بمشاركته أمس في حفل إطلاق المجلس التنسيقي السعودي - العراقي في الرياض، في حضور الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أظهر وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون مجددا، مدى حرص الادارة الجديدة في بلاده على تعزيز النفوذ السعودي في المنطقة، في مقابل تقليص الدور الايراني.
وقد اختصرت مواقفه هذا التوجّه حيث أعرب عن "دعم واشنطن القوي للتقارب السعودي - العراقي"، قبل ان يدعو "الفصائل الإيرانية" إلى مغادرة العراق، قائلاً "بما أن المعركة ضد تنظيم "داعش" شارفت على نهايتها، فإن على تلك الفصائل العودة إلى موطنها. على جميع المقاتلين الأجانب العودة إلى مواطنهم ويسمحوا للشعب العراقي باستعادة السيطرة". وقد دفعت هذه المواقف مكتب العبادي الى اصدار بيان اليوم اشار فيه الى استغرابه لتصريحات تيلرسون عن الحشد الشعبي. وذكر المكتب نقلاً عن مصدر مقرب من العبادي "لا يحق لأي جهة التدخل في الشأن العراقي".
وبعيدا من هذا الاعتراض الذي تعتبره "شكليّا لا أكثر"، تلفت مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ"المركزية" الى أن مباركة واشنطن "المصالحة" السعودية - العراقية وعودة المياه الى مجاريها بين البلدين، تأتي من باب اعتبار الادارة الاميركية أن هذه الخطوة تلاقي في الواقع، خطّتها لتطويق النفوذ الايراني، اذ من شأن التقارب بين الرياض وبغداد أن يقلّص من حجم تأثير طهران على مسار الامور في بلاد "ما بين النهرين"، ويعيد الاخيرة الى الحضن العربي مجددا.
وتقول المصادر ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب عازم على السير حتى النهاية في طريق محاربة التمدد الايراني في الاقليم. ففيما يستهدف أذرعَه العسكرية حيث قرر فرض عقوبات على الحرس الثوري الايراني للمرة الاولى ويستعد الكونغرس الاميركي لاقرار رزمة عقوبات جديدة على "حزب الله" لتجفيف منابع تمويله، يكثّف الرئيس الاميركي أيضا الجهود لإبعاد طهران عن التسوية الكبرى التي يتم رسمها حاليا (بين موسكو وواشنطن) لأزمات المنطقة، أو لتقليص حصّتها فيها، الى حدودها الدنيا.
ويترافق الحزم الاميركي هذا مع عودة سعودية قوية الى الساحتين الاقليمية والدولية، بدفع ليس فقط من واشنطن انما من موسكو أيضا. فالقمة "التاريخية" التي عقدت في موسكو وجمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل السعودي، أسست لشراكة بين الجانبين للتعاون في حل أكثر من ملف اقليمي، كأزمات سوريا والعراق واليمن.
ومع ان الكرملين سارع الى التطمين الى ان هذه القمة لا تستهدف أيا من الدول الاقليمية، تتابع المصادر، الا انه من الصعب إنكار أن مفاعيلها، شبيهة الى حد كبير بمفاعيل زيارة الرئيس ترامب الى الرياض، حيث ستعزز الدور السعودي في المنطقة وفي تسوية نزاعاتها، على حساب الدور الايراني.
في المقابل، تبدو طهران عازمة على مواجهة المحاولات الدولية - الاقليمية لتطويقها. فقد أشاد الرئيس الايراني حسن روحاني اليوم بمكانة بلاده في الشرق الاوسط محذرا في الوقت نفسه من مخاطر الانقسامات السياسية الداخلية. وأشار في كلمة بثها التلفزيون الرسمي الى ان "مكانة ايران في المنطقة اليوم اكبر من اي وقت مضى"، سائلا "هل من الممكن في العراق وسوريا ولبنان وشمال افريقيا والخليج الفارسي اتخاذ قرار حاسم من دون اخذ الموقف الايراني في الاعتبار"؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك