هل نحن عملياً أمام تسوية إقليمية - دولية جديدة، تُعيدنا الى المكوث تحت مظلّة "النشّ"، المسمّاة منذ نحو ثلاث سنوات، مظلّة الحماية الدولية للبنان؟
فمدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، وعلى غرار من سبقوه من مبعوثين أميركيين أو دوليين، ما كان ليكلّف نفسه عناء القدوم الى لبنان من أجل القيام بزيارات فقط. ولا يُمكن توصيف أي زيارة دولية على أنها إستطلاعية فقط، لا سيّما أن بعض المعطيات تقول إن الأميركيين كلّفوا الفرنسيّين بالدخول على خطّ الأزمة اللبنانية، وإن جولة فارنو اللبنانية تأتي من هذا الباب.
اليمن بات تحت مظلّة "اتّفاق الرياض"، الذي تمّ بين الحكومة اليمنية من جهة، والمجلس الإنتقالي الجنوبي من جهة أخرى، برعاية السعودية، وهو ما يُمكنه أن يشكّل بداية لإنهاء حرب اليمن. فضلاً عن أن الفرنسيّين يحافظون على خطوط الحوار مع الإيرانيّين، ولا سيّما بعدما رفعت طهران مستوى تخصيب الأورانيوم، في الآونة الأخيرة، في منعطف خطير لخرق "الإتفاق النووي" الموقّع عام 2015.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبّر الأسبوع الماضي عن قلقه الفعلي من الخطوة الإيرانية، مؤكداً أنه يتواصل مع الأميركيين في ما يتعلّق بالملف الإيراني.
فهل نضجت تسوية دولية جديدة مع إيران، تضع شوارع لبنان والعراق الملتهبة، على طاولة المفاوضات، بعد توقيع "أتّفاق الرياض"؟ وماذا يُمكن لتلك التسوية أن تكون؟ وما هو تاريخ صلاحيتها؟ وما هي كلفة خرقها المتوقّع من قِبَل الإيرانيين، وأذرعهم في المنطقة، (ولا سيّما "حزب الله")، الذين يدخلون التسويات ويخرجون منها، مثل من يعمل على حياكة سجادة عجميّة؟
فارنو تواصل مع "حزب الله" في لبنان، وتحدّث عن ضرورة الفصل ما بين التوتّرات الإقليمية من جهة، وسيادة لبنان من جهة أخرى. فهل نحن أمام فصل جديد، من كلام فرنسي بلسان أميركي، وآذان إيرانية تسمع (وتوافق دون أن تلتزم مستقبلاً بالضرورة)، وبمباركة اليد الروسية؟؟؟...
شدّد مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى على أنه "لا يزال مبكراً جداً أن يتمّ الحديث عن تسوية إقليمية - دولية، يكون لبنان والعراق من ضمنها، في الوقت الراهن".
وأوضح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" بأن "التسويات المتعلّقة باليمن، والتي أدّت الى توقيع "اتّفاق الرياض" مؤخّراً. بالإضافة الى الحديث عن مساعٍ للتقريب بين السعودية وقطر، كلّها بدأ العمل عليها منذ وقت طويل جداً، سبق اندلاع الإحتجاجات الشعبية في لبنان والعراق".
وشرح:"لبنان لا يزال في المراحل الأولى من المسار الذي يتمّ فيه حالياً، ويختلف وضعه عمّا هو موجود في المنطقة عموماً، لأن الصّراع الحالي فيه يتركّز بمشكلة موجودة بين الشعب والسلطة الحاكمة، رغم أن التأثيرات الأميركية والإيرانية المعروفة موجودة. وبالتالي، التشابُه الوحيد في الشرق الأوسط حالياً، يُمكن إيجاده بين ما يحصل في لبنان من جهة، والعراق من جهة أخرى، فقط".
وأكد المصدر أن فارنو "لم يحمل معه إلا ما تحدّث عنه في مؤتمره الصّحافي أمس، تحديداً. أما المساعي الداخلية للحلّ، فهي موجودة، ولكنّها ليست في مكانها. وهي تشبه من يريد الذّهاب شمالاً فيما يستخدم طريق الجنوب".
وأضاف:"الحلول المطروحة اليوم من خلال تسمية الصفدي لترؤس الحكومة الجديدة، لا تتجاوب مع مطالب الإنتفاضة الشعبية، ولا حتى مع مطالب الناس الذين لم يشاركوا بها، في الشارع. وبالتالي، كيف يُمكن تشكيل حكومة تكافح الفساد، فيما رئيسها هو شخص فاسد، رفضه الشعب قبل أن يتكلّم؟".
وتابع:"لدينا الكثير من الحلول الداخلية التي تُطرَح، ولكنها غير رصينة، ولا تتجاوب مع ما يحتاجه البلد منذ ما قبل اندلاع ثورة 17 تشرين الأول. فمطالب الإنتفاضة الشعبية هي في الواقع مطالب المجتمع الدولي، منذ ما قبل 17 تشرين الأول. ورغم ذلك، لا نجد أي استجابة لها، وسط اتصالات دولية تحصل بالفعل، ولكنها غير جديّة".
وختم:"الإتّصالات الجديّة تتعلّق بالأميركيين الذين لم يدخلوا على الخط الى الآن. وهم لن يدخلوا المشهد، إلا إذا تمّ البحث جدياً بموضوع مصير "حزب الله" في لبنان. وهذه هي النّقطة الأهمّ في النهاية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك