لم يكن البلد يشبه العصفوريّة، بقدر ما بدا أنّه يشبهها أمس.
اختارت قاضية تخالف القوانين باستمرار وترفض الامتثال لاستدعاءاتٍ من قبل مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي، وبحقّها الكثير من الشكاوى وتدير شبكةً تضمّ محامين وإعلاميّين وتتآمر مع ضبّاط أمنيّين وتتلقّى أوامر من مرجعيّاتٍ سياسيّة، اختارت هذه القاضية أن تقوم بمهمّة خلافاً للقانون فقصدت شركةً ماليّة عريقة وطلبت من أحد الضباط مؤازرتها، خلافاً للقانون أيضاً، كما أُرسل إليها من يدعمها من الحزبيّين.
هي عصفوريّة، بكلّ ما للكلمة من معنى. ويكتمل المشهد مع وقوف القاضية على شرفة الشركة لتخطب أمام الجماهير وتتحدّث عبر وسائل الإعلام، وهذه وحدَها مخالفة تُلحق بها عقوبات مسلكيّة.
تخلّت غادة عون عن كلّ صفات القاضي. هي تابعة لجهة حزبيّة وتنفّذ أجندتها. هي تصرّح عبر الإعلام من دون إذن. سلوكها مضطرب. ترفض الامتثال للسلطات القضائيّة. هي تشوّه سمعة البعض عبر إصدار أحكامٍ مسبقة. هي تكيل بمكيالين، فتقصد بالأمس عوكر لملاحقة شركة صيرفة ماليّة، بينما تعجز عن ضبط عشرات الصرافين في منطقة أخرى.
ولمواكبة هذه العصفوريّة، شاهدنا من مناصري تيّار سياسي من يصدر أحكاماً نهائيّة على سياسيّين وشخصيّات اقتصاديّة وماليّة وأمنيّة وإعلاميّة، مستبقاً كلّ تحقيق. وانضمّ الى هؤلاء نوّابٌ وإعلاميّون. ولا يكتمل المشهد الا مع المحامي المهرّج، عبر إحدى الشاشات.
كفى تهريجاً، في السياسة والقضاء. ما فعلته غادة عون في الأمس يستحقّ اتخاذ إجراءٍ بحقّها في الاجتماع الذي يعقد اليوم بدعوةٍ من وزيرة العدل.
كفى تهريجاً في هذه العصفوريّة. أعيدونا الى الجمهوريّة. أنزلوا غادة عون عن الشرفة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك