كما تبدو الأجواء حتى الآن، فإن جلسة 31 الجاري ستقود العماد ميشال عون الى قصر بعبدا بعد 26 عاماً من خروجه منه إثر معركة 13 تشرين التي قادته بعد أشهر الى منفاه الباريسي.
26 عاماً فصلت بين مراحل عدّة تغيّرت خلالها أنماط تعامل عون والتيار "الوطني الحر" مع الملفات الداخلية والإقليمية. فما بين عامي 1990 و2005، اتخذ "الوطني الحر" صفة المقاومة السياسية والديبلوماسية للإحتلال السوري في لبنان. وبعد عودته عام 2005، أصبح عون صاحب أكبر كتلة نيابية مسيحية، أدّت الى تصادمه مع أطراف داخلية وتحالفات مع أطراف أخرى. وتغيّرت علاقاته مع دول إقليمية عدّة وفق تسارع الأحداث في المنطقة.
عام 2016، سيسجّل مرحلة جديدة للجنرال وتياره السياسي. فهو سيكون في قصر بعبدا رئيساً للجمهورية، وما كان يستطيع قوله أو فعله سابقاً كزعيم سياسي لشريحة معينة، لن يمكّنه الإستمرار به كزعيم وطني لجميع اللبنانيين.
مرحلة جديدة تنتظر التيار "الوطني" والجنرال عون بدأت ملامحها تظهر عبر التفاهمات الأخيرة التي ستقوده على ما يبدو الى قصر بعبدا. وهذه حال كل رئيس لديه تياراً أو تنظيماً سياسياً. فالرئيس بشير الجميل قبيل انتخابه رئيساً وقع في حيرة حول كيفية التعامل مع "القوات اللبنانية" بعد وصوله الى سدّة الرئاسة، بينما الوضع يكون أسهل لمن ليس لديه حزباً أو تياراً.
يشرح مسؤول الإعلام السياسي في التيار "الوطني الحر" حبيب يونس الواقع الجديد لـ "التيار" بعد وصول الجنرال عون الى قصر بعبدا، فيقول: أداء العماد عون كرئيس للجمهورية سيبقى نفسه، لكن دوره الجديد سيختلف عما كان سابقاً وهذا سينعكس بالطبع على الطريقة التي يطالب ويضغط بها. السلطة لن تكون كلها بيده وحده لكنه سيكون الحَكَم بين السلطات خصوصاً انه صاحب نهج معيّن!!. ويضيف في حديث الى وكالة "أخبار اليوم": بقدر ما تكون الحكومة منسجمة بقدر ما تعمل وتنفّذ وفق رؤية العماد عون التي سيقولها في خطاب القَسَم.
ويتابع: الجنرال عون في قصر بعبدا كرئيس سيعيد الهيبة والنظامية الى السلطة. ففي الفترات السابقة حصلت مخالفات كثيرة للدستور، وهذا الأمر سيعمل العماد عون على عدم السماح بتكراره، لأنه رجل مؤسسات ودستور، وسينعكس هذا الأمر بالتأكيد على الأداء العام للدولة. ونشدّد على أن أمور الرئيس تسهّل أكثر إذا اقتنع كل الأفرقاء بما يطرحه من أجل الوصول الى مرحلة منتظمة وقوية.
وعن كيفية تعامل عون كرئيس للجمهورية مع الملفات الإقليمية، يلفت يونس الى أن الجنرال كعقل استراتيجي وكشخصية وطنية، يعرف حقيقة الوضع اللبناني ومكوّناته، ولديه القدرة على النأي بلبنان، وليس تحييده، عن المشاكل الإقليمية. فالعماد عون لا يستطيع إلا أن يكون منفتحاً على الدول المحيطة بنا كلها، ورغم الأزمات سيعمل بحكمة وحوار داخلي لإنقاذ لبنان منها، ولديه المادة 52 التي يستطيع من خلالها إبرام المعاهدات، لكن على مستوى الأداء سنرى رؤيته للتعامل مع المشاكل الإقليمية المحيطة بنا التي تنعكس على الداخل اللبناني في خطاب القَسَم. ففي النهاية، يتوافق الجميع على أن الدولة ستكون حامية للجميع، وبوحدتنا الداخلية نستطيع التعامل مع المشاكل التي تأتينا من الخارج، وهذا ما يقوله هو.
وحول إمكانية دعوة عون الى طاولة حوار وطني عندما يصبح رئيساً للجمهورية، وانعكاس ذلك على العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، يؤكد يونس أن "العماد عون لا يسحب هذا الدور من بري. فالرئيس بري بغياب رئيس الجمهورية، وبحكم كونه السلطة الأعلى في تلك الفترة، تولى مبادرة الحوار. لكن إذا تشكلت حكومة تجمع كل مكوّنات وأطراف الحوار وكانت متجانسة في ايجاد الحلول المعقدة فلا لزوم لطاولة حوار. وإذا لم يحصل ذلك، فإن العماد عون سيكون صاحب المبادرة والرئيس بري كرجل مؤسسات يعرف تراتبية وهيكلية السلطة سيمتثل كما امتثل سابقاً بدعوات الحوار التي قام بها الرئيس السابق ميشال سليمان.
ونشدّد على أن الحوار هو حلّ دائم ومطلوب في دولة كلبنان تتألف من مكوّنات كثيرة وآراء متعددة.
وعن إمكانية إقامة تحالفات استراتيجية جديدة للتيار "الوطني الحر"، يؤكد يونس: "تحالفات التيار "الوطني" لم تكن يوماً بصفة ذاتية بل وطنية، وبتحالفاته يخدم الدولة. سنرى كيف ستنشأ الحكومة القادمة، وما هي التوازنات الجديدة ومن سيقاطع أو سيشارك، وبناء على ذلك سيدرس التيار "الوطني" خياراته، وهذا يحتاج الى وقت لتظهر الأمور جيداً. وكما كنّا ندعو سابقاً، ما زلنا ندعو الى تشكيل حكومة توافقية تضمّ الجميع.
وكالة "أخبار اليوم"
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك