قليلة هي العهود التي كانت علاقتها طيبة بدار المختارة، منذ عهد الرئيس بشارة الخوري مرورا بعهد الرئيس كميل شمعون وصولا الى عهد الرئيس إميل لحود. ويروى ان كمال جنبلاط قال في احدى المناسبات وعلى مسمع احد الرؤساء وفي لحظة دقيقة من عهده "نحن من قلنا لهذا كن فكان وقلنا لذاك زل فزال".
فصناعة الرؤساء كانت المختارة طوال تاريخ لبنان احد مطابخها الرئيسة، الامر الذي لم يحصل في التسوية الرئاسية التي وصلت بالعماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية والرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة في ظل تحالف عريض كان فيه ايضا حزب الله والقوات اللبنانية.
سار النائب وليد جنبلاط بالتسوية وقدّم تسهيلات كبيرة لتشكيل الحكومة اعتبرها جمهوره بانها تنازلات، الا انه كان مصرّاً على توجيه رسالة واضحة انه الى جانب العهد رئاسةً وحكومة.
إيجابية جنبلاط تجاه العهد اهتزت اكثر من مرة، بدءا من قانون الانتخاب الذي استبعد عن غرفة إعداده المغلقة والتي كانت تقتصر فقط على فريقين او ثلاثة او اربعة وكادت ان تحرجه اكثر من ذلك بالتلويح بالذهاب الى التصويت على القانون في مجلس الوزراء، رغم استمراره بتوجيه الرسائل الايجابية وقبوله بالنسبية بعد معارضته لتطبيقها في ظل نظام طائفي.
مرة اخرى اهتزت العلاقة إبان التعيينات والتشكيلات القضائية والتي طاولت احيانا اشخاصا محددين، حتى ان جنبلاط لم يتردد بإخراج موضوع رئاسة الاركان الى العلن معترضا على تحجيمه واستبعاده.
فالعلاقة بين جنبلاط والقصر الجمهوري ليست في قطيعة لكنها ليست في احسن حالاتها، رغم لافتات الترحيب التي وضعها الحزب التقدمي الاشتراكي بالرئيس عون في طريقه الى المقر الصيفي في بيت الدين، التي لم تشهد هي بدورها على لقاء بين الرجلين بعدما درجت العادة في السابق على غير ذلك، ولم يذكر ان رئيسا وصل الى المقر الصيفي ولم يزر المختارة.
بدوره، اقتصرت زيارات جنبلاط الى القصر الجمهوري على الاستشارات لتشكيل الحكومة وجلسة الحوار.
ورغم ذلك كلّه، ورغم تصريحات الوزير جبران باسيل من رشميا حول مصالحة الجبل، التي يعتبرها جنبلاط احد اهم انجازاته في الحياة السياسية، كان الحزب التقدمي الاشتراكي حاضرا في استقبال باسيل في معاصر الشوف عشية مرور عام على انتخاب الرئيس عون، حيث قالها هذه المرة ملاطفا "المصالحة خط احمر".
هذه جردة حساب سريعة لعلاقة جنبلاط بالعهد في عامه الاول، بينما بدأت عناصر التسوية الرئاسية بالتفكك في ظل العلاقة الباردة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر من جهة او بين تيار المستقبل وحزب الله من جهة اخرى.
لحظة سياسية قد يكون اتقن جنبلاط التقاطها من خلال لقاء كليمنصو الذي جمعه وكلاً من بري وجنبلاط، والذي اعاد خلط الكثير من الاوراق وبعض رسائله شملت العهد ايضا.
واضح ان جنبلاط لا يريد رغم ملاحظاته الكبيرة خلق عداوة مع بعبدا سيورثها حتما الى نجله تيمور في ايار المقبل اذا حصلت الانتخابات في موعدها، فالعلاقة بين المختارة والعهد ستكون في عهدة "مايسترو" جديد في عامه الثاني هو تيمور جنبلاط.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك