رأت مصادر سياسية شيعية مستقلة، في تصريحات لـ"السياسة"، أن ما جرى في حي السلم لم يكن مفاجئاً وهو بمثابة الشرارة التي يمكن أن تتسبب باندلاع حريقٍ واسع في الكثير من المناطق التي يهيمن عليها "حزب الله" وأنصاره، خاصةً وأن هناك موجة من الغضب تعم عدداً من المناطق الشيعية وخاصةً الضاحية الجنوبية، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وازدياد التفلت الأمني، حيث تحولت هذه المنطقة إلى مرتعٍ للخارجين عن القانون الذين يقومون بارتكاب الموبقات دون قيام "حزب الله" الذي يسيطر على هذه المنطقة بمواجهتهم والتصدي لهم، بل أن بعض هؤلاء يرتكبون أفعالهم متسلحين بغطاء بعض النافذين في هذه المنطقة، دون الأخذ بعين الاعتبار لما قد يترتب عن أفعالهم، لأنهم يدركون أن أحداً لن يعاقبهم ويمنعهم من القيام بهذه الأفعال.
واستناداً إلى ما قالت المصادر، فإن هناك حالة قلق وخوف كبيرة في الأوساط الاقتصادية الشيعية في لبنان والاغتراب، من أن تُصاب بشظايا العقوبات الأميركية التي سيتم فرضها على إيران و"حزب الله" في الأيام القليلة المقبلة، سيما وأن ما سُرِّب عن هذه العقوبات، أشاع أجواء بلبلة لدى كبار المتمولين ورجال الأعمال في الطائفة الشيعية في لبنان وخارجه، من أن يدفعوا ثمناً باهظاً لما سيُفرض على "حزب الله" من عقوبات قاسية، لا يمكن التكهن بنتائجها، في ظل التوجه العربي والدولي لمحاصرة الحزب وخنقه مالياً واقتصادياً وتجفيف منابع تمويله، مع ما لذلك من انعكاسات بالغة الخطورة وإلى أقصى الحدود على لبنان وعلى اقتصاده، وهذا بالتأكيد لن ينجو منه كبار رجال الأعمال الشيعة الذين تتوزع دائرة نشاطاتهم المالية على طول مساحة الوطن العربي، وصولاً إلى القارات الخمس.
وترى الأوساط المستقلة الشيعية، أن تردي الأوضاع الاجتماعية والمعيشية لغالبية أبناء الطائفة الشيعية، كما هي الحال بالنسبة إلى سائر اللبنانيين، في مقابل مظاهر البحبوحة والثراء التي تبدو جليةً على الدائرين في فلك "حزب الله" والذين ينعمون بالمال الإيراني النظيف، أدت إلى تنامي النقمة على الحزب وقيادييه والتابعين له من عامة الناس، كما ظهر في انتفاضة حي السلم المرشحة لأن تنسحب على مناطق أخرى، إذا ما استمر "حزب الله" على سياسته الراهنة في تهميش معارضيه وكمّ أفواههم والسير بأجندة إيران، على حساب مصالح لبنان وشعبه، في حين يُفترض بـ"حزب الله" وقادته، أن يضعوا بعين الاعتبار مصالح لبنان أولاً وأخيراً، بعدما بلغ الاحتقان الداخلي ذروته، حيث أن السؤال الكبير لدى الشيعة وبقية الطوائف اللبنانية: ماذا يريد "حزب الله" وإلى أين يريد أن يأخذ لبنان؟ وهل من خلال سياسة العداء للأشقاء العرب ومن بينهم الخليجيون، نحمي لبنان ونصون سيادته وندافع عن مصالحه؟ وهل الارتماء في أحضان إيران ونظام الأسد، يؤمن للبنانيين مصالحهم ويصون بلدهم؟
ودعت المصادر "حزب الله" إلى التفكير ملياً بسياسته التي يعتمدها بناءً على تعليمات النظام الإيراني، خدمةً لمصالحه التي يريد من خلالها الهيمنة على الوطن العربي وهذا بالتأكيد سيضرب لبنان في الصميم وسيترك انعكاساته على الطائفة الشيعية المدعوة لأن تؤكد أكثر فأكثر اندماجها في مجتمعها العربي والإسلامي، لأن لا حياة لها خارجه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك