كتب شادي الياس في موقع mtv:
مناسبة الإستقلال من كل عام هي فرصة للمراجعة والتأمل بلبنان وبنظامه الفريد والمميّز في هذه المنطقة. ازدهار لبنان قبل الحرب كان صدمة، ثورة ونهضة في المنطقة.
كان رمزاً ومثالاً تطّمح له دول الشرق الأوسط جميعها. إقتصادياً كانت الوفرة والبحبوحة وإفتتاح المؤسسات العامة والخاصة بشكل اسبوعيّ والاحتفالات تعمّ بيروت والمناطق، الأسواق المقتظّة بالمتسوّقين والتجارة التي لا تُمحى من ذاكرة جيلٍ لا يزال يُخبر عنها حتى يومنا هذا.
إجتماعياً كانت الناس تشعر في إستقرار لا مثيل له. إحصائيات موثّقة تقول أن نسبة الهجرة من لبنان كانت صفر هجرة!
أمّا الإنسجام والتعايش بين الطوائف اللبنانية كان مُلفت لأنظار الدول القريبة والبعيدة، لا بل كان مصدر إزعاج لدولة الإحتلال في فلسطين بسبب التنوّع والتلاقي الموجود في لبنان.
حدث النكبّة الفلسطينيّة في أول خبرة من هذا النوع في العصر الحديث في المنطقة كان للبنان حصّته في إستقبال اللاجئين، هذه المبادرة التي لا يندم عليها اللبنانيّون. لكنَّ الذي يندمون عليه ولا يريدون تكراره هو السّماح لجماعات سواء كانت أجنبيّة أم داخلية بإستخدام التراب اللبناني منصّة لتصفية الحسابات الإقليمية التي ليس لها علاقة بلبنان ولا بمصلحته ولامستقبله. والعِبرة الثانية التي يمكن إستنتاجها هي أن محاولة تعّديل الكلمات بين السطور في إتفاقيات دولية تمسّ بسيادة لبنان وبأمنه، تبقى حبراً على ورق، لا بل كذبة ووهم قد أوصَل لبنان الى دمار شامل. إن هذا الأسلوب مستمرّ ولو في صيغة مختلفة، مثلاً في نصّ إتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل التي سرقت به إسرائيل ثروة لبنان النفطية وتركوا لنا حقل قانا الذي وجِد فارغاً فيما بعد. حتى في ملفّ النازحين السوريّين والتهاون في تنظيمهم وترحيلهم، نرى الإتجاه نفسه والنهج نفسه في التعاطي بالمسائل السياديّة والإستراتجية للبلاد. وبالتالي يمكن الإعتبار إن لبنان سوف يبقى في السنوات المقبلة في هذا النفق المظلم، وأصحاب القرار يبدو انهم يُريدون أن يبقوا في هذا الأتون، أتون النار.
إن الإستقلال وفكرته لا تزال موجودة في أذهان اللبنانيّين، ويمكن تطبيقها كما كانت الحال قبل الحرب. فمشكلتنا ليست في نظام الدولة في لبنان، انما في الأشخاص المسؤولين في هذه السلطة! والمشكلة الأكبر هي في الشعب الغير واعي، الذي أُعطي له فرصة مفّصليّة بعد ثورة ١٧ تشرين، فتبيّن أنّه لا يزال غير قادر على إنتاج سلطة تشريعية قادرة على انتخاب رئيساً للجمهورية.
لذلك الحريّة والإستقلال يجب ان يترافقوا مع الوعي والقدرة على تحملّ المسؤوليات. فكلّ التعابير السلبية التي تصف الاستقلال بالمستحيل أقول لهم أن الإستقلال ممكن! وحلمه سيصبح حقيقة! وطالما هناك لبنانيّين مؤمنين بسيادة الوطن ويحلمون بحريته سيرونها من جديد، أعدكم بأن لبنان سيرجع يوماً ما أجمل من ما كان في الماضي، لبنان الإزدهار، لبنان الإستقرار والأمان، لبنان الملاذ لجميع أبنائه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك