نظمت منسقيّة تيار "المستقبل"في البقاع الغربي وراشيا بالتعاون مع بلدية المرج لقاءً حواريًا سياسيًا مع النائب السابق مصطفى علوش تحت عنوان "لبنان في وجه العاصفة "، وذلك بحضور وزير الإعلام جمال جراح ونائبي كتلة "المستقبل" محمد القرعاوي وهنري شديد، ومستشار رئيس الحكومة لشؤون البقاع الغربي علي الحاج والوزير السابق محمد رحال والنواب السابقين أمين وهبي وانطوان سعد وناصر نصرالله، وقائمقامي البقاع الغربي وراشيا وسام نسبيه ونبيل المصري ومنسق تيار "المستقبل" في البقاع الغربي علي صفية، ورئيس بلدية المرج منور جراح وحشد من رؤساء بلديات ومخاتير وفعاليات المنطقة، وقدّمها وأدارها منسق شؤون الإعلام في منسقية البقاع الغربي وراشيا خالد صالح.
بعد النشيد الوطني أكد صالح أنه بعد مرور قرن كامل من الزمن على ولادة هذه الأحجية المستعصية على الفهم التي اسمها لبنان، ومراحل مختلفة عاشتها هذه الأحجية من دون القدرة على سبر أغوارها، تساءل هل ينطبق علينا حقًا التوصيف المثالي "وطن"؟ أم نحن مجرد جمهور، يلتف هنا ويتشتت هناك، يجتمع هنا ويتفرق هناك، يتفق هنا ويختلف هناك؟".
وقال: "قرن كامل من السنوات والانعطافات السياسية تتكاثر علينا كالفطريات، وفشلنا في إنتاج صورة حقيقية عن ماهيتنا، حتى آل بنا المطاف نحو مزيد من إجتراح الحلول العقيمة لبلورة فكرة "الدولة"، إلى أن ظهرت تلك القامة العربية الكبيرة، والتي لا يليق بي قط، أن أضعها في قالب "اللبنانية" حصرًا، عنيت بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وأضاف: "لبنان في وجه العاصفة، ومتى لم يكن لبنان في عينها؟ ومتى لم يكن هذا الوطن الباحث عن طوق النجاة في خضم صراعات الآخرين؟ لبنان اليوم وكأنه يسير على شفا هاوية حادة، أو في حقل ألغام بشكل مثير للتساؤلات، أي مسار نخطوه نحو الإستقرار في ظل إنعدام التوازن الداخلي؟ وأي رؤيا لهذا الوطن في ظل تجاذبات اقتصادية واجتماعية وسياسية حادة، وصراع إعلامي "زنديق" يفتح أمامنا "كوة الجحيم"، الوحيد الذي يشرع صدره للريح ليقف في وجه الإنزلاق نحو الأتون المرير دولة الرئيس سعد الحريري".
ثم تحدث رئيس بلدية المرج منور جراح مرحبًا بعلوش "القامة المستقبلية الفكرية السياسيةط، معتبرا ان "الإلتفاف حول الرئيس سعد الحريري هو طريق الخلاص، وتوجه بالشكر للوزير الجراح الذي يقف بجانب اهله في كل المناسبات وبتحية عرفان لكل وزراء ونواب تيار المستقبل في المنطقة الذين لم يبخلوا بقطرة عرق واحدة في سبيل خدمة البقاع وأهله".
ثم تحدث مصطفى علوش فقدم استعراضا للأحداث سواء على الساحة المحلية او الإقليمية، معتبرًا ان لبنان في وجه العاصفة فعليا منذ حرب الخليج الثانية وقبل وصول الرئيس الشهيد رفيق الحريري للحكم في لبنان، لانه منذ ذلك التاريخ بدأ الصراع الفعلي بين المشروع الإقتصادي ومشروع ولاية الفقيه.
وقال: "لنقف الآن معًا في لحظات بماهية الشعارات أو التاريخ أو الدين أو حتى اللغة أحيانا التي تجمعنا في هذا البلد، ولنفكر بذاكرة جماعية عن عدو او صديق أو طاغية أو رفيق... وهل اتفقنا على العلم والألوان والأرزة ؟ الأصل فينيقي أم عربي؟ ديانات ومذاهب وطوائف؟ عثمانية أم سفربلك وعيد الشهداء؟ صليبيين أم مماليك، محمد علي باشا أم الباب العالي، حروب طائفية أم حماية الثورة الفلسطينية، عائلة الأسد طغاة أم أتقياء؟ وحتى يومنا المجيد في الرابع عشر من آذار 2005 يوم اجتمع معظمنا ورددنا شعارات واحدة بصوت واحد وتحت علم واحد نصرة لدم شهيد واحد اختزل الذاكرة اللبنانية، عدنا بسرعة البرق للاختلاف على كل شيء".
وأضاف: "مررنا بانعطافات تاريخية كبرى من حرب الـ58 التي أدت إلى انتخاب فؤاد شهاب ثم المنعطف الثاني بعد الانقلاب الفاشل للحزب القومي السوري إلى اتفاق القاهرة ثم الحرب الأهلية وصولًا للعام 1979 تاريخ دخول رفيق الحريري للحياة العامة في لبنان، الذي رأى في التعليم المدخل الأهم لتحسين الفرص الاقتصادية للأفراد وللفئات المحرومة وهذا ما سيؤدي للتخفيف من أسباب التوتر ويؤمن الاستقرار".
وتابع: "الانعطافة الكبرى كانت مع اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الأهلية لكنه لم يرجع السلطة إلى مركزيتها إلا بشكل هامشي لبقاء ميليشيا "حزب الله" على سلاحها وحرية حركتها من جهة ولممارسة النظام السوري سلطة الوصاية على الحياة السياسية بمجملها، وحده الرئيس الحريري كان يعلم جزءًا من قواعد اللعبة وتوازناتها الإقليمية بعد انهيار جدار برلين ونهاية الحرب الباردة وانتصار الرأسمالية وبعد حرب عاصفة الصحراء لتحرير الكويت، احداث أدت إلى إعادة توكيل سوريا حافظ الأسد بشؤون لبنان على أساس اتفاق الطائف".
وقال علوش: " كان يعلم الرئيس الشهيد منذ البداية اصلاك الحال في لبنان من دون استدراج نظام الأسد نحو مخطط فتح الأسواق والقبول بمنطق تحرير الاقتصاد في سوريا تدريجيا وهذا سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى تطوير الواقع السياسي باتجاه المزيد من الحرية للمواطنين على مختلف المستويات، لكن هذه الفلسفة التي تربط حرية الاقتصاد بالحرية السياسية لم تكن خافية على حافظ الأسد العالم بهزالة الاقتصاد السوري وواعيا ان حرية السوق المفتوحة ستؤدي إلى نشأة مراكز قوى جديدة على حساب الأمر الواقع الذي جعله رئيسا إلى الابد على سوريا وحاكما مطلقا على لبنان".
وأردف: " فشلت محاولات الرئيس الشهيد بإصلاح البنية الإدارية في الدولة لاسيما بعد فشل طرد حوالى 350 موظفا بملفات فساد واضحة بضغط سياسب شرس من حرس النظام القديم وفشلت لاحقا كل محاولات إصلاح الإدارات وتطويرها تحت شعارات حماية الأرزاق والطبقة العاملة من الرأسمالية المتوحشة والتي كان يقصد بها مشروع رفيق الحريري، وفشلت أيضا اولى محاولات حصر استعمال السلاح بيد الدولة بعد رفض مشروع نشر الجيش في الجنوب، ورغم ذلك شهد لبنان نموًا اقتصاديا سريعًا أدى إلى رفع الناتج القومي وتحسنت بشكل مضطرد أحوال الناس".
وقال: " اما الانعطافة الكبرى فأتت مع عملية البرجين في نيويورك وما تبعها من تداعيات غيرت وجه العالم وبرزت شائعات عن مشروع " هلال شيعي" يقسم العالم الإسلامي وينقل دائرة الصراع إلى قلبه لإضعافه ولتسهيل السيطرة عليه يعني ضرب التطرف الديني العشوائي بتطرف آخر منظم، وحاول الرئيس الشهيد في عواصم القرار الأوروبية إبراز خطورة هذا الأمر على الأمن والسلم العالميين ويحاول طرح مشاريع حوار وتفاهم بين قوى الإنفتاح الإسلامية وبين الغرب بدل مشاريع المواجهة المفتوحة التي أطلق عليها " صراع الحضارات " لأنه كان يؤمن أن قوى الخير هي المنتصرة دائما مهما كانت العقبات".
ولفت إلى أنّه "حينها أعتقد ان خيار اغتيال رفيق الحريري أصبح قيد التداول والسبب لم يكن الاقتصاد بل كان الدور السياسي الذي كان موكلا به لادارة مواجهة مشروع الصراع المذهبي الذي كانت الإدارة الأميركية تسعى إليه بالتفاهم مع مشروع ولاية الفقيه، حينها لم يكن الود قائما مع إميل لحود ولاحقا مع بشار الأسد، ثم جاء احتلال العراق والتغيرات الهائلة في موازين القوى التي فتحت أبواب المنطقة بشكل كامل أمام إيران وبدء الحديث عن الهلال الشيعي، وحاول حينها اظهار خطورة هذا الأمر للعالم، لأنه سيدخل المنطقة والعالم في صراع جديد غير محسوب العواقب وسيضع مليار مسلم سني في مواجهة مباشرة مع المشروع وداعميه لهذا بات رفيق الحريري هدفا لثلاثة مشاريع: الأول من قبل أتباع الأسد في لبنان لما يشكله من خطورة على مشروع استخراج الأرباح في السلطة، الثاني كان نظام الأسد لما يشكله من خطورة على تأييد السيطرة على لبنان ولوجوده في معسكر عربي دولي مختلف عما يريده، والثالث كان هدفا لمنظومة ولاية الفقيه لضرب دور الحريري ودوره العربي والدولي وهي تعيق هذا المشروع. لهذا كانت محطة 14 شباط 2005 اللحظة التاريخية التي أدخلت لبنان في العاصفة ولم يزل".
وختم علوش: "نرى اليوم بوادر فشل المشروع الإقليمي الإيراني بدأت تتوضح شيئا فشيئا من العراق وانتفاضته المتجددة إلى سوريا والهيمنة الروسية على حساب إيران، مضافا إليها العقوبات المتصاعدة عليها، وما علينا إلا الصبر لنرى انقشاع العاصفة، وانقشاعها قد يكون من خلال تسويات تاريخية إقليمية على أسس جديدة او صراع أعنف تتبعه تسويات، لهذا لا يمكن عقد وطني جديد في لبنان من دون كارثة تحل بالميليشيات التابعة لإيران ".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك