كتب يوسف فارس في "المركزية":
ما بعد الحرب على غزة لن يكون كما قبلها على ما تلتقي عليه المراجع السياسية والدبلوماسية المؤثرة في صنع القرار. لذا فان حجم المشكلات اللبنانية الداخلية بات أصغر من ان يُرى امام ما يجري من حول لبنان. من السذاجة الاعتقاد أن أحدا سيلتفت اليه ليمد يد المساعدة للخروج من الازمات السياسية والاقتصادية والمالية.
بديهي ان الواقع صعب جدا والوضع أصعب مما كان عليه وعلى تماس مباشر مع مخاطر كبيرة. واهم من يعتقد ان في الامكان الاستمرار على هذا النحو، علما ان في الامكان النهوض بالبلاد وجعل هذه المصاعب والمخاطر فرصة لاعادة تكوين الدولة ومؤسساتها بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة جديدة تبادر فورا الى خطوات عاجلة واجراءات وقائية وتحصينية وتوفير مستلزمات صمود الناس امام العاصفة الحربية التي تجتاح المنطقة ولبنان الحلقة الاضعف فيها وشعبه منذ بداية الحرب على غزة لم يشعر بلحظة امان. واقع يفترض بالحد الادنى ان يستنفر مكونات الانقسام الداخلي فتضع خلافاتها جانبا وتتلاقى على تحصين البيت الداخلي رئاسيا وحكوميا واجرائيا ولكن ما يدفع الى الخيبة هو ان الملف الرئاسي ما زال في دائرة الفراغ وبدل ان نلمس اي مبادرة الى هذا التلاقي والتنازل لمصلحة البلد لم يرمش لأحد جفن ازاء ما يحصل والجميع متشبث بحساباته الرئاسية وطموحاته الشخصية.
النائب التغييري الياس جرادي يأسف عبر "المركزية" لان تحول الارتباطات الخارجية للمكونات السياسية دون اتمام الاستحقاق الرئاسي حتى الان. سنة ونيف على الشغور انقضت برهانات تارة على المفاوضات الاميركية – الايرانية واخرى على المحادثات السعودية – الايرانية وما على شاكلتهما من مؤتمرات ومناسبات لا علاقة او تأثير لنا فيها. رهنا امورنا للخارج وبتنا ننتظر مجيء الموفد الفرنسي او القطري وكأننا شعب قاصر عن حكم نفسه ومعالجة اموره. حاولنا كقوى تغييرية احداث خرق ما في الحياة السياسية المتبعة ولكننا فشلنا في مواجهة هذه المنظومة الحاكمة والمتحكمة بمفاصل الامور في البلاد. وصلنا الى قناعة بنتيجة اعادة المنظومة انتاج نفسها في الانتخابات النيابية الاخيرة والنهج السياسي المتبع في ادارة شؤون البلاد ان الخلاص من هذه العقلية يتطلب سنوات واجيالا وقبل كل شيء ثقافة تتصدر البرامج الدراسية .
ويتابع ردا على سؤال: منذ ثورة السابع عشر من تشرين تفاقمت الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدهورت كثيرا حيث باتت غالبية المواطنين عاجزة عن توفير ادنى مقومات الحياة، ومع ذلك لم نر تظاهرة او صوتا يرتفع احتجاجا على هذه الاوضاع المزرية وكأن اللبنانيين يعيشون في غير بلد او كوكب.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك