إنها القيادي الاخير في القوات اللبنانية التي يمكن ان تتوقع بأن يكون سببا لإشكال او صدام او خلاف مع اي من الفرقاء السياسيين، بعدما نجحت من خلال شخصيتها الدبلوماسية الانيقة طوال سنوات اعتقال الدكتور سمير جعجع بكسر الكثير من الحدود وبناء جسور تواصل والتقاء، الا ان ما حصل مع النائب ستريدا جعجع مع "الزغرتاوية" ينطبق عليه المثل القائل بأن "غلطة الشاطر بألف".
"زلّة" غير مقصودة، ربما، الا ان المقربين العارفين لشخصيتها يؤكدون انها كذلك، خصوصا وان الصورة الجامعة لجعجع ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ربما باتت قريبة جدا لطيّ آخر صفحات الذاكرة الاليمة بين بشري وإهدن، ولاستكمال استراتيجية القوات القائمة على "صفر مشاكل" مع الجميع.
وبالجرأة نفسها التي تميز تصريحاتها عادة، اعتذرت النائب جعجع من اهالي زغرتا، التي ما وفّرت فرصة الا وحاولت ان تكسب نقاطا ايجابية في سجل القوات القادمة من اقصاء سنوات طوال، ويسجل لها مدّ اليد الى حزب الله، ألدّ خصوم السياسة، في كلمة لها في مجلس النواب في آذار 2014 حيث قارنت بذكاء كبير بين شخصيتي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والدكتور جعجع، مستذكرة استشهاد هادي نصرالله بكل جلال ووقار، وربما كان الموقف الاول الذي يصدر عن القوات بهذه الايجابية تجاه حزب الله الذي يقف على الضفة الاخرى البعيدة جدا عن موقع معراب السياسي.
لكنها لم تكن اولى محطات العبور لجعجع بين ضفاف الوطن، فسبق وصافحت النائب وليد جنبلاط في العام 2005 ونالت توقيعه ونواب كتلته على العريضة المطالبة بالافراج عن زوجها، مكرسة مصالحة فريقين لم يتخاصما فحسب لا بل تقاتلا طويلا في حرب الجبل السوداء، وربما لو كان جعجع حاضرا شخصيا لما كانت طريق جنبلاط الى يسوع الملك بالسهولة نفسها.
وقد كان للنائب جعجع الجرأة على الحضور شخصيا وعلى رأس وفود كبيرة من القوات في المناسبات الاكثر وقعا في الوجدان الدرزي في الجبل لا سيما مأتمي المرجعين الروحيين الشيخ ابو حسن عارف حلاوي في الباروك في العام 2003 والشيخ ابو محمد جواد في بعقلين في العام 2012.
هذا وكانت جعجع قد حافظت على حضور "القوات" من خلال مشاركتها في لقاء قرنة شهوان في العام 2001 في ظل الوجود السوري في لبنان، وفي تحالف البريستول في العام 2005 لاحقا.
ليس دفاعا عن هذه السيدة التي أجبرتها القضية التي غيّرت إيقاع حياتها على التخلي عن بعض انوثتها لخوض غمار الحياة السياسية ومتاعبها، انما لان شريط مسيرتها يستحق ان نستعيده وهو الكفيل بإثبات "براءتها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك