افتتحت ممثلة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية الدكتورة مي شدياق مؤتمر "تحديث إدارة التحول الرقمي: إنشاء اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات "CNIL لبنانية"، الذي نظمته كلية الهندسة في جامعة القديس يوسف والجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلومات (LITA) في مقر الجامعة - كلية العلوم الانسانية - قاعة بيار أبو خاطر، بحضور رئيس لجنة المعلوماتية والتكنولوجيا النيابية النائب نديم الجميل، الوزير السابق ابراهيم النجار، مستشارة رئيس الحكومة منسقة الاستراتيجية الوطنية لأمن الفضاء الإلكتروني الدكتورة لينا عويدات، ممثل رئيسة الهيئة الوطنية الفرنسية للمعلوماتية والحريات الدكتور برتران دو ماري، خبير مكافحة الإرهاب ممثل الاتحاد الأوروبي - الدعم النشط للاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني جيروم ريبولت-جيلارد، رئيس الجامعة اليسوعية الاب الدكتور سليم دكاش، رئيسة الشبكة الافريقية لسلطات حماية البيانات الشخصية مارغريت اوردراوغو، رئيسة الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلوماتية الدكتورة منى الاشقر جبور، وعدد كبير من الشخصيات القانونية والاكاديمية والفكرية والمختصين والطلاب.
بداية بالنشيد الوطني، ثم كلمة ترحيبية لمسؤولة التواصل والاعلام في الجامعة اليسوعية سينتيا غبريل، فعرض مصور عن الجامعة وكلياتها وحال التطور التي تشهدها لمواكبة التطور التكنولوجي.
وكانت كلمة لرئيسة الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلوماتية قالت فيها: "إن البيانات صارت متاحة في كل مكان في حال انفلاش غير مسبوقة: العلاج، الدواء، الاماكن الترفيهية، المكتب، البيت، الفنادق، المصارف، المستشفيات، المدارس، الجامعات، الادارات الرسمية، هواتف الاصدقاء وافراد العائلة، الشبكات الاجتماعية، المطارات، بطاقة الهوية، بطاقة المصرف، كاميرات المراقبة في الشوارع ومداخل المباني، التطبيقات الالكترونية، محركات البحث، السيارات، بطاقات السفر".
وتحدثت عن دور الجمعية في: "الحماية وآلية العمل حيث يتم الاتصال بالهيئة الوطنية لحماية البيانات ذات الطابع الشخصي والحريات، والتنسيق معها في المسائل المرتبطة بحماية الاشخاص من المعالجة الالية او اليدوية للبيانات ذات الطابع الشخصي.
الاشراف على التزام المؤسسة بأحكام القانون الحالي واصول حماية البيانات واعتماد المعايير والتوصيات الصادرة عن الهيئة.
موجب التدريب في الادارات العامة والخاصة على اصول وآليات الحماية".
بدوره، لفت دو ماري الى "عمق العلاقات اللبنانية الفرنسية وعراقتها على مختلف الصعد"، مشيرا الى أن "التعاون يكون لما فيه مصلحة البلدين، خصوصا أن هذه المسألة تتطرق الى موضوع الديموقراطية والحماية لها وللحريات الانسانية بكل أوجهها، فالتنوع الثقافي والتعددية يبرهن على عمق الديموقراطية في البلدين".
وقال: "نحن نحمل نفس القيم في الديموقراطية ومع التطور السريع في وسائل التكنولوجيا والمعلوماتية ودخولها الى كل مناحي حياتنا الشخصية والعامة ومع الثقة الكبيرة في كيفية حماية خصوصيات الانسان، يجب استعمال المسارات القانونية والاقتصادية التي تتيح حماية الحياة الشخصية أو الخصوصية الشخصية لكل انسان، ونأمل أن نتشارك معكم في نفس الرؤية والنظرة الفرنكوفونية والاوروبية من حقوق المراقبة والسماح لانتقال المعلومات واتقاء الاخطار التي تؤثر سلبا على استخدام التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة".
وقال رئيس الجامعة اليسوعية: "إن التطور التكنولوجي ونشر هذه التقنيات على أكبر عدد من الناس ينمو بسرعة غير مسبوقة في التاريخ، حيث يتم إدخال المفردات الرقمية أو التحول الرقمي بالإضافة إلى مصطلحات مثل البيانات الضخمة أو الواقع الافتراضي أو الذكاء الاصطناعي أو الإنترنت في المفردات اليومية".
وأضاف: "عندما نتحدث عن التحول الرقمي، لا يتعلق الأمر فقط بالابتكار التكنولوجي، ولا بالأدوات فقط، بل يتعلق بالعمليات والمؤسسات وأدائها وثقافتها، وكذلك البشر والعلاقات الإدارية، وبالتالي يتطلب منا أن نغير ليس فقط طريقتنا في القيام بالأشياء، ولكن أيضا وقبل كل شيء طريقة تفكيرنا. وإدراكا منها لأهمية التحول الرقمي في تنمية البلد، تدعم جامعة القديس يوسف في بيروت هذا التحول وتضع تكنولوجيا المعلومات في لب برامجها. وتعد الجامعة أيضا واحدة من الجهات الفاعلة الرئيسية في تشجيع الابتكار وتطوير الأفكار الإبداعية وخلق أوجه الدعم والشراكات الفكرية. لهذا الغرض أطلقت كلية الهندسة في الجامعة الماجستير في الأنظمة والشبكات: خيار الأمن السيبراني. كما نظمت وتواصل القيام بالتدريب المستمر وورش العمل والمؤتمرات، مثل هذا المؤتمر، حول تحديث الإدارة في عصر التحول الرقمي: إنشاء لجنة وطنية للمعلوماتية والحريات CNIL لبنانية، بهدف التفكير واقتراح مشاريع القوانين، وخدمة القوى الثلاث والمجتمع المدني".
وتابع: "إن موضوع هذا المؤتمر هو جوهر مهمة الجامعة لتدريب ليس فقط محترفين ممتازين، ولكن أيضا مواطنين محترمين. في الواقع، في ميثاق الجامعة اليسوعية، جميع أعضاء المجتمع الجامعي مدعوون للحفاظ على تطبيق القيم الاجتماعية والأخلاقية والروحية المختلفة مثل الحوار والاستماع والاحترام والتعددية الروح اللبنانية، والصدق، والحرية. أيضا، وفي ميثاق استخدام الإنترنت والشبكات الاجتماعية، تصر الجامعة على أن استخدام التكنولوجيات الجديدة يجب أن يحترم الحريات، حقوق الإنسان والخصوصية".
وقال: "إن اعتمادنا المتزايد على الإنترنت يخلق نقاط ضعف كبيرة تؤثر على خصوصيتنا. أصبحت مساحة الإنترنت بشكل متزايد موضوع تهديدات متطورة ومستهدفة من قبل مجرمي الإنترنت/المتسللين، الذين يعرفون جيدا كيفية استغلال نقاط الضعف في هذا الفضاء. يعد الأمن السيبراني وحماية البيانات حاليا من المشكلات الخطيرة التي تؤثر على خصوصية الأفراد، ولكن أيضا على الشركات. ومن هنا، تأتي أهمية إنشاء لجنة وطنية للمعلوماتية والحريات CNIL في لبنان، ووضع استراتيجية لأمن المعلومات والبيانات. هذا CNIL هو كيان مهمته التأكد من أن تكنولوجيا المعلومات في خدمة المواطن ولا تقوض الهوية الإنسانية أو حقوق الإنسان أو الحريات الفردية أو العامة. وإن مهمة وأهداف هذه اللجنة ستكون بشكل أساسي حماية الخصوصية والحريات والتحقق من أن أدوات الكمبيوتر لا تنتهك الحقوق الأساسية، ولا سيما الحياة الخاصة للأفراد وكرامتهم، والتي ليست كما هو الحال في الوقت الحاضر".
وأضاف: "هذه الأهداف ستكون: "مراقبة وضمان الامتثال لقانون حماية البيانات الشخصية من خلال التحكم في تطبيقات الكمبيوتر للتنظيم من خلال وضع قواعد مبسطة، بحيث تكون الحلول الأكثر شيوعا والأقل خطورة للحريات موضوعا لإجراءات مخففة لضمان حقوق الوصول والتأكد من أن إجراءات تنفيذ حق الوصول إلى البيانات الواردة في الحلول لا تعيق الممارسة الحرة لهذا الحق. وإبلاغ الناس بحقوقهم والتزاماتهم واقتراح التدابير التشريعية أو التنظيمية التي تراها مفيدة للحكومة".
وختم: "تم تنظيم هذا الحدث بالتعاون مع الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلومات LITA، وعمل هذا المؤتمر سوف يعزز تبادل الخبرات الناجحة بين المشاركين. وستساعد المناقشات على توطيد حوار أكثر إيجابية بين مسؤولي القطاعين العام والخاص. على أمل أن يشكل العمل والتوصيات ركيزة ومساهمة مهمة من أجل التطوير الجيد للانتقال الرقمي ولحماية الأفراد والشركات".
أما شدياق فقالت: "نحتاج بقوة الى حكومة رقمية فعالة ومفيدة بدون اصلاح اداري. وأنتم بالتحديد قادرون أن تلعبوا دورا أساسيا في الاصلاح، فالتجارب الأكادمية المكتسبة تستطيع حتما افادة القطاع العام. لا أخفي عليكم أبدا أننا نواجه صعوبات كبيرة في القطاع العام، تحتاج الى فعل مقاومة للخروج من السبات العميق. بطء شديد في انجاز المعاملات، عدم ترابط وتفاعل قيما بين الكثير من الادارات، عدم تسهيل حركة القطاع الخاص في القطاع العام، عدم امكانية ملاحقة المعاملات الكترونيا ما يلزم المواطن زيارة الادارة أحيانا عدة مرات. كل هذه الأمور تصعب حياة المواطن، والموظف، وتستنزف القطاع الخاص، وتعرقل تحرير القطاع العام كي يكون داعما للقطاع الخاص لا عائقا له".
وأضافت: "نحن في وزارة التنمية الادارية، ومن خلال استراتيجية التحول الرقمي والخطة التنفيذية لها التي قدمناها للجنة الوزارية لاقرارها، عددنا الأمور التي يجب القيام بها بأسرع وقت ممكن، كي نخرج الادارة من السجن الذي تتقوقع فيه، كي تصبح ادارة الكترونية، رشيقة وسريعة. سيؤمن اقرار الاستراتيجية سهولة رصد التمويل من الجهات المانحة، فمكننة الدولة "مش حبة وحبتين". حان الوقت لمكننة الدولة وتحويل اقتصادنا الى اقتصاد رقمي، والاستفادة من الخبرات الدولية أساسية جدا في هذا الخصوص. ولقد استطعنا من خلال متابعتنا الدائمة ولقاءاتنا مع مسؤولين في دول عدة من أن نوقع حتى الآن مذكرتي تفاهم حول الحكومة الرقمية مع كل من المملكة المتحدة واستونيا، وهما تعدان دولتين رائدتين في مجال الحكومة الرقمية".
وتابعت: "إن الوصول الى الحكومة الرقمية والاقتصاد الرقمي سيسهل العمل في عدة قطاعات، وسأعدد بعض الأمثلة منها:
1. القطاع الصحي والاستشفائي، فبدل أن يتعذب المواطن لتحصيل أمواله من الصناديق الضمانة ووزارة الصحة، وبدل أن تتعذب الصيدليات في الموضوع نفسه، أليس من الطبيعي مثلا ربط كل هذه القطاعات مع بعضها البعض ومع المواطن لتسهيل حياة الجميع؟
2. قطاع البناء، هل تعلمون مدى صعوبة الحصول على رخص للبناء وكمية الأوراق المطلوبة لهذا الأمر؟ نطمئنكم أننا بدأنا في وزارة التنمية الادارية رصد الاموال لمشروع تبسيط الإجراءات للحصول على رخص البناء ومكننة العملية بأكملها مما سيساعد في تسريع الحصول على الرخصة وتسهيل الأمر على قطاع الهندسة. هذا المشروع سيربط نقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس، بالشؤون العقارية في وزارة المالية، والتنظيم المدني في وزارة الأشغال، بمديرية البلديات في وزارة الداخلية والبلديات.
3. ولخلق بيئة استثمارية ايجابية وتحفيزية للقطاع الخاص، بدأنا بمشروع مكننة السجل التجاري، الذي يربط أيضا عدة ادارات ببعضها البعض، ما سيسهل تسجيل الشركات في السجل التجاري وأمورا أخرى رديفة هذه بعض الأمثلة القليلة، التحول الرقمي سيساعد في تطوير القطاع التربوي أيضا، والقطاع الصناعي خصوصا من خلال مكننة ترخيص انشاء المصانع".
وقالت: "باختصار، للوصول الى التحول الرقمي بشكل فعال، نحتاج أيضا الى اعادة هيكلة للادارات العامة، وسنلعب دورا أساسيا في هذا المضمار أيضا. فالمكننة من دون اعادة هيكلة وتحديث الادارة، يعني تعقيد حياة المواطن وتعذيبه هذه المرة الكترونيا بدل تعذيبه وجها الى وجه. لذا، فإن ترابط حلقات الحل والتطوير أمر لا بد منه. البلد لم يعد يحتمل، والمماطلة مرفوضة مرفوضة مرفوضة. الاصلاحات المقترحة لموازنة 2020 هي الأساس، ومحاولة الهروب منها جريمة تضاف الى الجرائم التي ترتكب بحق الوطن وما أكثرها. العملية الحسابية للموازنة أساسية، لكنها لا تلمس جوهر الواقع الحالي".
وختمت: "ختاما، كلمة لطلاب جامعة القديس يوسف ولكل طلاب لبنان: انغماسكم في النشاط السياسي ضروري، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة في لبنان، ونشاطكم يعبر عن اندفاعكم وحبكم للوطن ولو اختلفت الرؤية بين بعضكم البعض. لكن غياب الأخلاق والرقي في السياسة يدمر رسالتها الأساسية. لذا، أعطوا صورة جديدة عن الشباب اللبناني لا تعكس ما يحاول البعض رسمه عنكم".
بعد ذلك، عقدت طاولة نقاش مستديرة شارك فيها الجميل والنجار وعويدات ودو ماري.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك