفة دستورية مزمنة”.
وعن وحدة إدارة الدين العام في وزارة المالية والتحسن الذي شهدته، أكد ان التحسن “حدث بشكل لافت جدا”، مضيفا “بدأنا العمل في هذه المديرية في العام 2012، مع العلم ان مشروع قانون انشاء هذه المديرية أنجزته في العام 2003، ومنذ ان بدأنا العمل بات لدينا ثلاث خطط متوسطة الآجال لإدارة الدين العام وهذا أمر لم يقم به أحد من قبل. ومن ناحية الإصدارات والأسعار والآجال، فتحسن الوضع بشكل لافت جدا”.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك