لم يكن توقيع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وسفير فرنسا برونو فوشيه، إتفاقية شراكة من أجل إعطاء منحتين إضافيتين لكهنة موارنة لنيل شهادة الماجستير أو الدكتوراه في اللاهوت من جامعات فرنسا، حدثاً عابراً إذ له دلالات تتخطّى الإطار التعليمي البحت.
من وجهة نظر بكركي، فإن علاقات لبنان مع كل دول العالم يجب أن تكون جيدة وممتازة، ويجب ألا يعادي لبنان دولة معينة أو يصطفّ إلى جانب دولة أخرى.
وترى بكركي أن لعبة الدخول في سياسة المحاور جلبت الأذى للبنان على مرّ السنوات الماضية، وبالتالي فإن مصطلح "النأي بالنفس" هو مصطلح جيّد لكنه يجب أن يتطوّر نحو الحياد الإيجابي. وتدعو كل الأطراف المحلية الى استغلال علاقاتها الطيبة مع دول الجوار من أجل مصلحة لبنان وليس من أجل تحقيق مصالح داخلية والإستقواء بها على الأفرقاء الآخرين، لأن هذه البلاد لا تُحكم إلا بالتوافق.
وفي السياق، تأتي خطوة فرنسا الأخيرة بمبادرة من الرئيس ماكرون بمنح منحتين، وهذا الأمر ترك أصداء إيجابية في أروقة الصرح البطريركي.
وتوضح بكركي أن هذه الخطوة تدلّ على عمق العلاقات بين فرنسا والكنيسة المارونية، وهذه العلاقات كما وصفها الرئيس السابق فرنسوا هولاند هي من التراث الفرنسي، وبالتالي ما يقوم به ماكرون يكمل عمل أسلافه في حرصه على العلاقات التي نشأت منذ زمن بعيد.
وفي هذا الإطار، تفاخر بكركي أنها تستعمل علاقاتها المميزة مع فرنسا لخدمة المصلحة اللبنانية العليا وليس لخدمة الطائفة المارونية فقط. وتشرح بأن ما تقوم به فرنسا هو دائماً لخدمة لبنان، فقد قامت أخيراً بمؤتمر سيدر1 الذي يعوّل عليه من أجل تحقيق الإنقاذ الإقتصادي، لكن المسؤولين في لبنان ينسون هذا الأمر ويدخلون في خلافات لا تنتهي وينسون أو يتناسون أن عليهم القيام بإصلاحات كبرى من أجل الحصول على أموال "سيدر".
وفي السياق، ترى بكركي أن ما تقوم به فرنسا أو بعض الجهات الخارجية يذهب أدراج الرياح إذا لم يترافق بجهد داخلي مكثّف من أجل الولوج في عملية الإنقاذ، وبالتالي فإن هذا الأمر يجب أن يدفع المسؤولين إلى القيام بخطوات جبّارة لأن الإنهيار لن يرحم أحداً.
وتراهن بكركي على دور فرنسي معين في قضيّة النازحين السوريين، وهي ترى أن باريس يمكنها أن تلعب هذا الدور بالتنسيق مع دول اخرى، وقد شرح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للسفير الفرنسي خطورة هذا الأمر على التركيبة اللبنانية، وبالتالي فإنه بحاجة إلى حلّ جذري، ويجب عدم إنتظار الحلّ السياسي في سوريا وإتفاق الدول الكبرى على هذا الأمر، لأنه يبدو ان لا حلّ يلوح في الأفق حتى الساعة.
ولا ترى بكركي ضرورة لتدخّل "أي دولة مهما بلغت علاقاتنا بها في الشؤون الداخلية، فعلينا أن نكون أسياد أنفسنا، لكن المؤسف أن بعض أهل السياسة في لبنان يستجلبون الدعم الخارجي لتحقيق أهداف سياسية وتحقيق أكبر قدر من المكاسب". وتؤكّد أن "التواصل مع باريس مستمرّ خصوصاً في القضايا الحساسة التي تهمّ لبنان، والتنسيق مستمرّ في بعض الملفات"، وتتمنّى أن ترى ماكرون قريباً في لبنان، لكنها تعلم أن الرئيس الفرنسي لن يزور لبنان قبل تحقيق أي إنجار وخصوصاً في ما يتعلّق بمؤتمر "سيدر"، إذ إن الرئيس الفرنسي يربط زيارته للبنان بتحقيق الإنجازات.
ومن هذا المنطلق، فإن لبنان مدعوّ إلى احترام التزاماته الدولية وهذا ما يشدّد عليه البطريرك الراعي في عظاته، حيث يعتبر أن الاساس هو وقف الهدر والفساد والسرقة، ويصل إلى حدّ المطالبة باستبدال الطبقة السياسية الحالية بطبقة جديدة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك