كتبت "المركزية":
بلغة الحسم التي اعقبت ليونة باريس في التعاطي مع ملف تشكيل الحكومة من خلال العودة عن بعض الشروط والقبول بحكومة "الامر الواقع"، اوصل منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان رسائله الى المسؤولين اللبنانيين وعنوانها العريض القديم المتجدد لا مساعدات من دون اصلاحات، والاتفاق مع صندوق النقد شرط الافراج عنها، وهو ما ابلغه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للرئيس نجيب ميقاتي بوضوح خلال زيارته الاليزيه.
المسؤول الفرنسي الذي انهى جولة لقاءاته الرسمية على الرؤساء وكبار المسؤولين، مشددا من قصر بعبدا تحديدا على" ضرورة الاسراع في اطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وضرورة التوصل الى اتفاق قبل نهاية السنة وعلى أن "في حال تم التوصل الى هذا الاتفاق وتنفيذه فقد تسعى فرنسا الى تنظيم مؤتمر دولي لتقديم مساعدة مباشرة لميزانية الدولة"، كان في الوقت نفسه مستمعا الى هواجس ومطالب مسؤولين في القطاعات المالية والاقتصادية وفي اوساط رجال الاعمال الذين اطلعوا دوكان على رؤيتهم الاستراتيجية للمسار الانقاذي للبنان وتصورهم لكيفية بلوغ الهدف من خلال سلسلة خطوات من شأنها ان تعيد ثقة اللبنانيين المفقودة بالدولة.
تقول الاوساط المشار اليها لـ"المركزية" ان السفير الفرنسي ابدى اهتماما ملحوظا بملاحظات رجال الاعمال لكونها منطلقة من ارض الواقع ومن عمق معرفتهم بالاسباب الكامنة خلف الانهيار المدوي الذي بلغه لبنان، وهو بحسب هؤلاء يرتكز في شكل اساسي الى انحراف لبنان عن محوره العربي التاريخي الذي لطالما شكل الرئة والمتنفس للبنانيين من خلال انخراطهم في مجالات العمل الواسعة في دول الخليج واعتماد الحياد التام بالسياسة فعلاً لا قولاً من اجل عودة الإستثمارات والسياح العرب، وضع حد لمسلسل التهريب بشكل اشكاله البحري والبري والجوي الذي استنزف مليارات الدولارات من المصرف المركزي، اعادة تعويم الطبقة الوسطى التي تشكل عصب الحياة الاقتصادية في لبنان والغاء الامتيازات بما يجعل المواطنين في الدولة سواسية من دون تمييز طرف عن آخر بالسياسة او بالدين.
وفي المقلب الاقتصادي، اكد رجال الاعمال اللبنانيين لدوكان ضرورة وقف النزف القاتل في اكثر من قطاع لا سيما في الكهرباء من خلال بناء معامل او اعتماد الخصخصة على طريقة الـ BOT واقفال مجالس وصناديق الهدر المزمن، وتحديدا صندوق المهجرين ومجلسي الجنوب والانماء والاعمار والتوظيف السياسي العشوائي في ادارات الدولة وانهاء خدمات من لا لزوم او ضرورة لهم خصوصا من التنفيعات والمحسوبيات السياسية والحزبية علما ان عددا لا بأس به من موظفي الدولة يقيم خارج لبنان ويتقاضى راتبه، واخيرا وليس آخراً اقفال حنفية دعم الجمعيات المغطاة بعباءات دينية او خيرية فيما وظيفتها فقط نهب المال العام وما اكثرها.
في الباب الاصلاحي، شملت اهم الملاحظات تحرير القضاء من الهيمنة السياسية وكف يد النافذين والمتسلطين عليه، تطبيق قانون الاثراء غير المشروع على جميع من في السلطة منذ ثلاثين عاما، توظيف الرجل المناسب في المكان المناسب بدل الازلام والمحاسيب من رأس الهرم حتى اسفله، وتقويم اداء الموظفين الموجودين في جميع الادارات لابقاء الجيدين وانهاء خدمات غير المستحقين.
هذا غيض من فيض، تقول الاوساط، التي تشير الى ان السفير الفرنسي ابدى اهتماما بالملاحظات هذه، ووجوب الاخذ بها ووضعها موضع التنفيذ فور انطلاق قطار الاصلاحات لاعادة وضع الدولة على سكة التعافي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك