كتب داني حداد في موقع mtv:
لا يحصل الانهيار، حصراً، في الشأنين الاقتصادي والمالي. الانهيار الكبير يحصل في إدارة الدولة وفي تخطّي الدستور ومخالفة القوانين، من قبل سياسيّين ورجال أمن وقضاة، و، خصوصاً، ممّن يُفترض به حماية الدستور.
انتهت مسرحيّة قرار مجلس شورى الدولة الذي ألغى تعميم مصرف لبنان الذي يسمح بسحب الودائع بالدولار الأميركي على سعر ٣٩٠٠ ليرة للدولار الواحد. لكنّ الأسوأ هو طريقة الخروج من هذا القرار، والذي أتى بطريقةٍ مخالِفة فاضحة في اجتماعٍ عقد في القصر الجمهوري بين رئيس الجمهوريّة وحاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس شورى الدولة.
ونسأل هنا: أين فصل السلطات الوارد في الدستور؟ كيف يوافق رئيس مجلس الشورى على العودة عن قرارٍ لم يتّخذه لوحده، بل مع عضوين آخرين؟ هل يحقّ لرئيس الجمهوريّة أن يطلب من سلطة قضائيّة العودة عن قرارها، ولو كان مخالفاً؟ ومن يعوّض على المواطنين الذين وقفوا لساعاتٍ أمام المصارف لسحب ما تيسّر من أموالهم خشية أن تفقد قيمتها؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ كِحل الـ ٣٩٠٠ ليرة أفضل من عمى الـ ١٥٠٠ ليرة، ما دامت السلطة لا تسمع ولا ترى ولا تشعر، ومن المؤكد أنّ طموح اللبنانيّين هو استعادة أموالهم كلّها، وبقيمتها السوقيّة. ولكن، ليست هذه مسؤوليّة المصارف وحدها، بل مسؤوليّة الدولة خصوصاً. الدولة هي الراعية. هي الحامية. هي الحاكمة. المصارف مؤسسات هدفها الربح. الدولة هدفها تنظيم حياة الناس.
من هنا، نسأل أيضاً: كيف تعجز الدولة "القويّة" أمام بعض أصحاب التطبيقات الذي يتحكّمون بالشعب اللبناني كلّه، ويحدّدون قيمة أموالنا وما ندفع وما نشتري؟ وأين أصبحت قرارات المجلس الأعلى للدفاع بملاحقة أصحاب التطبيقات والمتلاعبين بالعملة؟
نسأل كثيراً، لكنّنا نعرف الأجوبة غالباً. "التلم الأعوج من التور الكبير" كان يقول أجدادنا. ويُقال، أيضاً، "اللي طلّع الحمار على المئذنة بينزلو". بالأمس، أُنزل الحمار وحُلّت مشكلة سحب الدولار. لعلّ الحمار الأكبر هو من يصدّق أنّ خيراً سيأتي من هذه الطبقة السياسيّة الحاكمة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك