كتب نذير رضا في "الشرق الأوسط":
تفاعلت قضية استدعاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في ملف أحداث الطيونة من قبل المحكمة العسكرية لتقديم إفادته، قضائياً أمام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، وطالبت النيابة العامة التمييزية بالتريث لتحديد الجهة التي يجب أن يمثل أمامها، إما استخبارات الجيش وإما القاضي نفسه، وذلك بموازاة انتقاد جعجع للقضاء العسكري، متهماً إياه بمجاراة «حزب الله».
وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أصدر قراراً باستدعاء جعجع أول من أمس الخميس للاستماع إلى إفادته بشأن التوترات التي شهدتها منطقة الطيونة وأدت إلى مقتل سبعة أشخاص. وكلف عقيقي فرع التحقيق في مخابرات الجيش باستدعاء جعجع وأخذ إفادته، «بناءً على المعلومات التي أدلى بها عناصر من القوات، جرى توقيفهم»، فيما نفى جعجع مساء الخميس تبلغه الاستدعاء، مبدياً استعداده للمثول أمام عقيقي «بشرط أن يستمع لأمين عام حزب الله حسن نصر الله قبله».
وأفادت وسائل إعلام بأن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات «جمد قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي باستدعاء رئيس حزب القوات لمدة ثلاثة أيام».
لكن النيابة العامة التمييزية، نفت أن تكون قد جمدت القرار، وأوضح مكتب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في بيان أن الخبر المتداول «غير صحيح»، وأنه «لم يصدر هكذا قرار وبالشكل الوارد فيه».
وقالت النيابة العامة إن «إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بتكليف مديرية المخابرات للاستماع إلى رئيس حزب القوات اللبنانية هي موضوع متابعة من قبل السلطات المعنية لمعرفة ما إذا كان التكليف يرتب استجواباً في فرع المخابرات أم عند القاضي صاحب التكليف دون أن يكون هناك أي تحديد لأي مهلة زمنية».
وتترأس النيابة العامة التمييزية، بحسب القانون، سائر النيابات العامة الأخرى، ويفرض على النيابة العامة مراجعة النيابة العامة التمييزية التي يمكن لها إلغاء كل القرارات الصادرة عن النيابات العامة الأخرى، ومن ضمنها القضاء العسكري.
وعبر جعجع عن ارتيابه من القضاء العسكري، قائلاً مساء أول من أمس إن القاضي عقيقي هو «مفوض حزب الله». وأمس قال جعجع في تغريدة له: «أنا كرئيس حزب لبناني شرعي تحت القانون. ولكن لتستقيم العدالة، على القضاء أن يتعاطى مع كل الأطراف في البلد على أساس أنهم تحت القانون». وأضاف «يظهر أن الطرف الأساسي في أحداث عين الرمانة» (في إشارة إلى «حزب الله»)، «يعتبر نفسه فوق القانون، وللأسف يجاريه القضاء العسكري حتى الآن بهذا الاعتقاد».
وبموازاة هذا الجدل، برز موقف مبدئي للبطريرك الماروني بشارة الراعي، أكد فيه دعمه لاستقلالية القضاء ورفضه للاستنسابية، وذلك في الملفين المطروحين أمام القضاء واللذين أثارا جدلاً سياسياً أخيراً وهما ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، وملف التحقيقات في أحداث الطيونة.
وأكدت مصادر قريبة من بكركي مواكبة للاجتماع الذي عقد أمس بين البطريرك الراعي وقائد الجيش العماد جوزيف عون، أن الراعي أكد للعماد عون «الدعم المطلق للمؤسسة العسكرية ولاستقلالية القضاء ووجوب أن يشمل التحقيق جميع الأطراف من دون استنسابية». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الراعي «لا يغطي أي مرتكب، ويطالب بالعدالة للجميع وأن تكون المحاسبة على جميع المرتكبين شرط ألا تكون استنسابية»، مشددة على أن موقف الراعي «مبدئي لا ينحاز فيه لأحد، ويشدد فيه على أن العدالة والقانون فوق الجميع، وأي مرتكب يجب أن يُحاسب».
وكان الراعي قد عرض مع قائد الجيش خلال استقباله في بكركي أمس، لآخر التطورات الأمنية في البلاد ولأوضاع المؤسسة العسكرية. وأثنى الراعي على دور الجيش والقوى الأمنية في ضبط الأمن والحيلولة دون الفلتان الأمني في الشارع الأمر الذي يهدد أمن كل البلاد وسلامة كل المواطنين.
وبموازاة تفاعل ملف جعجع قضائياً، تفاعل سياسياً أيضاً، حيث عبر نواب حزب «القوات اللبنانية» عن مخاوفهم من تسييس التحقيق، وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب ماجد إدي أبي اللمع: «إنهم يريدون فرض سيطرتهم على البلد بالتهديد والترهيب وتركيب الملفات»، متسائلاً: «كيف يتساوى المعتدى عليه بالمعتدي؟» وقال إن حزب الله «حزب يفتري ويستقوي على اللبنانيين بفائض القوة».
ومن جهته، قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب عماد واكيم: «لم يناضل اللبنانيون سنوات طوالاً ويقدموا الشهداء كمقاومة لبنانية ومواطنين ورؤساء جمهورية وحكومة وسياسيين ورجال دين وإعلاميين، ليتخلصوا من النظام الأمني السوري حتى يعاود حزب الله محاولة فرض نظام مماثل». وتوجه إلى «حزب الله» بالقول: «كفوا عن محاولات العزل والاستهداف بتركيب الملفات والاستقواء على اللبنانيين».
في المقابل، اعتبر ممثل المرشد الإيراني في لبنان الشيخ محمد يزبك «أننا لن نرضى إلا بتحقيق عادل شفاف غير مسيس، ونطالب الدولة والقضاء بتحقيق شفاف في مجزرة الطيونة»، مشدداً على أن «أهلنا المسيحيين وشركاءهم من المسلمين هم في حماية الدولة والدولة فقط، وجميعنا يداً بيد وكتفاً بكتف مع جيشنا الوطني الذي هو موضع اعتزازنا في حماية السيادة الوطنية والحدود وثرواتنا البحرية». من جهته، أكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب أن «على الدولة أن تثبت أنها دولة بإجراء تحقيقات نزيهة تكشف المتورطين بدماء مواطنين أبرياء لن نقبل بإهدار دمائهم ولن نرضى إلا بالقصاص العادل للفاعلين وتسمية الجهات التي تقف خلفهم بشكل لا لبس فيه».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك