كتب يوسف دياب في "الشرق الأوسط":
دخل مجلس القضاء الأعلى في لبنان اعتباراً من اليوم مرحلة «الفراغ القاتل»، بعد أن أدت الصراعات السياسية إلى وضعه خارج الخدمة، جراء انتهاء ولاية ستة من أعضائه وتعذر تعيين بدلاء عنهم، ليبقى فقط الأعضاء الحكميون، أي رئيس مجلس القضاء الحالي القاضي سهيل عبود، النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، بالإضافة إلى القاضي عفيف الحكيم الذي فاز بالتزكية في الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي.
واعتباراً من صباح اليوم، لن تكون هناك سلطة تسير عمل الدوائر القضائية، سواء بملء المراكز التي تشغر في المحاكم أقله بالانتداب، ولا بتوزيع الأعمال، ولا حتى بتوقيع مذكرات إدارية روتينية، ويفترض أن يستمر هذا الشلل إلى حين تعيين أعضاء لمجلس القضاء لينتظم حينها عمل هذه المؤسسة. وعبر مرجع قضائي بارز عن حزنه للواقع الذي أصاب القضاء، ودعا إلى «عدم الإسراف في التفسيرات والتحليلات حيال وصول الأمر إلى هذا الدرك»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الامتناع عن إصدار مرسوم التشكيلات القضائية هو علة العلل، والسبب الأول لما آلت إليه أوضاع القضاء». ورأى أنه «لو حصلت التشكيلات في وقتها لكنا أمام مروحة تعيينات كاملة وانتخاب عضوين في مجلس القضاء الأعلى».
وفي انتقاد ضمني لاذع لوزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، ومرسوم التعيينات الفرعية الذي أعدته لتعيين أربعة أعضاء في مجلس القضاء الأعلى من المحسوبين على التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل، ذكر المرجع القضائي بأن «التعيينات في القضاء تخضع لمعايير وأصول لا يمكن تجاوزها، وأهمها أخذ رأي رئيس مجلس القضاء بالأسماء المقترحة»، مبدياً أسفه أن «توضع تعيينات الوزيرة (نجم) على الهواء وتصبح قيد المناقشة والتقييم في الإعلام من دون أن يطلع عليها مجلس القضاء». وقال المرجع القضائي «ليس ثمة موقف مسبق من الأسماء المقترحة، لكن ما هي المعايير التي اعتمدتها وزيرة العدل؟».
وأوضح مصدر في مجلس القضاء الأعلى لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإمعان في تفكيك مجلس القضاء الأعلى وشله كلياً يقوض مسار العدالة في لبنان». وتحدث عن «خيارات متعددة قيد الدرس حالياً تهدف إلى تأمين استمرارية مرفق العدالة»، مشيراً إلى أن «الرئيس الأول (القاضي سهيل عبود) يدرس الخيارات التي تتيح له تسيير المرفق القضائي، أقله بالقرارات الإدارية الروتينية».
ورفض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أول من أمس، توقيع المرسوم المقدم من وزيرة العدل لتعيين أربعة قضاة من محاكم البداية والاستئناف أعضاء في مجلس القضاء الأعلى، معللاً ذلك بأن تصريف الأعمال يبقى في الإطار الضيق، ولا يمكن لحكومة مستقيلة إصدار المراسيم. فيما خالفت مصادر وزارة العدل هذا الرأي وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن مرسوم التعيينات بمجلس القضاء «يعد من القضايا الملحة التي تستوجب السير بها حتى لا يتعطل المرفق القضائي». ورداً على الاتهامات التي توجه إلى الوزيرة نجم بأنها «اختارت أربعة قضاة محسوبين على العهد وفريقه، من أجل فرملة قرارات مجلس القضاء الأعلى التي تصدر بغالبية سبع أعضاء من أصل عشرة». شددت المصادر على أن «تلك الاتهامات سخيفة ولا تستأهل الرد أو التعليق».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك