كتب محمد شقير في "الشرق الأوسط":
أطاح الحريق السياسي الذي أشعلته «النيران الصديقة» باستهدافها الحكومة الميقاتية من قبل «أهل بيتها» هذه المرة وبلسان وزير الإعلام جورج قرداحي الذي أساء بتصريحاته للعلاقات اللبنانية - الخليجية بجهود إنهاء تصريف الأعمال القسري المفروض على الحكومة وكان وراء تعليق جلسات مجلس الوزراء لقطع الطريق على تفجيرها من الداخل على خلفية تصاعد الخلاف حول دور المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
فالتصريحات التي أدلى بها قرداحي قبل تعيينه وزيراً للإعلام أدت إلى تحميل الحكومة أثقالاً سياسية تضاف إلى الأثقال التي تحملها من جراء إقحامها في الخلاف حول مسار التحقيق في انفجار المرفأ، ما أدى إلى إصابتها بعطل سياسي لا يمكن - كما يقول مصدر سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط» - الاستعاضة عنه بتفعيل اجتماعات اللجان الوزارية برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لأن تفعيلها يبقى منقوصاً ما لم تترجم توصياتها إلى قرارات تصدر عن مجلس الوزراء مجتمعاً.
ويرى المصدر السياسي أن إساءة قرداحي لعلاقات لبنان بدول الخليج العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في ظل الظروف الحرجة التي تشهدها هذه العلاقات واستدعت تحركاً فورياً من دول مجلس التعاون الخليجي بإعلان تضامنها معهما، فيما يسعى الرئيس ميقاتي لإعادة تصحيحها وتنقيتها من الشوائب لإعادتها إلى ما كانت عليه في السابق.
ويتناغم المصدر في هذا السياق في تساؤله مع مرجع حكومي سابق فضل عدم ذكر اسمه عما دفع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى الموافقة على أن يسمي خصمه السياسي زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية وزيرين من كسروان هما جوني قرم وقرداحي، وهل رضخ لضغوط فُرضت عليه من النظام السوري؟ مع أن فرنجية أحرج في تبريره لتصريحات قرداحي بذريعة أنه أدلى بها قبل تعيينه وزيراً، مع أن قرداحي فوت الفرصة على نفسه وعلى الحكومة عندما أصر على موقفه ولم يلتزم بالسقف الذي رسمه ميقاتي لمعالجة ذيول إساءته لعلاقات لبنان الخليجية التي تمر في حالة غير مسبوقة من الفتور بسبب عدم الالتزام بسياسة النأي بالنفس.
كما يسأل عن أسباب اندفاع قرداحي للدفاع عن موقفه بدلاً من أن يلوذ بالصمت تاركاً للرئيس ميقاتي ابتداع المخارج بعد أن تنصل شخصياً من تصريحاته وبالنيابة أيضاً عن الرئيس عون وانضم إليه وزيرا الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب والداخلية والبلديات بسام مولوي، ويقول إن قرداحي «بتوضيحاته» زاد الطين بلة، وهذا ما شكل إحراجاً للحكومة بعد أن تجاوزت مخارج الاعتذار إلى موقف أكثر تشدداً على غرار ما حصل مع وزير الخارجية بالوكالة في حكومة حسان دياب السفير شربل وهبة الذي اضطر للاستقالة بعد أن اتهم دولاً خليجية بدعم «تنظيم داعش» الإرهابي.
أما لماذا تمرد باسيل على الضوء الأخضر الذي تلقاه من عون لتسويق مبادرته بإيجاد مخرج لتصويب مسار التحقيق العدلي في انفجار المرفأ؟ وهل قرر أن يستعصي على توجيهات عون؟ أم أنه تصرف كعادته على أن القرار النهائي في كل شاردة وواردة يعود إليه، وهذا ما تُرجم لدى تشكيل الحكومة.
وفي هذا السياق، يؤكد المصدر أن باسيل قطع الطريق على البطريرك الراعي الذي حاول تعطيل الألغام التي تعيق استئناف جلسات مجلس الوزراء لأنه يشترط الحصول على أثمان سياسية وإن كان حاول الالتفاف عليها بتقديم نفسه على أنه يقاوم إبرام صفقة ثنائية بين «القوات» و«أمل» تقوم على المقايضة بين التحقيق في مرفأ بيروت والآخر المتعلق بحوادث الطيونة مع أن الطرفين ينفيان اتهاماته.
ويتوقف المصدر نفسه أمام تبرئة باسيل لحليفه «حزب الله» من حوادث الطيونة وحصر التهمة بالثنائي «أمل» و«القوات» امتداداً لاتهامهما بالتواطؤ في البرلمان بإقرار التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب بخلاف موقف «التيار الوطني»، ويقول إن عون هو من أفقد نفسه القدرة على التدخل بعد أن انحاز منذ انتخابه رئيساً للجمهورية لفريقه السياسي بدلاً من أن يتصرف من موقعه الرئاسي على أنه لجميع اللبنانيين القادر على جمعهم تحت سقف عدم المساس بالثوابت السياسية وتنظيم الاختلاف في حال تعذر عليهم التفاهم شرط عدم تهديد السلم الأهلي.
ويؤكد أن استعصاء باسيل على تحرك الراعي لم يحرك ساكناً حتى الساعة لدى عون، خصوصاً أنه ربط مبادرته بموافقته، كما أعلن بعد اجتماعه تباعاً بالرؤساء الثلاثة، ويقول إن باسيل ليس في وارد التسليم بدور الرئيس نبيه بري لتفكيك الألغام التي تعطل جلسات مجلس الوزراء.
ويلفت المصدر السياسي إلى أن الهجوم الذي يقوده «حزب الله» ضد «القوات» والمحقق العدلي كان وراء تقديم خدمة مجانية لجعجع، خصوصاً أن باسيل وتياره أحجما عن التعليق على قول أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بأن الهيكل العسكري لحزبه يضم 100 ألف مقاتل، كما أحجما عن التعليق على تهديد مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب للقاضي البيطار، ويكشف أن «التيار الوطني» بتواصله مع حليفه صارحه بأن حديث نصر الله الأخير تسبب بإحراجه مسيحيا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك