كتب داني حداد في موقع mtv:
ليس الكلام الذي أطلقه قائد الجيش العماد جوزيف عون، ووُزّع أمس، حدثاً عابراً. هو نقطة تحوّل في مسيرة "الجنرال".
هدف العماد عون، من خلال كلمته، الى رفع معنويّات الضبّاط والرتباء والعسكريّين، وهؤلاء يعانون من ظروفٍ صعبة، نتيجة الأزمة الماليّة التي قلّصت من قيمة رواتبهم وكثرة المهام الملقاة على عاتقهم.
يتذكّر جوزيف عون جيّداً يوم قام بجولة على بعض نقاط العسكريّين، بعد ١٧ تشرين بأسابيع، فوجدهم بحالة مذرية. لم يعرف العسكريّون راحةً. حين تقفل الطرقات يُسأل عن الجيش، وعند توزيع المساعدات، وعند حصول إشكال في سوبرماركت، وعند قمع التهريب، وعند فرض الأمن...
وفي الأمس، كانت محاولة سياسيّة مفضوحة لوضع الجيش في مواجهة الناس، وهو أمر رفضه العماد عون مراراً، فتعامل بحكمة مع مسألة فتح الطرقات.
وتشير المعلومات الى أنّ الجيش لن يعمد الى فتح الطرقات بالقوّة، ولكنّه لن يوافق على إلحاق ضرر بمصالح الناس، ولا بحصول صدام في الشارع، ولذلك قد يعمد الى فتح الطرقات تباعاً بعد أيّامٍ قليلة في حال استمرّ إقفالها.
وإذا كان جوزيف عون الصامت الأكبر، فهو قرّر وضع النقاط على الحروف وتوجيه أكثر من رسالة في أكثر من اتجاه لكي يتحمّل السياسيّون مسؤوليّاتهم وليدركوا حجم الأزمة التي يشهدها لبنان.
إلا أنّ كلام عون ليس كلاماً رئاسيّاً، وما من أهدافٍ سياسيّة له، بل هو كلام مسؤول يحمل همّ الناس الذين تخلّى عنهم السياسيّون. والأهمّ أنّه أسمع المعنيّين كلاماً عن رفض التدخل في شؤون المؤسسة العسكريّة، وهو التوجّه الذي دفع العماد عون الى الاصطدام بأكثر من سياسي.
أراد عون أن يقول إنّ علاقته جيّدة مع الجميع ولكنّه بعيد عن الجميع أيضاً، وهو لا يفكّر اليوم بأيّ طموحٍ سياسي و، خصوصاً رئاسي. "آخر همّو" يقول مقرّبون منه، ما دام البلد في خطر والناس في ضيق والانفجار وارد في أيّ لحظة.
لقد عانى الجيش ما عاناه، من استهدافٍ لموازنته وصولاً الى تأثّره المباشر بتراجع قيمة الليرة. والمسؤولون عن ذلك هم من يتولّون شؤون البلد السياسيّة.
اختار عون أن يقرع الجرس، وكلامه برسم السياسيّين. هؤلاء عادةً لا يسمعون. ولكن، في الأمس، استمع اللبنانيّون لقائد الجيش، ورأى كثيرون أنّه أكثر صدقاً من السياسيّين الذين يسمعونهم يوميّاً، ووجدوا، أيضاً، في كلماته بقعة ضوء في ليلٍ طويل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك