* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان":
خطورة الوضع الإقليمي واضحة في الصراع الروسي- الغربي. ودقة الوضع اللبناني نابعة من ذلك. والرئاسة في مركب، شراعه ممزق غير قادر على الإبحار نحو الشاطىء، وانتشاله لا يتم إلا بسواعد اللبنانيين، وهم أهل السياسة المنقسمون بين فريق المرشح الواحد، وفريق المرشحين الاثنين، وبين انتخاب تتجاذبه عقدتا التعيين أو الديمقراطية.
كل هذا مطروح في المحافل السياسية، وثمة من هم محايدون يقولون إن على النواب جميعا، النزول إلى المجلس آخر هذا الشهر للعمل بوكالتهم عن الشعب، والإقتراع لمن يرضي الشعب.
نبقى في العاشر من محرم، لنشير إلى أن خطورة الوضع الإقليمي، كانت موضوع تأكيد من الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي قال إن هذا الوضع متجه إلى التصعيد.
وفي خرق محدود للمنحى التصعيدي في المنطقة، أعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن مفاوضات متعددة الأطراف السبت في لوزان السويسرية، بمشاركة روسيا وأميركا وتركيا والسعودية، وقد تنضم إليه قطر، لبحث وقف اطلاق النار في سوريا. وقد اختار لافروف شبكة "سي ان ان" الأميركية للادلاء بموقفه.
وفي العاشر من محرم أيضا، موقف للرئيس نبيه بري على لسان الوزير علي حسن خليل، الذي حذر من إعادة البعض الوضع المحلي إلى الوراء.
وفي الشأن الرئاسي، إنقسام بين سياسيين يقولون إن التصعيد يبعد الإنتخاب، وبين سياسيين آخرين يقولون إن ما يجري يحتاج إلى تفاهمات، مما يعني أن الرئيس بري عندما ينادي بالتفاهمات، فإنه ينطلق من توثيق هذه التفاهمات على طاولة الحوار، وليس بين شخص وآخر أو جهة وأخرى.
وما يثير الاستجهان، دعوة السيد نصرالله إلى التفاهم مع بري وفرنجية، واضعا الرجلين في مصاف جعجع والحريري لجهة عدم مونته عليهما. وذهب السيد حسن أبعد فدعا إلى فتح المجلس النيابي وإلى ضخ الحياة في الحكومة، ساحبا السجادة من تحت رجلي الجنرال الذي يتحضر لمزيد من التصلب مؤسساتيا ويعد العدة للشارع.
أكثر من ذلك، فباطلاق النار الكثيف على السعودية يكون السيد نصرالله يتعمد حرق أي مسعى رئاسي محتمل يقوده الرئيس الحريري مع الرياض، لأخذ ضوء أخضر في مسألة ترشيح العماد عون.
"التيار الوطني الحر"، في المقابل، يتعاطى ببرودة أعصاب غير معهودة مع تصرفات الحليف، ويعطي تفسيرات ومبررات لكل ما تقدم، مفضلا اللحاق بالحزب إلى باب الدار. لكن كواليس التيار لا تخفي مرارتها من هذا التعاطي، معتبرة ان العماد عون الذي قدم الغالي والنفيس للحزب لا يستحق هذا التخلي.
حركة "أمل" جددت العهد بكل عناوينه الجامعة، فأكدت وقائع مسيراتها من الضاحية الجنوبية إلى صور وبعلبك، انها أفواج تتمدد ولا تتوقف. في الشكل عروض رمزية لافتة للحركيين، وفي المضمون لغة حسينية توحد بين المسلمين، ولغة وطنية جامعة أكدتها الدعوات الحركية للتقارب بين اللبنانيين، فلا نفع للتفاهمات الثنائية ولا للاتفاقات الجانبية، كما قال معاون الرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، بل يجب الانطلاق من الدستور لصياغة تفاهم وطني عام مفتاحه قانون الانتخاب ويمهد لالغاء الطائفية.
الدعوات للتفاهم كانت ركيزة خطاب الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي ثبت موقف الحزب بالرئاسة، لكن انحيازه بدا واضحا لوجوب صياغة التفاهمات، هذا للداخل. وللخارج رسالتان، عين المقاومة على اسرائيل تأكيدا للجهوزية الدائمة ضد أي اعتداءات، ومضي في المعركة ضد الارهابيين من حدودنا الشرقية إلى الأراضي السورية.
تلك الأراضي كان يعزز فيها محور دمشق- طهران- موسكو تحالفه، بتقدمه الميداني. ومن هنا يأتي انطلاق الروس على خطين، زيادة الدعم والمؤازرة العسكرية المفتوحة للجيش العربي السوري والانفتاح على مفاوضات مع الأمركيين والسعوديين والأتراك في حال جرى تثبيتها نهائيا في لبنان، ما يعني ان موازين القوى الميدانية يترجم في السياسة بانتظار ما ستحمله نتائج اجتماعات نهاية الأسبوع.
لبنان أحيا المناسبة بما يناسب قيمتها عند من عاش كربلاء وما زال، فكرا وقولا وعملا. طافت الساحات من بيروت إلى البقاع ومن الجنوب إلى الشمال. وفي الضاحية، حضر حفيد الحسين بين الأمواج البشرية، من مجمع سيد الشهداء في تاسوعاء إلى باحة الامام الحسين في عاشوراء.
حضر الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله مستحضرا واقع امتنا النازف، من كربلاء الجديدة، أي اليمن الواقع تحت حرب الأحقاد الوهابية، التي لن تنتهي إلا بتمريغ أنف آل سعود بالتراب، إلى البحرين الصابرة حتى وصول الواقفين خلف ظلم شعبها إلى الهاوية.
فلسطين، قبلتنا الأولى، كانت وجه الخطاب، وسوريا والعراق فصله الحاسم بوجه الارهاب. أما الميدان اللبناني فلن تخليه المقاومة للاسرائيلي، كما أكد السيد نصرالله، وعينها كما على الحدود الجنوبية، كذلك على الحدود الشرقية بوجه الجماعات التكفيرية. وبعيدا عن النزاعات الاقليمية، أكد الأمين العام ل"حزب الله" على المسارات السياسية الايجابية في لبنان، مع التمسك بالثوابت الرئاسية، ودعوة الحكومة إلى العمل الدؤوب والجاد والاهتمام البالغ بملفات الناس.
أمين عام "حزب الله"، كان واضحا في تأييده ثلاثية عون- بري- الحريري. إذ أعاد تأكيد خياره الرئاسي الحاسم، مشددا على ضرورة تفاهم الجميع على إنضاج هذا الخيار، ومكررا انفتاحه على الحريري، وصولا إلى وصف خطوة زعيم "المستقبل" رئاسيا بالشجاعة. من دون أن ينسى السيد، إقفال الهلالات الرئاسية الماضية، بما يقتضي من وفاء وأخلاق مبدئية وسياسية.
والأهم، أن نصرالله حدد ما يشبه الجدول الزمني للتنفيذ. إذ أشار إلى أن كل كلام، قبل إعلان الحريري، لا جدوى منه، وأي كلام بعده لا لزوم له. من دون أن يعفي هذا التوصيف المعنيين بالاستحقاق، من التهيئة له عبر التفاهم والتشاور والتعاون.
مسار رئاسي يراد له ومنه أن يضمن ميثاق الشراكة، وأن يعيد بناء الدولة. دولة باتت تحتضر كل يوم، ويفتقدها كل مواطن، بدليل أن المؤتمن رسميا على الأمن، صار يشكل تهديدا للمواطنين.
الأفرقاء اللبنانيون قرأوا خطاب السيد نصرالله، لا سيما في شقه الرئاسي الداخلي، بما تشتهيه سفنهم. فيما الكل أمام مواعيد مفصلية ستحدد مسار الايجابيات أو السبيات في الشان الرئاسي، فالأحد المقبل يحيي "التيار الوطني الحر" ذكرى 13 تشرين، وقتها سيستمع الكل إلى سقف خطابه بدقة. فيما يرتبط الثلاثاء المقبل بموعد انتخاب هيئة مكتب المجلس النيابي واللجان النيابية، وحينها أيضا سيستمع الرئيس بري إلى المداولات، قبل ان يغادر لبنان إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي.
أما الرئيس الحريري الذي يزور السعودية، فيعتبر المقربون منه، انه قام بما عليه، فحرك مياه الرئاسة الراكدة، ونقل الكرة مجددا إلى ملعب 8 آذار التي إن صدقت لعملت على توحيد كلمتها حول اسم مرشحها الرئاسي.
في الملخص، عود على بدء، فاعلان الرئيس الحريري لترشيح العماد عون غير ظاهر في الأفق. وما بين اليوم والواحد والثلاثين من تشرين الأول أيام معدودة، ولعل السؤال الذي طرحه الوزير رشيد درباس لخص ما لم يجرؤ الآخرون على البوح به: هل تسقط التفاهمات ويعود الجمود حول رئاسة الجمهورية؟.
العاشر من محرم هو يوم رفع الظلم، ويتحقق معناه برفع القهر عن الدولة اللبنانية ومؤسساتها. المنطق الحسيني يكون بالدفاع عن المؤسسات الأمنية والعسكرية، بوجه الميليشيات الإيرانية وسرايا الفتنة التي تفرخ كل يوم وتذل اللبنانيين، من ضرب عناصر قوى الأمن في صيدا إلى إهانة بيروت برفع راية حزبية مكان علم لبنان على صخرة الروشة، وصولا إلى الجبل المهدد بسرايا جديدة تسرق من الدولة الجامعة آخر معانيها.
رفع الظلم يكون بتحرير الرئاسة من خاطفيها. العاشر من محرم هو يوم للعدالة وليس للمجرمين. هو يوم رفيق الحريري وسائر الشهداء الذين قتلوا غدرا وغيلة، بسيف الأمر الواقع على رقاب من قالوا لا للهيمنة الإيرانية وللجزمة السورية.
العاشر من محرم هو يوم للمظلومين وليس للظالمين، هو يوم اللبنانيين المقيمين في جمهورية الفراغ، بسبب "حزب الله" ومن خلفه ايران.
هو يوم لن ننجر إلى ما تريده إيران وأدواتها، كما قال الرئيس سعد الحريري في رده على أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله.
هو يوم الوقوف بوجه من يذبح أطفال سوريا ورجال اليمن واستقرار البحرين ومستقبل العراق، ويهدد بالفتنة أهل الكويت وقيادة السعودية، ويغذي الخلافات في غزة ورام الله.
وفي العاشر من محرم، نردد مع الإمام الحسين: ستنتصر دماء المظلومين على سيوف الظالمين.
في الكلام المباشر، عين على حدود لبنان وفلسطين المحتلة، وعين على الحدود الشمالية والحرب على التكفيريين، في الميدان السوري، اليد لا تزال على الزناد ولا يراهنن أحد على إضعافنا ماليا، ولا على تعبنا والنزيف لن يضعفنا، ونفتخر بشهدائنا مهما كبرت الأعداد.
أما في أم المصائب، فما قاله نصرالله بالأمس كرره اليوم في الملف الرئاسي، لكنه لا يصرف في حل الأزمة، وشيك الرئاسة سيبقى بلا رصيد، إلى أن يلتقي رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري الذي غادر إلى الرياض، أصحاب القرار في السعودية، ويسلم بعد ذلك سره لكتلته النيابية، وحينها يخرج الدخان الأبيض معلنا اسم الرئيس العتيد. وبغير القرار من أصحاب القرار، فإن حراك الحريري كمن يراوح مكانه وسيبقى واقفا عند الناصية السعودية ينتظر إسما ليعلنه. فإن عاد خالي الوفاض، فجلسة الواحد والثلاثين ستلحق بسابقاتها.
عن الحكومة، طالب السيد بتفعيل عملها والالتفات إلى قضايا الناس، وهو مطلب ينسحب على الحليف قبل الخصم. وإن كان التعبير في الشارع حقا، فالأحق ل"التيار الوطني" أن يخوض المعركة من داخل مجلس الوزراء لا بتعطيل شؤون الناس. أما الحقيقة المرة فهي في أن يخطو "التيار" أولى خطواته نحو الميثاقية، برفع الغطاء عن مجلس نواب غير شرعي، وأن يمتلك من الجرأة ما يكفي للاستقالة من مجلس مدد لنفسه مرتين ويسير على درب التمديد الثالث بسبعة عشر لغما على شكل قوانين انتخابية.
وفي المقام العاشورائي، مواقف لحركة أمل تظهرت في كلمة الوزير علي حسن خليل في المسيرة المركزية بمدينة صور.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك