كتب وليد حسين في "المدن":
قد يكون ارتفاع عدد الإصابات بكورونا ظرفياً وعادياً، بعد فتح المدارس وعودة الحياة إلى طبيعتها، وعدم اتخاذ الإجراءات الوقائية، في ظل عدم وصول نسبة التلقيح إلى مستويات مرتفعة. لكن ما يحصل في أوروبا من انتشار واسع للوباء استدعى الحذر في لبنان. منذ أكثر من أسبوعين عادت نسبة الفحوص الموجبة إلى التصاعد التدريجي. وهناك مدارس عدة في مختلف المناطق بدأت تلجأ إلى إقفال بعض الصفوف، جراء إصابة الطلاب. فهل سيشهد لبنان موجة وبائية جديدة، أما أن الأمر عادي ومرتبط بفتح المدارس، ويزول بعد مدة؟
لا يوجد جواب قطعي حول الواقع الحالي، كما يؤكد رئيس اللجنة التنفيذية للقاحات في وزارة الصحة، ورئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى القديس جاورجيوس، عيد عازار، لـ"المدن". ويقول: ربما نشهد موجة وبائية جديدة. حالياً يوجد ريبة من انتشار الوباء، ربما لا يكون ذا شأن، أو ربما يكون خطيراً. المسألة متعلقة بمدى انتشار متحور جديد في العالم لم يكتشف بعد. عدد الإصابات ما زال محتملاً إلى حد الساعة في لبنان، لكن في ظل وجود انتشار واسع في أوروبا وفي ظل حركة السفر، بدأنا ندق ناقوس الخطر. على المستوى الشخصي ألاحظ الأمر في المستشفى. كنا في حالة استقرار طوال المدة الفائتة. وفي ظرف 24 ساعة دخل 12 شخصاً للعلاج. وهذا مؤشر لوجود أمر ما. لكن من المبكر القول أن هناك تجدداً لموجة دلتا عند الذين لم يتلقوا اللقاح، أو أن هناك متحوراً ما جديداً بدأ بالانتشار ما أدى إلى ارتفاع الحالات. لأنه، وعلى سبيل المثال، الإصابات بمعظمها في ألمانيا عند غير الملقحين.
ماذا عن طبيعة المصابين في لبنان ونسب الملقحين بينهم؟
يوجد مشكلة في الأرقام في لبنان. نحاول أن نستخلص نسباً دقيقة حول المصابين، إذا كانوا ملقحين أم لا، والوصول إلى مؤشرات معبرة إحصائياً، كي نستطيع توقع كيف سيتطور الوضع بعد أسبوعين. لكن طالما لا يوجد بيانات دقيقة، لا نستطيع الجزم بأي أمر. المؤكد أن هناك حركة للفيروس غير طبيعية في الوقت الحالي.
هناك صعوبة لمعرفة النسبة الدقيقة للمصابين إذا كانوا ملقحين أم لا، بسبب صعوبة معرفة نسبة توزع الملقحين على سلم الأعمار من مجمل السكان، وليس المسجلين في الأحوال الشخصية. حالياً، آلية التحقق الوحيدة لمعرفة الأمر تتم من خلال سؤال المصاب إذا كان ملقحاً أم لا. يوجد إحصاء يشير إلى أن نسبة المصابين بين الملقحين بشكل كامل نحو 17 بالمئة. لكن يوجد مشكلة في هذا الرقم، لأن الفحوص عند الكبار أكثر من الصغار، وبالتالي هذه النسبة أكبر من الواقع بكثير. الكبار ملقحون والصغار غير ملقحين، والفحوص تستهدف الكبار أكثر من الصغار. ما يجعل هذه النسبة مضخمة عند الملقحين. الأرجح أن تكون النسبة نحو عشرة بالمئة، وهي مقبولة.
هل فتح المدارس أثر على انتشار الوباء الحالي؟
من الصعب الجزم، طالما لا يوجد بيانات دقيقة. في البيانات الحالية نسب الإصابة عند الصغار ما زالت مثل السابق. لكن هنا نعود إلى مشكلة البيانات. فلمعرفة النسب بشكل دقيق يجب أن يكون عدد الفحوص عند الصغار كافياً، قبل الجزم بأن النسب ما زالت كما كانت أو تغيرت. في البيانات الحالية، نسبة الإصابات عند الصغار لكل مئة ألف شخص لم تتغير. لكن ربما يكون الأمر مرتبطاً بعدد الفحوص. فالأخيرة عند كبار السن أكثر بكثير من عند الصغار.
ماذا عن المرضى في المستشفيات والوفيات وما هي نسب الملقحين بينهم؟
الوضع الاستشفائي مستقر. تشير النسب إلى أن نحو أربعة بالمئة من المصابين يحتاجون إلى استشفاء. لكن معرفة نسبة الملقحين منهم غير دقيقة أيضاً. فالشخص المصاب بأمراض مزمنة وملقح، غير الشخص الذي لا يعاني من أي مرض ودخل إلى المستشفى. هذا إضافة إلى مشكلة تحديد الفئة العمرية للذين يدخلون المستشفيات. وفي ظل غياب البيانات الدقيقة لا يمكن معرفة الواقع بدقة.
على مستوى الوفيات هي أيضاً مستقرة في الآونة الأخيرة، وتتراوح بين 5 و7 وفيات يومياً. لكن مرة جديدة يوجد مشكلة في البيانات. فلا نعرف السبب الحقيقي للوفاة، كي تتوضح الصورة بشكل جيد في لبنان.
ما يمكن تأكيده أننا عشنا فترة استقرار على المستوى الوبائي في المرحلة الماضية، أي كانت الإصابات بنسبة عالية عند غير الملقحين والوفيات مستقرة والمرضى في المستشفيات أيضاً. لكن منذ أيام يوجد تحرك فيروسي ما في لبنان، معطوف على تجدد انتشار الوباء في أوروبا منذ أسبوعين. وهذا يستدعي أخذ الحذر.
ما زالت نسبة التلقيح عند الطلاب ضعيفة. هل المشكلة بالكميات المتوفرة من اللقاحات أم بعدم الإقبال على التلقيح؟
نسبة التلقيح عند الطلاب ما زالت قليلة لأن الأهالي مترددون. نحاول معرفة إذا كان السبب هو تكاسل من الأهل أم لأسباب أيديولوجية ومتعلقة بالمخاوف من اللقاح. نعمل على التواصل مع المدارس لتسجيل الطلاب. لكن يجب على المدارس ووزارة التربية الإسراع في التلقيح خوفاً من تجدد الموجة، وارتفاع الحالات في المدارس، والتي ستضطر حينها إلى الإقفال.
أما على مستوى اللقاحات فنحن بعكس المرحلة السابقة. حالياً يوجد عدد كبير من اللقاحات، وانخفاض عدد الراغبين بأخذ اللقاح. يوجد كميات تكفي للطلاب من لقاح فايزر للفئة العمرية بين 12 و18 عاماً. وقد رصدت الوزارة لقاحات 500 ألف شخص في هذه الفئة، التي تسجل منها نحو 250 ألف شخص وتلقى منهم اللقاح نحو 170 ألف شخص. لكن اللقاحات مؤمنة وما على وزارة التربية وأهالي الطلاب إلا الإسراع بالتسجيل وتلقي اللقاح.
لكن ماذا عن الفئات العمرية الأخرى، وكيف ستصبح نسبة التلقيح في نهاية العام؟
لقد أُرسل للكبار ما فوق الستين عاماً نحو 125 ألف رسالة لتلقي الجرعة الثالثة، وهناك نحو 65 ألف موعد محجوز. وسترتفع نسبة تلقيح الكبار في شهر المقبل، لأن حملة التلقيح الأولى لهذه الفئة ارتفعت في الشهر السادس، والجرعة الثالثة تؤخذ بعد مرور ستة أشهر. لكن بالمجمل تلقيح الكبار يسير كما يجب.
في المقابل، ما زالت عقدة استرازينيكا قائمة، ونبحث في كيفية حلها الأسبوع المقبل. فقد أقفلنا التلقيح للفئة العمرية بين 18 و45 سنة كي يتم الإقبال على هذا اللقاح، واتحنا لهم فرصة أخذ جرعة استرازينيكا وأخرى فايزر. لكن لا يوجد تجاوب كبير على أخذ اللقاح بعد. لذا، وفي حال تطور الوضع الوبائي نحو الأسوأ في الأيام والأسابيع المقبلة، سنلجأ إلى استخدام فايزر لجميع الأعمار. أي اعتماد برنامج تلقيح موحد من خلال فتح التلقيح لجميع الأعمار بفايزر، ومن يرغب بأخذ اللقاح يستطيع إلى ذلك سبيلاً من دون أي عقبات عمرية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك