جاء في "المركزية":
كان المفروض أن يكون الكلام في هذه المرحلة عن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم أو أقله شرح الآلية لعودتهم بعدما وضع الأمن العام خارطة الطريق مع الداتا، بعدما بات وجودهم مرتبطاً بأسباب عديدة بدءا بالإقتصادية والإجتماعية وصولا إلى الأمنية والديموغرافية. فجأة عاد الحديث عن حركة نزوح ثانية عبر المعابر غير الشرعية.
ويكاد لا يطوى نهار إلا بخبر عن تسلل سوريين عبر الحدود غير الشرعية أو ببيان صادر عن قيادة الجيش وكلام قائد الجيش العماد جوزيف عون في الاجتماع التشاوري في السراي امس عن خطر وجودي خير دليل. والمؤكد أنّ هذا الرقم قابل للإزدياد نظرا إلى الفلتان الحاصل على الحدود الشمالية التي يبلغ طولها من العريضة حتى الهرمل 110 كلم وتضاريسها سهلة جداً للعبور من أي نقطة ولا سيما على امتداد النهر الجنوبي الكبير. وهذا ما يفسِّر إلى حد ما تكاثر حالات الفرار الجماعي للسوريين إلى لبنان. أما الحدود الشرقية فمعلوم أنها تخضع للرقابة من قبل الجيش اللبناني وذلك من خلال أبراج المراقبة ذات الفعالية الكبرى عدا عن وعورة تضاريسها.
هذا في الجغرافيا لكن ما يجري على أرض الواقع مغاير ولا يمكن قراءته إلا من منظار العين المجردة على الحدود الشمالية.
وزير الدولة السابق لشؤون النازحين معين المرعبي ينفي بشكل قاطع وجود حركة نزوح ثانية بالزخم الذي يتم التداول به في الداخل اللبناني ويقول لـ"المركزية": "حركة النزوح لم تخفت ولم تتوقف في يوم من الأيام منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 والحركة الان أكثر من عادية. وإذا صح الكلام عن حركة دخول السوريين بأعداد كبيرة عبر الحدود الشمالية والشرقية فقد يكون مرده إلى تفاقم الازمة الاقتصادية والمعيشية في سوريا ونشاط عصابات النظام الاسدي وحزب الله وملحقاتهم المختصة بتهريب البشر وغير البشر مقابل مبالغ كبيرة من خلال المعابر غير الشرعية. لكن حركة التهريب التي لم تتوقف يوما، يكرر المرعبي، شبه عادية ولا يمكن توصيفها بالنزوح الثاني".
أما عن تأثير عودة الاحتدام الى الساحة السورية، لا سيما في شمال وشرق سوريا وصولا الى الجنوب, فيقول المرعبي: "من المستحيل أن يستطيع النازحون من هذه المناطق أن يخترقوا المناطق الفاصلة التي يسيطر عليها النظام الارهابي وحلفاؤه الروس والايرانيون كي يتمكنوا من الوصول الى الحدود اللبنانية من دون رغبة النظام الارهابي وحلفاؤه".
وبين النزوح الأمني والنزوح الإقتصادي: "الفرق شاسع. وما نشهده اليوم ليس بحركة نزوح ثانية إنما عمليات تسلل لأفراد وغالبيتهم من فئة الشباب الذين يدخلون بعلم و تسهيل من عناصر حزب الله و الاسديين وآخرون يدورون في فلكهم، علما أنهم يتقاضون على كل رأس مبالغ مالية بالعملة الخضراء. ومن يعجز عن الدفع يعاد ترحيله إلى سوريا إلى حين تأمين المبلغ المطلوب ليعود ويدخل بنفس الطريقة". وإذ يثمّن المرعبي الجهود التي يقوم بها الجيش اللبناني على الحدود الشرقية إلا أنه يتمنى على الحكومة أن تؤمن لقيادته الحد الأدنى من مقومات الصمود لمكافحة عمليات التهريب على الحدود الشمالية".
في السياق، يسأل المرعبي: "إذا سلمنا بأن النازحين الجدد الهاربين من ارتكابات واجرام النظام الاسدي وحلفائه يأتون من مناطق شمال سوريا فكيف يقطعون كل هذه المسافات وصولا إلى الحدود الشمالية اللبنانية من دون أن يوقفهم جيش النظام السوري أو عناصر حزب الله؟ هل إن الكلام عن أعداد النازحين دقيق وماذا يمنع حكومة تصريف الأعمال من القيام بواجباتها؟". ويضيف: "نعلم تماما أن لو أراد حزب الله أن يضبط حركة العبور غير الشرعية لفعلها. كما ان الحزب يتحمل كامل المسؤولية عن نتائج رفضه ومنعه تشييد الأبراج المجهزة بكاميرات حرارية و متطورة على كامل الحدود الشرقية حسب ما نصت عليه القرارات الأممية وكما تم سابقا على الحدود الشمالية بفضل الجهود البريطانية المشكورة".
يقول المرعبي: "مجبورين نساند اللاجئ الهارب من القتل والارتكابات الاخرى". أما النازحون لأسباب إقتصادية فالمستفيد الوحيد هو الحزب والنظام ومن يدور في فلكهم كون عمليات التهريب تتم بالتنسيق معهم والمواطن اللبناني يدفع الثمن. لذا بات المطلوب استكمال بناء ابراج المراقبة على كامل الحدود لوقف حركة تهريب البشر, وتحميل الحزب كامل المسؤولية والنتائج عن اجرامه في الداخل السوري احتلاله لمناطق النازحين الى لبنان وارتداداته السلبية على لبنان"، يختم المرعبي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك