قال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في كلمة بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لإنطلاقة المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم: "من قم المقدسة إلى بعلبك إلى النبطية إلى صور إلى هنا في الضاحية الجنوبية السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته. أولاً أرحب بكم جميعاً وأشكركم على هذا الحضور الكريم والطيب وأُبارك لكم أولاً الذكرى العطرة في الخامس عشر من شعبان ذكرى ولادة الإمام المهدي الحجة ابن الحسن العسكري سلام الله عليهما، ولجميع المسلمين والمستضعفين والمظلومين والمعذبين في العالم. أبارك لكم ولكل المعلمين والمعلمات عيد المعلم في هذه الأيام. أبارك لكم الذكرى ذكرى تأسيس مدارس المهدي عليه السلام وتأسيس المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم الذكرى الثلاثين وأبارك لكم أيضاً يوم مدارس المهدي عليه السلام، لأننا تبانينا منذ البداية أن يوم الخامس عشر من شعبان يوم ولادة الإمام عليه السلام هو يوم مدارس المهدي عليه السلام. هذه المناسبات إن شاء الله هي مناسبات كريمة، وجليلة، وعزيزة".
أضاف: "اسمحوا لي في البداية أن أتحدث عن المدارس عن القطاع التربوي، ثم أعود إلى مناسبة الإمام عليه السلام وأختم بكلمة في الوضع العام. اليوم من واجبي أن اتوجه بالشكر والتقدير إلى كل القيمين والعاملين في هذه المؤسسة، رؤساء مجالس الإدارة المتعاقبين، المدراء العامين المتعاقبين، لأن ما نحن فيه هو نتيجة تضحيات وجهود الجميع منذ ثلاثين عاماً، دائماً أنا أؤكد في مؤسساتنا، في وحداتنا، في مقاومتنا في حركتنا نحن لا ننسب أولاً الفضل هو لله عز وجل ولكن لا ننسب الفضل لأي شخص وحده، الانجاز هو انجاز الجميع وتعب الجميع وجهد الجميع وجهاد الجميع، ولكل فضلُ، بالدنيا صعب التفكيك والتوزيع النسب المئوية لكن في موازين الحق والعدل الإلهي يوم القيامة لا يضيع شيء. من واجبي أن أتوجه بالشكر إلى الجميع مدراء، رؤساء مجالس إدارة، مدراء، أعضاء مجالس إدارة، المدراء العامين مدراء المدارس النظار، المعلمين، المعلمات، العاملين، الإدارين، إلى كل اجزاء هذه المؤسسة، اجزاؤها البشرية في أي موقع كانوا كل الشكر، التقدير، الاحترام، لجهودهم وجهادهم وتعبهم وسهرهم، وما نحن فيه من انجاز هو نتيجة هذه الجهود، ولكن بالدرجة الأولى نتيجة هذا الاخلاص وهذا الصدق وهذه النوايا الطيبة، لأن في هذه المؤسسة كما في غيرها من مثيلاتها إن شاء الله الدافع الأساسي والحافز الأساسي هو خدمة الناس وعبادة الله والمساهمة في بناء المجتمع الصالح وتمهيد الأرض لذلك اليوم الموعود الآتي".
تابع: "هنا يجب أن نستذكر كل إخواننا وأخواتنا خصوصاً الذين فقدناهم في السنوات الماضية بسبب الكورونا، بسبب الأمراض، أو لأي سبب من الأسباب، وبالأخص الأخ العزيز نستذكر الأخ العزيز والحبيب سماحة الشيخ مصطفى قصير، الذي قضى في هذه المؤسسة زهرة عمره وخيرة أيامه وعطاءه رحمة الله عليه وعليهم جميعاً. مما لا شك فيه كما عُرض في التقارير التي نشرت وشاهدناها وما استمعنا إليه أيضاً من الأخ العزيز الدكتور حسين، أن المؤسسة تطورت بشكل طبيعي وتدريجي رغم كل الظروف الصعبة، لم يكن هناك توقف رغم كل الظروف الصعبة، نتحدث عن ثلاثين سنة كان في حروب وأحداث وعمليات وأوضاع أمنية سواء قبل ال2000 وبعد ال2000 وفي العقد الماضي الأحداث التي جرت تفجيرات وما شاكل، لكن لم يكن هناك توقف كان دائماً هناك تطور طبيعي وتدريجي، على المستوى الكمي عدد المدارس والطلاب والكادر، على المستوى النوعي والكيفي، على مستوى المناهج، على مستوى الحضور العام، على مستوى الفعالية مع اتحاد المدارس الخاصة".
أضاف: "قبل خمس سنوات واحدة من النقاط التي أكدت عليها باللقاء هي انفتاح المؤسسات التربوية على بعضها في كل لبنان بمعزل عن الخلافات السياسية القائمة، إذا كنا مختلفين بالسياسة ومتخاصمين بالسياسة لكن نستطيع التعاون بالقطاع التربوي بشكل يخدم كل هذه الأجيال.على مستوى التعاون الخارجي، على مستوى نقل الخبرة والتجربة لكل من يريد، هذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى حصل واستمر، وهذا بعضٌ من جهادكم واخلاصكم وتجلي رساليتكم. خصوصاً في هذه السنوات الأخيرة كان الجهد مضاعفاً ومميزاً لأنه عندما أتت كورونا حدثت صعوبات، رغم الصعوبات الصحية ومشاكل الحضور، ومشاكل التدريس على وسائل التواصل وما شاكل والانترنت، لكن استطاعت المؤسسة أن تتأقلم وأن تتطور وأن تبذل الجهود المطلوبة بكل كادرها حتى لا يتوقف جهد التعليم".
وقال: "في ظل الظروف المعيشية الصعبة الآن التي يعيشها لبنان خصوصاً هذه السنة وفي السنتين الماضيتين، منذ تشرين 2019 ودخلنا في مرحلة جديدة في ظروف عصبة، لكن هذه السنة الظروف كانت أصعب، صمودكم في المؤسسة، بقاؤكم فيها في إداراتكم، في صفوفكم، في مواقع التعليم، بالرغم من كل الصعوبات، هو أمر يُقدر جداً، خصوصاً ان المؤسسة الاسلامية للتربوية والتعليم حرصت خلال السنوات الأخيرة في موضوع الأقساط، أن تراعي الظروف الصعبة للعائلات الكريمة، وهذا أثر بشكل طبيعي على مواردها المالية".
أضاف: "نحن في الذكرى الثلاثين أُريد أن أؤكد لكم ما يلي:
أولا: عني وعن إخواني لأن انتماء هذه المؤسسة إلى حزب الله هو انتماء معروف ولا يوجد أمر مُخبىء، والعلم يضعونه إلى جانب علم المؤسسة أيضاً علم حزب الله. نُؤكد إيماننا بكم نؤكد إيماننا بهذه المؤسسة التربوية الكريمة، بكم كإدارة، ومعلمين ومعلمات ومسؤولين وكادر. ونعتقد أنكم كنتم لائقين بمستوى المسؤولية وستكونون دائماً لائقين بمستوى المسؤولية. ثانياً بناءً على هذا الإيمان لأن هذا الإيمان يشجع، نُؤكد أننا سنبذل كل الجهود للحفاظ على بنية هذه المؤسسة وعلى كادرها وعلى فعاليتها، وبالرغم من كل الظروف الصعبة التي سنجد طريقة ما للتغلب عليها، واتكلوا على الله ان شاء الله نتغلب عليها. ثالثاً سنعمل ان شاء الله على دعمها ليس فقط للحفاظ عليها بل لتطويرها وتوسعة ميدان عملها عامودياً وأفقياً وجغرافياً وعلى كل صعيد، لأن الآمال التي نعقدها على هذه المؤسسة وعلى هذه المدارس هي آمال كبيرة، وهي على صلة عميقة بمشروعنا الإيماني والجهادي. أهمية ما تقومون به أيها الإخوة والأخوات في دائرة التعليم هو عمل جاد ومخلص، وهذا طبعاً يجب الحرص عليه المستوى العلمي، والمستوى التعليمي، لأنه هذه واحدة من الأزمات الموجودة لدينا في البلد مخاطر المستوى العلمي والتعليمي في المدارس، في الجامعات، هذا تحدي حقيقي له علاقة بالجدية، له علاقة بِهروب الكفاءات، له علاقة ببعض الفساد هنا وهناك له علاقة لا اريد الدخول بالأسباب، لكن هناك مخاطر حقيقية اسمها المستوى العلمي والمستوى التعليمي".
تابع: "في دائرة التربية الذي أكدنا عليه دائماً في كل لقاءاتنا السابقة، ولذلك حتى المؤسسة عندما اخترنا الاسم دائماً عندما يتم اختيار الاسم عندنا، يكون محسوب جيداً ومناقش جيداً لماذا هذه الكلمة؟ عندما قلنا المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم وقدمنا حتى كلمة التربية على التعليم كل هذا كان مقصوداً، هذا ليس بالصدفة أنه والله نكتب أسماء، كلا. في ماهية المؤسسة في جوهرها في مهمتها الأساسية هي المهمة التربوية وهي مؤسسة تربوية، عندما تقول لي هذه المؤسسة ما هي جوهرها؟ وما هي طبيعتها؟ وما هي ماهيتها؟ أقول لك تربوية تعليمية، تبدأ تربوية تعليمية، أهمية التربية لا تحتاج لنقاش لكل الحاضرين والحضرات، لكن تزداد هذه الأهمية في هذا الزمان بسبب المخاطر التي تواجهها الاجيال الحاضرة، مخاطر اضافية لم تكن موجودة في الأجيال السابقة، مثلاً عندما كُنا شباب ونذهب إلى المدارس يوجد نوع من المخاطر الموجودة الآن لم تكن موجودة في ذلك الزمن، وهذا يزيد التحدي والصعوبات ويرفع المسؤولية. اليوم الأجيال الحالية كل شيء مفتوح أمامها، هذا ما نتحدث به دائما في الجلسات، كل شيء مفتوح، بالسابق بالنهاية كانت توجد رقابة على وسئال الاعلام، كانت توجد رقابة على الصحف والمجلات، كانت توجد رقابة على االتلفزيونات، كان يوجد مستوى اهتمام عالي من الأهل، هذا أيضاً تراجع، فالأهل كانوا يدققوا ويتابعوا أولادهم ماذا يشاهدون؟ وماذا يقرأون؟ وما الذي يأتون به؟ وما هي المجلات التي يُدخلونها إلى بيوتهم؟ ما الذي يدرسونه؟ ومن أصحابهم؟ ومن يُصادقون؟ مع من يخرجون؟ أي ساعة يُغادرون؟ وأي ساعة يعودون؟ هذا كله صار من الماضي، هذا صار يتنافى مع الحداثة التي يتحدثون فيها".
أضاف: "في كل الأحوال اليوم لم يعد هناك شيء، صار يوجد هاتف صغير بحجم كف اليد، والأولاد كلهم ما شاء الله يمتلكونه، أولاد الفقراء وأولاد الأغنياء، بالأعم الأغلب أولاد الفقراء، وجاءت مصيبة الكورونا صارت ذريعة اضافية وصار الأونلاين والانترنت ولا أعرف ماذا..، دخل إلى كل بيت وإلى كل غرفة وبكبسة زر يصبح الولد مفتوح على كل شيء، ما يقال وما لا يقال ما يرى وما لا يرى، لا يوجد ضابط، هذه من المخاطر. من جملة المخاطر اليوم، تعميم أو العمل على تغيير ثقافي بعنوان القيم الغربية والثقافة الغربية، التي تغير طبيعة العلاقة بين الأولاد والأهل، والتي لديها نظرة مختلفة على الأسرة والعائلة، وهذا نرى انعكاساته اليوم في المجتمعات الغربية، كثير مما هو حرام ديني في الاسلام والمسيحية الكثير، مما هو عيب أخلاقي في عاداتنا وتقاليدنا الطيبة والإنسانية في الشرق يُعمل على مسحها، ليكون البديل هو التفلت في كل شيء، التفلت العائلي، التفكك العائلي، التفلت الأخلاقي، من أخطر ما يُعمل عليه الآن المناهج، أنا ذكرت في مناسبات وهذا موجود تعميم من وزارة الخارجية الأمريكية إلى كل سفاراتهم في العالم، وهذا ليس سراً بل موجود، طلب من السفارات في العالم أن تعمل لدى حكومات البلدان الذين هم سفراء لديها من أجل ترويج ثقافة المثلية، في المدارس، وفي الجامعات، تحويلها إلى ثقافة، هذا أمر عادي وطبيعي ويجب أن يكون ثقافة، والدفاع عن هذه الثقافة، والتنديد بمن يعارضها أو يواجهها أو يرفضها، هذه الولايات المتحدة الأميركية، الإدارة الأميركية، طبعاً هذا كله هادف وليس أمراً شيطانياً فقط، كلا لديه أهداف، في كل الأحوال هذه المخاطر موجودة. من جملة المخاطر المواد المخدرة، انتشار المخدرات، وأيضا في المدارس، في بعض المناطق أحياناً تأتينا معلومات، نحن نتعاون مع الأجهزة الأمنية، يوجد ناس يأتون وبقدر ما هم سيئين وشياطين وأبالسة، يأتون ليوزعوا على الطلاب حبوبا على أساس أنها مثلاً حلويات أو علكة أو شيء له علاقة بالتسلية، ولكنها في الحقيقة تتضمن مواد مخدرة، بهدف أن يعتادوا عليها، ويصبح هذا هو مطلب لهم، حتى يبدأوا لاحقاً بِبيعها لهم، هؤلاء من أسوأ خلق الله عز وجل، تعرفون أن الذي يبيع ويُروج ويُتاجر بالمخدرات في أي مجتمع من المجتمعات، هو من أسوأ أنواع المفسدين في الأرض، عندما نتحدث حتى على المستوى الشرعي والقانوني والفقهي، من أسوأ أنواع المفسدين في الأرض، هذه المخاطر موجودة".
تابع: "في مواجهة هذه المخاطر هناك شكلين للمواجهة: في الشكل الذي يذهب لمعالجة النتائج، الأولاد الذين أصبحوا معتادين على المخدرات، نأخذهم لنعمل لهم برامج، ونعمل لهم مصحات طبية ونفسية وما شاكل... من يُخاطرون ويَبيعون المخدرات نُريد أن نعتقلهم ونرميهم في السجون وأن نُحاكمهم، أي نُريد أن نذهب إلى معالجة النتائج أو على سد الأبواب أمامها، لكن هناك أسلوب آخر، هو الله سبحانه وتعالى دعا إليه البشرية من خلال أنبياءه ورسله، هو التحصين الروحي والنفسي للأفراد، للأجيال، عندما نَأتي ونُربي هؤلاء الأجيال هؤلاء الناس على مخافة الله سبحانه وتعالى، نُربيهم على تجنب كل ما هو معصية وكل ما هو قبيح وكل ما هو شر وكل ما هو سيء، وتُصبح هذه ملكة عندهم طبيعة حقيقة في أرواحهم وفي أنفسهم، خلص صار هو مُحصن، مُحصن أمام قيم التفلت الأخلاقية، مُحصن أمام الإفساد الفكري والأخلاقي، مُحصن أمام الإغراء بالمواد المخدرة، مُحصن أمام الإغواء بالعنف، العنف الذي نَراه هذا نتيجة تربوية، العنف الموجود يومياً، لا تظهر وسائل الإعلام الأميركية لنا كل شيء، تتحدث عن بعض الولايات الأساسية في أميركا، لكن انظروا إلى الصرخة هناك في قلب المدارس أولاد المدارس سباب أحيانا بنات، يقتل رفاقه ومعلميه وينتحر بنهاية المطاف، لماذا؟ إذاً التحصين، ما الذي يؤدي للتحصين؟ هو التربية، مثل ما شاء الله في الثلاث أربع سنوات الأخيرة أصبح كل الناس مهتمين بالموضوع الصحي، مرة يوجد شخص ليس لديه مناعة، مناعته الجسدية ضعيفة، أي جرثومة أي ميكروب أي شيء تراه ينعدي ويمرض ووقع وانهار، أما من لديه مناعة مهما جرى قربه يبقى صامدا وقويا وسليما وصحيحا".
وقال: "نفس الأمر بالموضوع الروحي والنفسي، لنذهب إلى عمل مناعة، لنذهب إلى عمل حصانة، المناعة والحصانة لا يعملها التعليم بل تعملها التربية، كم هناك من الناس لديهم العلم ولكن ليس لديهم حصانة، وعندهم علم وليس لديهم مناعة، يعني لديهم علم لكن ليس لديهم تقوى، وربما ليس لديهم قيم أخلاقية، كم من الناس لديهم علم، أقصد أياً من انواع العلم ووتراهم يستغلون علمهم في إستغلال الناس وفي سحب دماء الناس وفي الإستفادة من أسوا الظروف التي عاشوها الناس، ولدينا الكثير من الأمثلة في البلد وغير البلد، مسؤولية التربية هي مسؤولية كبيرة جداً، وعلينا أن نذهب إلى التحصين ولذلك نؤكد على التربية، هذا ماذا يتطلب؟ هذا يتطلب أيضاً أن وظيفة المعلم والمعلمة والمدير والناظر والمؤسسة التربوية أن لا تبقى فقط مهنة، فلتكن مهنة لا مشكلة، ومهنة شريفة، ويتقاضى عليها أجراً، هذا طبيعي جداً، لكن يجب أن يُضاف إليها وأن يؤسس معها روح رسالية وانسانية، ما هو الفرق؟ مثلاً بإعتبار أن هناك إخوان من قم يُتابعوننا، مثلاً في الحوزة العلمية، يوجد نوعين من الاساتذة، يوجد أستاذ مثلاً من المشايخ يقعد ليعطي الدرس بسم الله الرحمن الرحيم قَال.. قُلنا.. إن قُلت.. قُلت.. ف.. ف.. ف.. ف.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ويمشي، لا عمل له مع الطلاب إذا إستفادوا أو لم يستفيدوا وإذا تعلّموا أو لم يتعلّموا، حفظوا أو إنتبهوا او لم ينتبهوا، بعد ذلك وضعهم الاخلاقي والروحي والإيماني لا يعني له شيئا، هذا نوع من الأساتذة، يوجد أستاذ من نوع آخر، يُعلم ويَهمه أن يحصّل طلابه العلم، وبنفس الوقت يصبح مُربي، وهؤلاء الطلاب يصبحون بالنسبة له بمثابة أبناء وأحبة، هذا البعد الرسالي، في المدارس يوجد أساتذة لا يهمهم إذا الطلاب إن درسوا أو لم يدرسوا، هل فهموا أو لم يفهموا، ينظر إلى الساعة خلص الوقت، يعطيكم العافية وفي أمان الله، المعلم الرسالي يهمه هؤلاء الطلاب فعلاً أن يتعلموا ويستفيدوا ويرتقوا ويكونوا محصّلين وينجحوا، وإذا تفوقوا كذلك يكون الموضوع أحسن، يعني هذا جزء من همه ومن مسؤوليته ومن هاجسه، وبنفس الوقت هو كأستاذ وكُلنا نعرف وكُلنا كنا طلاب في المدارس أن الاستاذ هو عادة من يصبح قدوة عند الطلاب، أنا أذكر عندما كُنا في الابتدائي، كان الاساتذة في الصف أغلبهم كان أساتذة، اليوم الأغلب هم معلمات، فكنّا نحب أن نلبس ما يلبس، كنا نحب أن نمشّط شعرنا كما يفعل، وكنا نحب أن نتكلم كما يحب أن يتكلم، هكذا كُنا بالمدارس، وأعتقد الناس هم الناس، مثل ما كنّا نحن الاولاد اليوم نفس الشيء، الاستاذ هو جديا قدوة والمعلمة قدوة، يجب أن ينتبه إلى أنه بسلوكه وأدائه وكلامه وجلسته وتعليقه وتعاطيه مع الطلاب هو يمارس دور التربوي، إنتبه أو لم ينتبه، شاء أم أبى، وبالتالي هو يطبع شخصيته على هؤلاء الطلاب خصوصاً في المراحل الإبتدائية والمتوسطة، أما أكثر من ذلك نحن نطلب المسؤولية الرسالية، عندما نأتي إلى مدارس المهدي عليه السلام كما سمعنا في النشيد الحلو والشعر الجميل، وهو شاعر على كل حال شاعرٌ جميل الشيخ محمود، هذه المدارس هدفها تربية أجيال مؤمنة ومجاهدة، نحن لا نُخفي أنفسنا، أجيال مؤمنة ومجاهدة ومقاومة، ومنتظرة وممهدة وأجيال تتطلع إلى العدل، إلى السلام والمحبة، والى رفض الظلم والطغيان والطغاة، وهذا بحاجة الى جهد وهذا مسؤولية المؤسسة بالدرجة الاولى".
أضاف: "إذاً أنقل كلمتين إلى القطاع التربوي، في القطاع التربوي بشكل عام بإعتبار السنخيّة مع المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم، القطاع التربوي بشكل عام اليوم في لبنان مثل ما أشرنا قبل قليل كله يُواجه تحديات كبيرة، مثل بقية القطاعات، كما القطاع الصحي اليوم يواجه مخاطر جدية وكبيرة، نتيجة الظروف التي استجدت في السنوات الاخيرة، الظروف المعيشية بطبيعة الحال أثّرت على كل أطراف العمليّة (التربوية)، أثّرت على الاهل، اليوم الكثير من الأهل الذين كانوا يسجلون أولادهم في المدارس الخاصة لم يعودوا يستطيعون فعل ذلك، هذا عمل إنتقال واسع وكبير في السنوات الاخيرة إلى المدارس الرسمية، ثانيا، وهذا سيزداد، يعني مع الوضع القائم، ثانياً، أثّر على المعلمين والمعلمات، الرواتب التي يتقاضونها، سواء في المدارس الرسمية أو المدارس الخاصة، وهم مُحقين، أن هذه الرواتب ضمن الوضع الحالي والمعطيات الحالية ومع تدهور العملة الوطنية وإرتفاع سعر الدولار والغلاء الموجود في البلد، يعني أصبحت الرواتب لا تقدّم ولا تؤخّر، وهذا عامل ضغط كبير، ايضا أحد أطراف العملية والتي هي نفس المؤسسات التربوية، علقت في منتصف القضية، في المدارس الخاصة إذا رفعت الاقساط يوجد مشكلة مع الناس، إذا لم ترفع الاقساط من أين عندها ستعزز رواتب المعلمين، وكيف ستستمر هذه المؤسسة، لذلك عندما نأتي إلى المدارس الرسمية الوضع أصعب، لذلك اليوم المخاطر هي ليست فقط كما أشرت قبل قليل على المستوى العلمي والتربوي والتعليمي في القطاع التربوي، بل توجد مخاطر على وجود القطاع، وعلى أنه يوجد جامعات هل تستطيع أن تكمل أم أنها ستضطر أن تقفل، وهل بإستطاعة مدارس معينة من الاستمرار أم سيكون مضطرة أن تقفل، كم من الزمن مر على إقفال المدارس الرسميّة؟ ها هي عادة وفتحت أبوابها، وسأعود إليها بعد قليل، بكل الأحوال، نعم هناك خطر وجودي اليوم على هذا القطاع والذي يتطلب إستنفار وطني، هنا ليس فقط مسؤولية الحكومة، وأن نلقي كل الثقل على الدولة وعلى مجلس النواب مثلاً، يوجد مسؤوليات متنوعة، حسناً، في المدارس الخاصة لدّي توصية أنه أنا أقدّر وأتفهّم تماماً أنّهم يريدون أن يزيدوا الأقساط، وأن يُحسّنوا رواتب المعلمين، ويريدون أن يُوازنوا، يوجد مشكلة موجودة في البلد وللأسف الشديد علينا أن نعترف بها جميعاً وهي موجودة أينما كان، المظهر الواضح لها والبشع هو بعض التجار الموجودين في البلد ، الذين لا يكتفون بالرغم من كل الوضع الصعب ومن كل الألام ومن كل الأنين لا يكتفون بأرباح متواضعة، بل يحصلون على أرباح عالية ومرتفعة، يوجد جشع بشع، وجشع لا يُصدق، ويوجد جشع، يدعك تناقش أن هذا الذي أمامك هو أصلاً إنسان؟ هل لديه مشاعر إنسانية أو لا يمتلك مشاعر إنسانية؟ أنا مضطر أن أتكلم بهذه القسوة لأن هذا واقع موجود، ونحن مطلعون على الأسعار، وصرنا مضطرين في السنوات الاخيرة وهذا جزء من إهتمامنا، أنه بالفعل المواد الغذائية وكثير من السلع سواءً التي يتم إنتاجها في الداخل وهي قليلة، أو يؤتى بها من الخارج، كم هو سعرها في الخارج؟ وكم هو سعرها واصلة إلى لبنان؟ وكم سعرها عندما تباع في السوق؟ وكيف يُلعب في الاسعار؟ وكيف يتم رفع الاسعار؟ يوجد شيء غير أخلاقي وغير إنساني، ويوجد شيء متوحش، هنا على ماذا تُريد أن تُراهن؟ عليك أن تُراهن أنه عليك أن تذكّر هؤلاء الناس بمسؤوليتهم الأخلاقية تجاه أهلهم وشعبهم، عليك أن تُذّكر الدولة أن تتحمل مسؤولية وهي لا تتحمل مسؤولية إلا قليلاً، عندما نأتي إلى المدارس الخاصة، أيضاً الدعوة إلى أنه يا أخي رغم كل الظروف الصعبة، هل يمكننا أن لا نربح؟ هل يمكننا أن ننظم أمورنا أنه يا أخي الوارد والصادر أن يخرجوا غير خاسرين؟ هذه السنة السنتين الثلاثة، إعتبروها مساهمة إجتماعية، مساهمة إنسانية ووطنية ومساعدة،عملية إنقاذية، جهد أخلاقي، لا يطلب أحد من المدارس الخاصة أن تخسر، ولكن يمكننا مثلا أن لا نربح، أو يمكننا إذا كنا نريد أن نربح أن نربح شيئا معقولاً ومتواضعاً، لأن هذه واحدة من المشاكل الموجودة في البلد، رغم كل المعاناة والصعوبات يوجد مدارس خاصة ما زالت مُصرةعلى الربح الوفير، وأنا لدي أرقام على هذا الموضوع وأنا لا أظلم أحداً على الإطلاق، هذه دعوة للمدارس الخاصة، أمّا للمدارس الرسمية اليوم تعرفون أنه رأينا منذ 30 سنة، نحن مع المدرسة الرسمية، لدينا مدارس خاصة ولكننا مع المدرسة الرسمية، مع تقوية المدرسة الرسمية وتعزيزها، والعناية بها وإعطائها الأولوية والجامعة الرسمية، لأن المدارس الرسمية لا تستطيع أن تستوعب كل الناس ولا تستوعب أغلب الناس، لا سابقاً والآن في ظل الازمة الوضع أصعب، الآن لا أُريد أن أتكلّم نظريات في هذا الملف ولكن أريد أن أعقّب على المستجدات الأخيرة، حسناً المعلمين مُحقين في المدارس الرسمية وفي الجامعات، ومحقين، لا يستطيع أي أحد أن يناقش بأحقية مطالبهم، ولو طلبوا أكثر مما يطلبونه أيضاً معهم حق، هذا لا يوجد فيه نقاش، قاموا بالإضراب المفتوح كوسيلة للضغط على الدولة، حسناً، تعطلت المدارس وهي لمدة طويلة عطلت، عملياً سينتهي العام الدارسي، يعني يوجد أجيال وليس جيلاً واحداً، لأنه نحن نتكلم عن إبتدائي ومتوسط وثانوي وجامعي، يوجد أجيال ربما تفوتها السنة الدراسية، ولا نعرف ماذا يحصل السنة القادمة، وعندما أتت حكومة تصريف الاعمال واخذت بعض القرارات ( في الشأن التربوي)، هذه القرارات كانت غير مرضية للمعلمين بالشكل الكافي، لا تحقق لهم طموحاتهم، الأغلبية من المعلمين قبلوا، وعادوا إلى التدريس، أنا اليوم أريد أن أتكلم مع بقية المعلمين، وأتمنى عليهم أن يقبلوا، وأنتم حقكم صحيح، ومطالبكم صحيحة، ولا يوجد فيها نقاش، أُريد أن أطلب من كل المعلمين وأتمنى عليهم رأفة بالأجيال، يوجد شيء مطلوب منهم ويوجد شيء مطلوب من الحكومة، الوعود التي وعدت بها الحكومة يجب أن تُنفذها، ويجب أن نطالبها جميعاً بأن تنفذ هذه الوعود، وأن لا تتخلف، وأن لا تُعطي ذريعة لأي أحد حتى يعود إلى الإضراب؟ وللمعلمين أقول لهم: ما قدمته الحكومة صحيح انه ليس كافياً، لكن نحن نتمنى عليكم أن تُوازنوا بين مجموعة أمور، بين مطالبكم المُحقة، وبين أجيال سوف تخسر عام دراسي كامل، وبين إمكانيات الحكومة التي هي إمكانيات واقعاً صعبة، أنا لا أدافع عن الحكومة ولا أدافع عن الدولة، لكن كُلنا نَعرف اليوم ما هو الوضع المالي، ونعرف حتى إذا كان يوجد محل يريدون أن يزيدوا فيه الرواتب فإنهم سيزيدون الضرائب، يعني من العب إلى الجيبة، يعني من "دهنه سقيله"، يعني نزيد الرواتب يعني سنذهب إلى مزيد من الغلاء، مع ذلك أنا أدعوكم، يا أخي في هذه الأشهر القليلة القادمة وبقية العام الدراسي وإعتبروها مساهمة إنسانية، ومساهمة أخلاقية ومساهمة جهادية وإيمانية، لكل الذين يفهمون باللغة الإنسانية والأخلاقية نُخاطبهم هكذا، ولمن يهمهم الشأن الديني والله هذا يوجد أجر وثواب عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، هذا من العمل الصالح الذي تجدونه حاضراً أمامكم يوم القيامة، بكل المقاييس الدينية والإنسانية والإيمانية والوطنية والأخلاقية، أدعو المعلمين إلى مواصلة العام الدراسي وعدم العودة إلى الإضراب".
تابع: "أتكلم كلمتين عن المناسبة وأختم بالنقطة العامة، كل ما تكلمنا فيه عن المدارس ينطبق على الجامعة أيضاً، بالعودة إلى المناسبة، أهم ما في هذه المناسبة من رسائل، يعني الـ15 شعبان التي نحن نؤمن أن في هذا اليوم وُلد الإمام المهدي عليه السلام، الإمام الموعود الذي نقل الشيعة والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه في أخر الزمان سيأتي رجل من أحفاده، من إبنته الطاهرة السيدة الزهراء عليها السلام ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً، أهم رسالة هي رسالة الأمل، وثقافة الأمل، وروح الأمل، الأمل بالمستقبل، الامل بالغد الموعود، الأمل بالزمن الاتي، يعني ثقافة أنه لا يوجد أبواب مسدودة، ولا يوجد حيطان مقفلة، ولا يوجد ظلام دامس لا شمس بعده ولا ضياء ولا نور، ولا يوجد ظلم مُطبق وبالتالي لا فرصة للعدل وللحرية، ليس مستقبل هذه الأرض دائماً حروب وعنف، كلا، سيأتي يوم يحل فيه السلام، هذا الأمل، طبعاً في الثقافة الدينية، الأمل هو جزء من التربية الدينية والإيمانية، وهو جزء من الثقافة الدينية، لأن من يؤمن بالله سبحانه وتعالى في كل الأديان، من يُؤمن بالله سبحانه وتعالى وبأن الله عز وجل حاضر وناظر، وبأن الله عليم وسميع وبصير وأن الله غني وأن الله جواد وأن الله قدير، وأن كل المقادير بيد الله، وبأن بيده ملكوت السموات والارض، هذا الإنسان لا يمكن أن ييأس ودائماً يعيش حالة الأمل، لماذا؟ لأنه إذا يأس من الناس ويأس من الأسباب الطبيعية وانسدّت كل الأبواب في وجهه، يوجد باب مفتوح ليل نهار، هو باب الله سبحانه وتعالى، ويستطيع أن يتكلم مع الله ساعة يشاء ويناجيه ويطلب منه ويدعوه سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى سميع بصير وعليم خبير، وأيضاً ليس فقط سميع بصير، يوجد من يسمع ويبصرويعلم ولا يستطيع أن يفعل شيء، يقول لك لا يوجد في اليد حيلة، كلا، وهو قديرٌ وغني وجواد وكريم، من يؤمن بالله على هذه الطريقة لا يمكن أن ييأس، لأن لديه دائما بابا للأمل، وهو الله سبحانه وتعالى، هذا في حياتنا وفي حياة كل الأجيال التي سبقتنا، في حياتنا الشخصية الخاصة والحياة العامة وحتى في قتالنا ومقاومتنا وصراعنا هذا نعيشه في كل يوم، لكن إضافةً إلى ذلك الله سبحانه وتعالى في أسباب الأمل أعطى وحدد أسباب مباشرة، هذا أيضاً موجود في كل الأديان، الأمل في المستقبل الآتي، أنظروا مثلاً إلى اليهود، هم يعتقدون بأن مسيحاً سوف يأتي في آخر الزمان ليقيم ملكوت السماء على الأرض، بمعزل عن أدبياتهم، طبعاً هم لا يعتقدون أن هذا المسيح هو السيد المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام، وإنما ينتظرون مسيحاً آخر، هذا أولاً، المسيحيون يعتقدون كلهم أو بالأعم الأغلب، يعتقدون بعودة السيد المسيح إلى هذا العالم في آخر الزمان، أيضا ليقيم ملكوت السماء، المسلمون بالإجماع يعتقدون بأمرين، الأمر الاول أنه سيظهر في آخر الزمان حفيد لرسول الله من فاطمة، إسمه المهدي وسيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، على إختلافٍ بين المسلمين بين قائل أنه ولد كما نقول نحن أنه ولد في الخامس عشر من شعبان، وعلى قائل أنه سيولد قبل اليوم الموعود والظهور الكبير وتحقق الوعد الإلهي بثلاثين عاماً أو أربعين عاماً، لأنه عندما بقوم بثورته العالمية سيكون عمره 30 عاماً أو 40 عاماً، ونَعتقد بأمرٍ آخر وهو عودة السيد المسيح عليه السلام إلى هذه الدنيا، ونحن الذين نُؤمن أنه ما زال على قيد الحياة، يعني الله سبحانه وتعالى أعدّ للبشرية منقذين عظيمين، مُخلصين عظيمين، مصلحين عظيمين، والواضح أن البشرية صعبة إلى حدّ أنها تحتاج إلى هذين العظيمين، لكن هذا يبعث الأمل. لم يُحدّد الزمان، يمكن هذا أن يحصل في أي وقت، وهذا أيضًا من بواعث الأمل، لأنه عندما نقول أن هذا سيحصل بعد مئة سنة أو ألف سنة هذا يجعل الأمل ضعيفًا، بل يفتح أبواب اليأس. أما عندما لا نعلم، وهذه من حكمة إخفاء الزمان، زمان ظهور المهدي وعودة المسيح عليهما السلام، هذا يجعل الأمل حاضرًا في الليل وفي النهار، وهذا ما نشعر به ونعيشه أيضا".
وقال: "أكثر ما نحتاجه أيها الأخوة والأخوات في مرحلتنا الحالية أيضًا هو روح الأمل. في الأربعين عاما الماضية تذكرون في عام 1982 - هنا سأطل على الوضع العام، النقطة الأخيرة - في عام 1982 عندما اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي لبنان وجاءت قوات متعددة الجنسيات وجزء من الداخل اللبناني تحالف مع الاحتلال، يعني هذا البلد الصغير كان يحتله أكثر من 130 ألف ضابط وجندي أجنبي ما بين إسرائيلي وغربي، ويعيش مشكلة داخلية حادة وجزء من الداخل اللبناني متعاون. من جملة الأشياء التي عُمل عليها بالإعلام وبالسياسة وبالتوجيه وفي المجتمع هي بعث روح اليأس، أنه لا يوجد إمكانية لتحرير الأرض، دخل لبنان في العصر الإسرائيلي ولا أمل للبنان وللبنانيين أن يخرجوا من العصر الإسرائيلي، واليأس ما نتيجته؟ ليس اليأس أنه فقط يُخبّئ حزنه وألمه ويأسه ويجلس في المنزل، لا، هذا اليأس له نتائج سياسية وأمنية واجتماعية وحياتية، أخطر نتائجه هو الاستسلام، هو القبول بالإحتلال، هو القبول بالواقع الذي فرضه الإحتلال، هو القبول بشروط الإحتلال، هو القبول بالحاضر والمستقبل الذي يصوغه لك الاحتلال بعيدا من وطنك ومصالحك الوطنية، بعيدًا عن كرامتك وحريتك وسيادتك وشرفك. حسنًا، أُريد للناس أن يكونوا يائسين، ولكن المقاومة في لبنان بكل تجلّياتها وفصائلها ومنابرها ودعواتها انطلقت من موقع الأمل، أنه لا، نحن نستطيع، نحن نقدر أن نُلحق الهزيمة بهذا العدو، نحن نستطيع أن نمسح العصر الإسرائيلي، نحن نستطيع أن نجعل هذا الجيش الذي لا يُقهر أن يهزم وأن يذل وأن ينسحب بلا قيد وبلا شرط. هذا الأمل هو الذي أنشأ المقاومة، نتيجة الأمل هو المقاومة، نتيجة اليأس هو الاستسلام، وكانت المقاومة التي صنعت انتصارات سريعة، من عام 1982 إلى العام 1985 كان الانتصار العظيم الأول، خروج الاحتلال من بيروت، من الضواحي، من جبل لبنان، صيدا، صور، النبطية، البقاع الغربي، راشيا، طبعًا لم يحظَ اللبنانيون باحتفال لائق لذلك الانتصار العظيم بسبب القتال الداخلي، لأن الإسرائيليين حوّلوا العرس إلى جنازة. هذا الذي حاولوا أن يفعلوه عام 2000 ولكن المقاومة بأخلاقيتها ومناقبيتها وانضباطها فوّتت ذلك على العدو".
أضاف: "في عام 2000 المقاومة استمرت بهذا الأمل، وفي عام 2006 المقاومة صمدت بهذا الأمل. عندما حصل 11 أيلول وقيل لنا أن المنطقة دخلت في العصر الأميركي وأميركا اجتاحت أفغانستان والعراق وهدّدت بقية دول المنطقة، أيضًا نفس المنابر ونفس الإعلام ونفس الجهات، الكل قالوا لنا ولغيرنا، إيأسوا، ليس هنالك إمكانية لمواجهة أميركا، ليس هنالك إمكانية لطرد الاحتلال من أفغانستان، ليس هناك إمكانية لطرد الاحتلال الأميركي من العراق، ليس هنالك إمكانية لمواجهة المشروع الأميركي، أميركا قادمة بكل جيشها وعديدها وعُدّتها ومالها وسلاحها وحربها الخشنة وحربها الناعمة وستقاتل من يقف في وجهها وتمسحه عن الوجود. مضت سنوات قليلة وتبيّن أنها هُزمت، هُزمت في العراق وهُزمت في أفغانستان وهُزم مشروعها في المنطقة وسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد. كيف وقفت الناس في كل المنطقة من جديد؟ بالأمل، لم تستسلم لليأس، لم تقبل أن تيأس. طبعًا هنا يوجد عوامل متعددة، عوامل إيمانية، عوامل أخلاقية، عوامل ثقافية، فكرية، إنسانية، هناك شيء له علاقة بطبيعة كوننا أهل المنطقة، أهل الأرض، تاريخنا، عاداتنا، تقاليدنا، لكن الأمل".
تابع: "في ما مضى أيضًا، من أجل أن يعزّزوا روح اليأس عندنا ويقنعوك أنك ضعيف وهزيل وعاجز، من أهم الوسائل كان القتل والمجازر، هدم البيوت، التهجير العام، أليس هذا ما كان يحصل في لبنان، في 78 و 82 وفي مراحل مختلفة. هنا سأستحضر مناسبة - أيضًا للعبرة - هي مناسبة مجزرة بئر العبد التي حصلت عام 1985، كلنا نتذكر تلك الحادثة والأجيال الجديدة يجب أن تقرأ عنها وتسمع عنها لأن لها عبرة عظيمة جدًا. طبعًا كان المستهدف في التفجير، السيارة المفخخة التي تمّ تفجيرها على طريق بئر العبد، هو سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله تعالى عليه - لماذا كان مستهدفًا؟ أعود إليها لاحقًا - أخذ الأميركي قرارًا ومعه في الإقليم ومعه في لبنان - لن أسمي كثيرًا لأنه لا نريد هذه الفترة أن نفتح مشاكل لنرى كيف سنُقطّع هذه المرحلة، لكن معروف من في الإقليم ومَن مِن لبنان، يعني هؤلاء بعض الناس الذي يقول لك نحن سياديين ونحن أحرار ونحن وطنيين أيديهم إلى هنا (يُشير إلى الزند) بالدم، كانوا متورطين وبزمانهم حصل هذا الأمر - في كل الأحوال، وضعت السيارة على طريق بئر العبد، طريق بيت سماحة السيد، بين المسجد والبيت، وتمّ التفجير، من نِعم الله لطف بسماحة السيد، وهذه القصة معروفة أنه جاءت أخت من الأخوات لأن سماحته كان يصلي بالرجال ويعود ويصلي بالأخوات وبعد ذلك يفتح لهم مجال للسؤال والإجابة فأخت أطالت بالنقاش وجزء من الموكب سار فحصل التفجير. استشهد ما يزيد على 75 شهيدًا، ما يقارب وما يزيد عن 270 جريحًا، الكثير منهم جراحه صعبة، أكثر الشهداء كانوا نساء وأطفال، بعض الشهداء كانوا أجنّة في أرحام النساء. متى؟ في اليوم العالمي للمرأة، هذه أميركا التي تُطالب باليوم العالمي للمرأة، التي تُزايد على حكومات ودول العالم كيف تتعاطى مع المرأة، أليس كذلك؟ هذه أميركا، هنا بالضاحية الجنوبية لبيروت عاصمة لبنان أرسلت لنا سيارة مفخخة وهم كانوا يعرفون أن على هذا الطريق بهذا التوقيت عندما سماحة السيد يُريد ان يخرج من المسجد إلى البيت أن أغلب الناس الموجودين بهذا الطريق هم نساء لأنه تكون صلاة الجمعة للنساء قد انتهت، لم يُبالوا، نساء، رجال، أطفال، وكانت تلك المجزرة المهولة. طبعًا كان هدف العملية هو بعث الرعب واليأس في قلوبنا، أولًا من خلال استهداف سماحة السيد رضوان الله تعالى عليه لما كان يمثله وبقي يُمثله من موقع متقدم في مواجهة الاستكبار والمشاريع الأميركية والمشروع الصهيوني واستنهاض أجيال الشباب للإلتحاق بالمقاومة وقتال هذا العدو، موقع سماحة السيد معروف للجميع وخصوصًا في تلك المرحلة، كان حضوره البارز والمؤثر لأنه كان العالم جميعهم غير ظاهرين ومختبئين ولم يأخذوا مكانهم في الساحة، فكان سماحة السيد يملأ مساحة كبيرة جدًا، وكان اغتياله يعني ضربة قاصمة وقاسية جدًا، هذه من جهة، كان يمثل أملًا للجميع. ومن جهة ثانية، حتى يقولوا لنا، ثمن مقاومتكم في الجنوب - لأنه نتحدث عام 1985 - ثمن انتصاركم في عام 1985 هو أن تدفعوا دماء نسائكم وأطفالكم ورجالكم، يعني أنتم عاجزون عن الدفاع عن حماية أعراضكم ونسائكم، نحن سنحول نساءكم إلى أشلاء وأجزاء مُقطّعة، نحن سنبقر أرحام وبطون نسائكم ونقتل فيها الأجنّة. هذه كانت رسالة المجزرة عام 1985، الأميركي ومن الدولة الإقليمية الشريكة ومن القوى المحلية الشريكة. لكن أيضًا تغلبنا على هذا بالأمل، تحول هذا الألم، هذا الحزن، هذه الفاجعة تحولت إلى غضب، إلى تصميم، إلى عزم، لأنه نحن لا نستسلم بهذه الطريقة ولا ننهار بهذه الطريقة. قبل أيام عندما كُنا نتحدث عن الجرحى والأسرى، الإمام زين العابدين عليه السلام في كل الظروف الصعبة التي عاشها، في كل الظروف الصعبة، شاهد كربلاء ومصائب كربلاء، وشاهد الكوفة وذهب إلى الشام ومصائب السبي، عزيزٌ عليه أخته وبناته وأخواته وعماته وأحبابه وأقربائه جميعهم، بنات رسول الله يُسبَون بهذه الطريقة وتهديد بالقتل بكل لحظة، ومع ذلك ماذا كانت كلمته التي هي مشهورة والتي هي شعار عنا، ولكل أحد يُهددنا بالقتل، والآن سأوسّعها، لكل أحد يهددنا بالقتل، بالقتل بالسيارة المفخخة، بالقتل بالحرب العسكرية، بالقتل بالتجويع، بالقتل بالحصار، بالقتل بأي طريقة. انظروا، في الخلفية النفسية هذا لا يهزّنا، إمامنا في أصعب الظروف كان يقول: "أبالموت تهددني يا بن الطلقاء إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة"، نحن لا نستسلم بالقتل، لو قتلتم رجالنا، قتلتم نساءنا، قتلتم أطفالنا، لا يمكن أن تهتز إرادتنا على الإطلاق أو يلين عزمنا، أو نشعر بالضعف أو الوهن لأننا نعتمد على الله ونثق بالله ونثق بشعبنا وبقدراته وبالخير العظيم الموجود فيه، ونثق بأجيالنا ونثق بشبابنا".
أضاف: "هذا أيضًا فلنوسّعه في نهاية الكلمة لنقول، أيضًا في مواجهة الأزمة المستجدة من ثلاث سنوات إلى اليوم، الأزمة المعيشية والاقتصادية والآن الأزمة السياسية، أنا أقول للبنانيين: الرسالة الرئيسية يجب أن تكون ألا تيأسوا، هم يريدون منّا أن نيأس، طبعًا نتيجة اليأس يُريدون الاستسلام، يعني مقابل أن أميركا، الآن هناك أناس يقولون لك لا يوجد حصار، منذ أيام عدة كنت أسمع محاورًا يسأل هل أميركا هي سبب الفساد في لبنان؟ طبعًا سبب الفساد في لبنان هم لبنانيون ولكن أميركا شريكة في الفساد في لبنان، يعني لا أحد يُخبّئ هذا الموضوع، أميركا شريكة في الفساد في لبنان، وجزء من الفاسدين والسياسات الفاسدة هم جماعة أميركا وبطلب من أميركا وبإدارة أميركية وحماية أميركية، لكن اتركوا هذا الموضوع جانبًا، لكن سيبقى يتجاهل منع المساعدات ومنع الودائع، منذ عدة أيام رغم الخصومة بين السعودية والسيد أردوغان، الآن هناك انتخابات، لحسابات سياسية معينة السعودية أرسلت 5 مليارات دولار وديعة بالبنك المركزي التركي، أليس هذا صحيحاً أم لا؟ من الذي يمنع؟ الأميركي يمنع الودائع؟ إذا كانت السعودية لا تريد أن تضع ودائع، لكن أنا أعرف دول أخرى جاهزة أن تضع ودائع لكن الأميركي يمنعها، أعرف علم اليقين، ممنوع الودائع، ممنوع المساعدات، ممنوع القروض، سحبوا الودائع من لبنان، ممنوع الاستثمار، هذا كله ما اُسمه؟ ما المطلوب؟ المطلوب استسلام. أنا أولًا ودائمًا كما كُنت أقول، لا تتوقعوا منّا استسلامًا، لا تتوقعوا منّا انصياعًا، لا تتوقعوا منّا خضوعًا، لا تتوقعوا، مثل ما القتل والاغتيالات والمجازر وذبح نسائنا وأطفالنا لم يأخذنا على الخضوع وعلى الاستسلام، أيضًا هذه المعركة لا تتوقعوا منّا لا خضوعًا ولا استسلامًا، هذا بموضوع اليأس".
وختم: "أما بموضوع الأمل، فنحن نقول نستطيع إذا تعاونا كُلنا سويًا، إذا انفتحنا، هناك أبواب للحل، يجب أن نبحث عنها، هناك أفكار دائمًا نتحدث بها، يجب أن نطرق أبواب الحل، ليس مسموحًا بلبنان أن يبقى هناك خطاب سياسي يقول لا نستطيع أن نفعل شيئًا سوى أن نستسلم للشروط الدولية والإقليمية، أنا طرحت سؤالا وأعود وأطرحه: هل الذين استسلموا نجوا؟ هل الذين استسلموا خرجوا من حال الغرق التي ما زالوا يغرقون فيها؟ لن أسمي لأنه منذ مدة سمّينا وحصلت مشكلة، من دون أسماء، أنتم تعرفون كل شيء، هؤلاء الذين تركوا واستسلموا وخضعوا لشروط أميركا ولشروط بعض الدول الإقليمية مُنّ عليهم بالنجاة؟ لا، أبدًا، نحن لن نَستسلم ونحن نعتقد أنه توجد حلول ويجب أن يبقى الأمل قائمًا ولكنه بالتأكيد يتطلب روح تعاون وتكامل وشجاعة وإرادة، الجبناء لا يصنعون مقاومة، الجبناء لا يستطيعون أن يُحرروا أرضًا والجبناء لا يستيطعون أن يغيروا الواقع. اليوم من روح الأمل نحن نُراهن على هذه الأجيال الطيبة، على الأجيال التي تُخرّجها كل هذه المدارس التي تتحمل المسؤولية ومن جملتها مدارس الإمام المهدي عليه السلام. مُجددًا لكل القيّمين، لكل المعلمين والمعلمات والعاملين في هذه المؤسسة التربوية، التعليمية، المؤمنة، المجاهدة، المقاومة، الممهدة، كل الشكر، كل التقدير، كل التبريك في هذه المناسبات العظيمة وبارك الله فيكم وشكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك