في مؤتمره الصحافي الأخير، هاجم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بعنف أفرقاء السلطة، متهما إياهم بالفشل في إدارة البلاد، ومجددا الدعوة إلى تشكيل حكومة اختصاصيين. على أن أهم ما جاء على لسان الجميل يكمن في تحذيره من قمع الناس المتألمين عندما يعبرون عن سخطهم إزاء واقع اجتماعي مرير قادتهم إليه خيارات خاطئة وآن أوان مواجهتها بما هو أبعد من وسائل التواصل الاجتماعي وربما أفعل، أي الشارع. قد يقول قائل إن رئيس الكتائب أطلق مواقفه المعهودة التي يمكن أن يبررها تموضعه السياسي في معسكر المعارضة، التي لطالما حذرت مما سماها الجميل الكوارث. غير أن المقربين منه يقاربون الأمور من منظار مختلف، معتبرين أن كلام رئيس الكتائب حدد سقف المواجهة التي باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، لأن ما عاد للناس ما قد يخسرونه، علما أنهم على يقين بأن يوم رحيل هذه الحكومة آت لا محالة.
وفي السياق، أكد نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ في حديث لـ "المركزية" أن "المعركة اليوم باتت فعلا واحدة، لأننا بتنا في خضم معركة حريات، ومعركة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تماما كما هي معركة المواطنة التي يخوضها مواطنون مقهورون يبحثون عن حقوقهم المدنية والاقتصادية والاجتماعية".
غير أن الصايغ أشار، في المقابل، إلى أن "الصورة الراهنة في البلاد قد تفيد بأننا أمام استحالة الخروج من صندوق باندورا"، شارحا أن "في الأمس القريب، كان لا يزال في إمكاننا الغرق في الكلام السياسي، أي الكلام عن معسكر موال وآخر معارض، لكن الضغوط (التي مارستها منظومة الحكم) خلطت كل الأوراق والأولويات بفعل انهيارات "قطاعية متزامنة"، معتبرا أن هذا المشهد يحتم عدم تقاذف المسؤوليات لأن هناك مسؤولية جماعية يتحملها المشاركون في السلطة. فحري بهم المبادرة إلى تنفيذ الاصلاحات الموجودة والمعروفة، والتي لا نفهم أسباب التأخر في وضعها على سكة التنفيذ، عل الأمور توضع فعلا على طريق الانقاذ".
وشدد على أن "أفرقاء منظومة الحكم لا ينفكون يشترون الوقت، فيما المطلوب منهم اليوم قبل الغد يكمن في تغيير نهجهم وأدائهم لأن ثبت على مدى أكثر من ثلاثة أعوام، أنهم عاجزون عن الاقدام في مجال الاصلاحات، التي يشترطها المجتمع الدولي لمدنا بمساعدات سيدر".
وفي معرض تشريح ما انتهى إليه المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الكتائب الخميس الماضي، أوضح الصايغ أن الخلاصة الأولى تكمن في ضرورة الخروج من التحالفات والمواجهات السابقة (داخل الحكومة وخارجها على سبيل المثال)، لأن الأولويات باتت في مكان آخر"، معتبرا أن "من هذا المنطلق، يمكن تفسير سياسة مد اليد إلى الجميع"، مشددا على أن ترجمة ذلك آتية.
أما عن الخلاصة الثانية، فلفت إلى أنها "تكمن في التأكيد أن لا سقف لهذه المعركة الجديدة إلى جانب الناس لأن الأساس ليس إلا في ضرورة صون كرامة الانسان"، مستنكرا الرد من جانب أطراف "المنظومة الحاكمة"، والذي يحمل الشائعات ومطلقيها مسؤولية الأزمة الراهنة".
ولفت إلى أن الخلاصة الثالثة هي تلك القائمة على تحديد ما سماها الصايغ "خطوط التماس" بين المواطن والمنظومة التي تأكله وتأكل نفسها في الوقت نفسه، مشددا على أن حزب الكتائب الحاضر في كل التحركات الاجتماعية اللامركزية، يستعد لمرحلة جديدة من المواجهة، ومستهجنا "وضع الناس في تماس بين بعضهم البعض".
وفي ما يتعلق بالكلام عن ارتفاع منسوب المخاوف إزاء قمع الحريات في البلاد، أكد "أننا كنا في هذه المعركة في المراحل السابقة، ونحن لها اليوم لأن ممنوع أن يهدد المواطن في لقمة عيشه وحريته"، مشددا على أن "على المستوى السياسي، خياراتنا على الأرض مفتوحة، وندعو الجميع إلى التحرر من كل شيء والانضمام إلينا. علما أننا على يقين أن لحزة رحيل الحكومة الحالية آتية لا محالة لتأتي حكومة أخرى تنفذ سيدر وإصلاحاته، تماما كما أننا متأكدون أن لحظة الغضب الشعبية لن تبقى يتيمة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك