زار رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم المنطقة التربوية في زحلة حيث كان في استقباله رئيس المنطقة يوسف بريدي وعرض معه لأوضاع المدارس الرسمية في زحلة والبقاع والتحديات التي تواجه القطاع التربوي في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بلبنان.
واشاد المطران، وفق بيان المطرانية، "بالأخلاق الوظيفية العالية للأستاذ بريدي المعروف عنه تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ومناقبيته والتضحيات التي يقدمها مع الموظفين في سبيل التربية في المنطقة".
وكانت جولة في مكاتب المنطقة التربوية برفقة بريدي اطّلع فيها عن كثب على سير العمل واستمع الى الموظفين مثنياً على عملهم.
بعدها جال المطران ابراهيم على عدد من المدارس الرسمية في زحلة برفقة بريدي، استهلها بزيارة متوسطة المعلقة الرسمية للصبيان حيث كان في استقبالهم المديرة د. بيسان مرتضى والفريق الإداري والتعليمي، وفد من جمعية كشاف التربية الوطنية ضم القائد العام نديم معلوف، عضوة القيادة العامة مخايل خيرالله، مفوض البقاع جورج نبهان، قائد فوج زحلة الأول جوزف مقدسي، قائد فوج قوسايا ماريو كعدي وقائد قدامى كشاف التربية في البقاع الياس فريحة، وقدم طلاب من المدرسة باقات ورد لسيادته وللأستاذ بريدي، كما قدموا ترنيمة "تعال بيننا" ترحيباً بالمطران ابراهيم.
واستمع ابراهيم من المديرة الى المشاكل التي تعانيها المدرسة الرسمية في البقاع وفي لبنان، وشددت على ا"ن رسالة التربية هي رسالة مقدسة ترخص في سبيلها كل التضحيات، وشكرت الأستاذ بريدي على جهوده في الحفاظ على المدرسة الرسمية في زحلة والبقاع".
كما استمع المطران ابراهيم من قائد جمعية كشاف التربية الوطنية في لبنان نديم معلوف على عمل الجمعية ونشاطاتها في تثقيف الشباب وتنمية الروح الوطنية لديهم، والنيّة في افتتاح افواج جديدة في كل المدارس الرسمية في المنطقة.
وكانت جولة في اقسام المدرسة وصفوفها حيث شارك المطران إبراهيم الطلاب حصصهم المدرسية، والطرق الحديثة المستعملة في التعليم.
المحطة الثانية كانت في مدرسة البردوني الرسمية، وكان في الاستقبال مديرة المدرسة سعاد ضاهر والجسم الإداري والتعليمي، ورحب الطلاب بالوفد بأغنية "اهلا وسهلا" وقدموا تراتيل ميلادية.
مديرة المدرسة سعاد ضاهر القت كلمة رحبت فيها بالمطران ابراهيم والأستاذ بريدي وتطرقت الى واقع المدرسة الرسمية والتحديات التي تواجهها، والتصميم على متابعة التعليم في كل الظروف.
وألقى رئيس المنطقة التربوية في البقاع يوسف بريدي كانت له كلمة قال فيها:" ارحب بسيادة المطران ابراهيم باسمكم جميعاً، باسم مدرسة البردوني الرسمية وباسم كل مدارس البقاع الرسمية. زيارة سيادته لمدرسة هي زيارة لكل المدارس الرسمية، وجولتنا اليوم هي بمبادرة من سيدنا وانا اليوم بمعيته وليس العكس، وأبلغني انه يحب ان يبدأ جولته بمدارس زحلة الرسمية قبل الخاصة، وهذا إذا دل على شيء فيدل على حرصه ونظرته الى المدرسة الرسمية ومساواتها بالمدرسة الخاصة بالنسبة اليه، وسيادته هو خريج المدرسة الرسمية بكل فخر، وهي تحتل في وجدانه الموقع الكبير. وأحب ان يعاين عن قرب اوضاع المدارس في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد ويطّلع على اوضاع المعلمين. هذه الإطلالة ستترك اثراً نفسياً ومعنوياً كبيراً، واكدت المديرة في كلمتها على هذا الشعور الذي تملككم عندما عرفتم بزيارة سيادته "
واضاف: "هذه الزيارة تدل على انه هناك عين ساهرة ولو من بعيد، وقدوم سيدنا اليوم نأمله بركة وفاتحة خير على المدرسة وعلى كل قطاع التعليم الرسمي، وان شاء الله نهنئ بعضنا قريباً بانتهاء هذه الظروف الصعبة التي نمر بها والتي جعلتنا نلمس المعدن الحقيقي للموظفين والمعلمين والمعلمات في القطاع الرسمي الذين يعملون في وضع صعب وفي ظروف صعبة نشعر بها جميعاً ونعيشها."
وتابع "أنتم اليوم تحافظون على الرسالة التربوية، وهذا الكلام ليس شعراً على العكس تماماً، اليوم هو للعمل، وما تقدمونه اليوم من خلال صمودكم في عملكم هو الذي نعوّل عليه لقيامة هذا البلد. وكلنا نعلم انه إذا انهار النظام التربوي في اي بلد، انهار البلد بحاضره ومستقبله. وان شاء الله بهذا الصمود الذي تمارسونه من خلال عملكم اليومي نأمل ان نعبر هذه الأيام الصعبة ونعود الى الضوء الذي ننتظره جميعاً".
وختم بريدي "سيادة المطران وجودكم بيننا اليوم بركة، ونأمل ان تبقى السند المعنوي للمدارس الرسمية".
والقى المطران ابراهيم كلمة، قال فيها: "نحن اليوم في قمة السعادة ان نزوركم بمعية سعادة مدير المنطقة التربوية في البقاع وبحضور المديرة وكل الهيئة التعليمية في هذه المدرسة التي تحمل اسم البردوني. كل اللبنانيين مقيمين ومهاجرين وحتى غير اللبنانيين يعرفون ان البردوني له جماله الذي لا يضاهى ولا مثيل له، لكن فكرة البردوني هي أيضا انه مكان يقدم فيه اللقمة الطيبة والجلسة الجميلة، أما مدرسة البردوني فإنها تقدم شيئاً اهم بكثير، تعطي مجاناً العلم والمعرفة الذين يفوقان اي هدية او اي عطية ممكن ان يقدمها انسان لآخر. هذه العطية هي بين يديكم، اتذكر مع بدية دراسة الفلسفة قرأت ان أحد الفلاسفة في اليونان قال " اعطوني طفلا، وأنا اعطيكم الرجل الذي تريدون". العجينة التي بين يديكم أنتم تصنعونها بحسب صورتكم التي تنعكس عليها، ينعكس عليها كل جمالكم، كل معرفتكم، كل حكمتكم، كل انسانيتكم، كل ادبكم وكل العطايا التي تملكونها."
واضاف "العملية التربوية هي عملية اخذ وعطاء، وإذا اعطي لي ان اكون في صف بالتأكيد اتعلم من الطلاب أكثر بكثير مما يمكن ان يتعلموه مني. المعرفة ليست مجموعة معلومات، اليوم الهاتف الذكي الموجود بين يدينا لديه كل المعلومات، وأصبح هناك فعل جديد في اللغة العربية هو "جوجل"، المعلومة متوفرة اما المعرفة فهي نتيجة القدرة على التمييز بين المعلومات والقدرة على التحليل. من يملك القدرة على التحليل هو المثقف الحقيقي وهو الناجح الحقيقي. لدينا اليوم تحديات كبيرة في التعليم، اليوم العالم منفتح على بعضه، وسأتحدث الآن عن فكرة جديدة هي "الهجرة الافتراضية" لأن اولادنا يكونون معنا وهم ليسوا معنا! هم في عالم آخر، ونرى انه في العائلة كل فرد يجلس خلف هاتفه ولا نعرف اين يهاجر. الهاتف او الكومبيوتر او غيرهم من التقنيات هم باب هجرة افتراضية ممكن ان تسبب انقطاع بيننا وبين الواقع. هذا شأن عليكم ان تأخذوه بمبادرة شخصية الا تجعلوه يحصل الا للخير ولا تجعلوه باباً للانقطاع بين الإنسان وواقعه وثقافته وتقاليده وايمانه وجمال ارضه وبلاده وتاريخها وعمقها في الحضارة".
وتابع سيادته "لبنان ليس بلداً اعتيادياً. لا يمكننا ان نختار بلداً آخر ونهاجر اليه ونقول انه أفضل من لبنان، هذا تحليل خاطئ وحسابات خاطئة لأن لبنان على صغره، على كل مشاكله الذي يتخبط فيها والكثير منها ناتج عن ارادات خارجية وبعضها عن فساد داخلي، مهما كانت الأسباب لبنان يبقى لبنان، الناس يرحلون، الفاسدين يرحلون والأوادم يرحلون، لكن الفاسدين يتركون فساداً يحكى عنه وعنهم بينما الأوادم يبنون مدارس ويبنون طلاباً، يبنون المعرفة والحكمة."
وأردف: "انا اليوم اخترت ان اكون في مدرسة تشبه مدرستي. انا خريج المدرسة الرسمية، ومدرستنا كانت منازل متفرقة عن بعضها البعض، كل صف في منزل. وقبل ذلك تعلمت في مدرسة كانت صفاً واحداً ومعلماً واحداً ولذلك اقفلت وما زلت لغاية اليوم اشعر انها مفتوحة طالما بقيت انا حياً! السعي للعلم لا يحده شيئاً، ولذلك المدرسة لا تقاس بامتلاكها للطاقة الشمسية ولا بإمكانياتها المادية ولا بملاعبها الكبيرة الخ... لا تنسوا ان أكبر الكبار وأعظم العظماء في لبنان تخرجوا من تحت الشجرة. دعونا نصارع على هذا الأساس ولا ندع اي يأس او احباط يقفل مدارسنا ويحرم اولادنا من التعليم لأن مهنة المعلم ليست وظيفة تتمم من اجل الراتب لكن هي رسالة، ورسالة التعليم تنبع من الداخل لا يمكن للمعلم اكتسابها من الخارج فقط يجب ان تنبع من داخله وهي مزروعة فيه منذ البداية".
وختم : "انا دائماً الى جانبكم، زيارتي اليوم هي رمزية لكي اقول لكم ان المدرسة الرسمية توازي اي مدرسة اخرى وربما تتفوق عليها، وان شاء الله نصل الى وقت لا يعود هناك مدرسة رسمية او مدرسة خاصة، ويصبح لدينا في لبنان مدرسة واحدة فقط اسمها المدرسة اللبنانية."
وجال المطران ابراهيم برفقة بريدي والمديرة في ارجاء المدرسة متفقداً.
المحطة الثالثة في الجولة كانت في متوسطة قاع الريم الرسمية وكان في الاستقبال مديرة المتوسطة نسرين كفوري والهيئة الإدارية والتعليمية، والقت المديرة كلمة رحبت فيها بالوفد واعطت فكرة عن المدرسة والتجهيزات الحديثة الموجودة فيها والتي تضاهي أحدث المدارس في لبنان.
المطران ابراهيم أثنى على الجهود المبذولة من الإدارة والأساتذة للحفاظ على المستوى العالي للتعليم، وقدم تلامذة المدرسة ترنيمة "اعطيني الكلام" وقدموا باقات ورد الى سيادته والأستاذ بريدي بعدها تفقد الجميع الصفوف والمختبرات والمكتبة الحديثة والمسرح التي جعلت من المدرسة نموذجية بامتياز.
المحطة الأخيرة من الجولة كانت في مدرسة زحلة الأولى المختلطة الرسمية واستقبلتهم مديرة المدرسة جانيت شعنين والجسم الإداري والتعليمي، والقت السيدة شعنين كلمة رحبت فيها بضيوف المدرسة شاكرة زيارتهم التي اعطت الكثير من المعنويات للأساتذة والتي هي ربما من الزيارات القليلة جداً لمسؤولين في المدينة الى المدرسة الرسمية بهف تفقدها والاطلاع على مشاكلها.
وشكر المطران ابراهيم استقبال الإدارة وقال: "اتيت اليوم بصحبة رجل يحمل في قلبه كل الاهتمام وكل المحبة للعمل التربوي، ليس من باب المسؤولية الرسمية فحسب لكن من باب الاعتناء الشخصي والرغبة الشخصية والرسالة الشخصية والمحبة التي هي الدافع الأساسي لكل ما يقوم به. الأستاذ يوسف بريدي اشكرك على هذا النهار الرائع الذي انهيناه قرب سيدة النجاة، وسيدة النجاة، جارة مدرستكم، كفيلة بأن تكون دائماً الى جانبكم في هذا الظرف الصعب الذي يمر به وطننا لبنان."
واضاف: "العملية التربوية ليست عملية سهلة لأنها مسؤولية، اما تنتج ناجحين وعظماء للمجتمع، وإما تنتج فاشلين. ليس هناك قطاع اهم في اي وطن من القطاع التربوي لأن هذا القطاع هو المصنع الذي يصنع الرجال والنساء الذين سيتحملون مسؤولية حاضر البلد ومستقبله. ونحن في لبنان بحاجة الى "مدارس الحي" كمدرستكم التي تحتضن جيرانها الذين يأتون مشياً على الأقدام سعياً للعلم والمعرفة. والمعرفة هي مجموعة جواهر يجمعها الإنسان لكي تؤلف كنزه الثمين، المعلومة هي جزء من المعرفة، ونحن نريد ان نعلّم اولادنا على التفاعل مع المعرفة من خلال المعلومة. ليس بالضرورة ان تكون الذاكرة هي اساس في النجاح، قوة التحليل هي الأهم. لدي كامل الثقة بأن وزارة التربية في لبنان هي على مستوى اهم وزارات التربية في العالم، ولذلك ثقتنا بالتعليم الرسمي توازي ثقتنا بالتعليم الخاص لأن هدفنا ان يكون هناك مدرسة بغض النظر عن عنوانها سواء كانت رسمية او خاصة، تحتضن اطفالنا وتخرّج لنا الرجال والنساء الذين يحلم بهم الوطن."
وختم المطران ابراهيم "أملي ن تتابعوا مسيرة من سبقكم في هذه المدينة التي تحمل عناوين كثيرة: هي مدينة الخمر، هي مدينة الشعر لكنها مدينة الطب والهندسة والمحاماة والعلوم الإنسانية ومدينة كل العلوم أيضاً. زحلة هي نقطة اشعاع امتد الى كل انحاء العالم، زحلة حدودها آخر الأرض، عليكم ان تخرّجوا طلاباً على مستوى هذه المدينة وعلى مستوى محبتكم الكبيرة."
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك