صرّح رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس ما يلي، إثر إجتماع دعت إليه الجمعية وشاركت فيه كافة أطياف المجتمع التجاري اللبناني، من جمعيات ونقابات ولجان أسواق وفعاليات ورجال أعمال وأصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة ومجموعات تجارية كبرى:
"اليوم وصلنا الى المرحلة التى لا تُحمد عقباها. اليوم طفح الكيل، وباتت كل مؤسسة من مؤسساتنا تشعر بالتهديد المُميت. فمنذ سنوات، بدأت أرقام أعمالنا تتهاوى، ونشاط الأسواق يتلاشى، والحركة تتراجع، وبقينا صامدين.
البعض منّا شهد تدهوراً بلغ الـ ٦٠ % وأكثر في نشاط مؤسساته، لكنه ظل صامداً ومتأملاً بتحسّن الوضع، في حين وجد نفسه البعض الآخر مكرهاً الى الإقفال وتسريح موظفيه، هؤلاء الموظفين الذين جاؤوا ليضخّموا حجم البطالة وأعداد العاطلين عن العمل.
كيف لا، وأعداد النازحين كانت تتكاثر دون حسيب ولا رقيب، ومنهم القوى العاملة التى باتت تنافس اللبناني في سوق العمل وفي لقمة عيشه، وبدل أن تُصرف المهيات التى يجنيها هؤلاء في الداخل اللبناني، نراها تُرسل الى عوائلهم وأقاربهم في البلاد المجاورة، في الحين الذى شهدت الأسر اللبنانية قدرتها الشرائية تتبخّر يوماً بعد يوم ولم يعد بإمكانها تأمين حتى أبسط حاجاتها المعيشية.
وفي المقابل، رأينا المعابر غير الشرعية تتكاثر وتنتشر، والتهريب يتفاقم والمهرّبين يزدهرون، غير سائلين لا عن ضريبة ولا عن جمارك ولا عن إلتزامات مصرفية ولا ضمان إجتماعي ولا ولا ولا، في حين أن التاجر الشريف يلوي وينوء تحت وطأة الأعباء والإلتزامات والإستحقاقات.
وجاء زمن الإنتخابات النيابية، ومعها فرصة المواقف الشعبوية والوعود الفضفاضة لتجميع الأصوات وصفوف المناصرين، وأقدمت الطبقة السياسية على إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وهي الحق المكتسب والمشروع لكل فرد من موظفي الدولة، إنما من دون أن يكون لهذه الدولة الموارد لتأمينها وتغطيتها.
وكان الإستسهال في الحلول بإقرار سلّة مشؤومة من الضرائب والرسوم الجديدة التى زادت الطين بلّة، وكبّلت المواطنين وقدرتهم على الإستهلاك، وأوصلت الأسواق الى حالة شبه شلل وعلى حافة الهاوية، وبات التجار مهددين في ملاءاتهم المالية.
وكان الفصل يتلو الآخر، جاذباً معه حادثاً أمنياً من هنا وصراعاً حكومياً من هناك، موتّراً الأجواء في البلاد ورادعاً الراغبين من مغتربين لبنانيين ومن سوّاح أجانب وخليجيين عن زيارة لبنان وإنعاش أسواقه وقطاعاته المختلفة.
وطوال هذه الفترة، شهد الإقتصاد تراجعاً في النمو بوتيرة متسارعة الى أن أصبح أنكماشاً، في غياب أي إجراءات أو خطوات عملية من شأنها أن تشجّع الإستثمار الشافي، الداخلي منه أو الخارجي، وإمتنعت الجهات الدولية المانحة عن المبادرة إلى تقديم أي دعم لإعادة تنشيط الإقتصاد اللبناني، في غياب أي برامج أو خطوات حكومية
مطمئنة.
مطمئنة.
إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم: لا بيع ولا شراء ولا دفع ولا قبض، ولا تجديد في المخزون، وبالتالي تقنين وأزمات تموين، ولا تلبية لإحتياجاتنا من سيولة أو تحويلات أو عملة أجنبية، فإقفال مؤسسات وتسريح موظفين - أو على الأقل إقتطاع في المرتّبات، وتخلّف عن التمويل للمورّدين وفقدان ثقة معمرّة للتاجر اللبناني، وعجز في القدرة على تسديد الضرائب والمتوجّبات الرسمية إلى أجلٍ غير مسمّى، وتدهور في قيمة الليرة وفي القدرة الشرائية، ولا بصيص أمل في الأفق...
عليه، وبعد أن أجمع الحضور على أن الصبر قد نفد والأحوال وصلت إلى قطع تام في الأرزاق، تقرّر:
1- تبنّي الموقف الذي إتخذه رئيس جمعية تجار بيروت خلال إجتماع الهيئات الإقتصادية البارحة.
2- الإستجابة الكاملة لدعوة الهيئات إلى إضراب عام وإقفال تام، وذلك أيام الخميس والجمعة والسبت 28 و29 و30 تشرين الثاني الجاري.
3- التمنّي على مختلف مكوّنات الجسم التجاري، من جمعيات ولجان أسواق ونقابات تجارية، الإلتزام مع كافة أعضائها ومنتسبيها مع هذه المبادرة، بما أن القطاع التجاري هو العمود الفقري والعصب الحي للحياة الإقتصادية الوطنية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك