ينقسم لبنان بين شقّين متوازيين، وضع نقدي ومصرفي سليم يحظى بإشادة تُوِّجت أمس بتكريم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتصدّره لائحة أفضل حكام بنوك مركزية في العالم الذين تميّزوا بنيلهم درجةA المرموقة، والشق الثاني وضع مالي يعاني من غياب الإرادة السياسية في الإصلاح وتذليل المعوقات.
وفيما تنعقد الدورة الثامنة للمؤتمر المشترك لاتحاد المصارف العربية والبنك الفيديرالي الأميركي في نيويورك، يعود أعضاء من وفد لبنان الرسمي برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري إلى بيروت اليوم، والذي شارك في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث نقل الحاكم سلامة ارتياح الإدارة والمصارف الأميركية للأداء المصرفي اللبناني "ولم نشعر بأن أحداً يريد الأذى للبنان"، على حدّ تعبيره، علماً أن المراسيم التطبيقية للقوانين الجديدة المتعلقة بالعقوبات الأميركية على "حزب الله" لم تصدر بعد، على أن تتظهّر النسخة النهائية لقانون العقوبات عندما تحلّ في البيت الأبيض ويوقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصبح النصّ نهائياً، وقبل ذلك من الصعب جداً معرفة المضمون وما إذا كان سيوسّع من عقوبات القانون القائم أو غير ذلك.
غبريل: وفي هذا السياق، أكد رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس نسيب غبريل "حرص القطاع المصرفي في لبنان على سمعته وأدائه وشفافيته"، لافتاً إلى أن "عملية التواصل مع المصارف المراسلة مستمرة والحاكم سلامة يشجع دائماً المصارف اللبنانية على هذا التواصل، ليس مع تلك الموجودة في الولايات المتحدة وحسب، إنما أيضاً في أوروبا"، معتبراً ذلك من ضمن "الامتثال بشكل عام الذي يدخل في صورة القطاع وشفافيّته والثقة به، ولو لم تكن هذه الأخيرة قائمة والارتياح موجوداً لما توفّرت اليوم 169 مليار دولار ودائع تابعة للقطاع الخاص في المصارف التجارية، ولم يكن يستطيع القطاع المصرفي أن يسلّف 59 مليار دولار للقطاع الخاص و35 ملياراً للدولة، وأن يدعم قدرات مصرف لبنان من خلال الاحتياطي الإلزامي والودائع وشراء شهادات الإيداع، وأن يحافظ على مستوى مرتفع من السيولة بلغ 37 في المئة بحسب نسبة التسليفات إلى الودائع وهي من أفضل النِسب في العالم".
ولفت إلى أن "كل ذلك مرتبط بالثقة، ثقة المودعين بالمصارف اللبنانية وثقة المستثمرين في الأسهم كما المقترض أيضاَ"، مشيراً إلى "ارتفاع حدة المنافسة على السيولة في العالم وخصوصاً في المنطقة مع ارتفاع الفوائد في المصارف الخليجية، وفي الوقت ذاته منافسة البلدان على السيولة العالمية والإقليمية للاستدانة أو لزيادة ودائعها، ما يُظهر مدى استقرار القطاع المصرفي"، وتابع: من هنا يبقى أهم رأسمال للمصارف هو الثقة بإدارات المصارف ومجالسها، وبقدرة تواصل المودعين المغتربين مع المصارف بشكل مستمر وبسهولة لتلبية احتياجاتهم، إضافة إلى المقيمين في لبنان.
وأوضح غبريل أن "امتثال المصارف اللبنانية ليس محدوداً أو محصوراً بقانون العقوبات أو بموضوع مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، لأن مروحة الامتثال تشمل الامتثال بالمعايير المصرفية الدولية، والمحاسبة الدولية، والإدارة الرشيدة، والشفافية" وهذا كله استثمار في سمعة المصارف، بغضّ النظر عن العقوبات. كما أن خبرة المصارف في التعامل مع هذه القضايا أنتجت ثقة مرتفعة بها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك