كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:
ساعات تفصل لبنان عن زحفٍ شعبيّ من مختلف المناطق إلى باحة الصرح البطريركي في بكركي. في الأرشيف، فإنّ آخر "زحف" من نوعه باتّجاه البطريرك الماروني، كان عند عودة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير من أميركا في شباط 2001، حين توافد ما يزيد عن 200 ألف نسمة إلى بكركي مناصرةً لمواقف صفير الداعية إلى خروج الجيش السوري من لبنان، ومبايعته كقائد للحركة السياديّة بعد "نداء المطارنة" في العام 2000.
اليوم، بعد 20 عاماً، تتّجه الحشود الداعمة لـ"نداء 7 شباط" إلى الساحة نفسها، تبنّياً للمطالب الإنقاذيّة التي أطلقها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بدءاً من تحرير الشرعيّة ونظام الحياد ونزع السلاح غير الشرعي، مروراً بالتحقيق الدولي في ملف انفجار مرفأ بيروت، وصولاً إلى عقد مؤتمر دوليّ تحت رعاية الأمم المتحدة يضع قواعد دستوريّة حديثة وحياديّة، في الوقت الذي كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أعلن رفضه لـ"التدويل" كردّ على دعوة الراعي على اعتبار أنّه "يُنذر بحرب".
وفي برنامج يوم 27 شباط الشعبي، الذي يبدأ عند الساعة الثالثة بعد الظهر، فإنّ الحضور سيكون على موعد مع كلمتين: كلمة للبطريرك يرفع فيها لائحة المطالب أمام وسائل الإعلام اللبنانية والأجنبيّة، وكلمة بإسم التحرّك الشعبيّ تحمل عنوان "الحياد أو الموت" وتُعلن منح الشرعيّة الشعبيّة للمشروع الإستراتيجي الذي وضعته بكركي وستحمله إلى المرجعيّات الدوليّة في الأيّام المقبلة.
أمّا لوجستياً، فإنّ 10 آلاف كرسيّ تمّ وضعها في الباحة الخارجيّة، مع التزام التباعد بالمسافة المطلوبة، والتشدّد في اتّخاذ الإجراءات الوقائيّة من كورونا عند مدخل الصرح، وعند الخروج.
اللافت في المشهد الشعبيّ المرتقب، حرص الأحزاب والمجموعات والحركات السياديّة والمعارِضة، المنظّمة لهذا التحرّك، على جعله بمثابة لقاء لمختلف الطوائف وممثّليها حول مشروع بكركي، لئلاّ يُصوَّر في عيون الداخل والخارج على أنّه حدث مسيحيّ، خصوصاً أنّه سيضمّ ممثّلين روحيين من مختلف الطوائف، ووفود شعبيّة من طرابلس وعكار شمالاً، في وقت حُدِّدَت نقاط تجمّع في مناطق جنوبيّة، وفي البقاع، مع حصر الشعارات بالعلم اللبناني وصور البطريرك، من دون شعارات ورموز حزبيّة.
ووفقاً للمعلومات، فإنّ وفداً من الشيعة المُعارضين سينضمّ إلى تحرّك السبت لنقل تأييد مطالب البطريرك، وفي مقدّمتها عقد مؤتمر دوليّ حول القضيّة اللبنانية.
يبقى أن تنتج عن هذا التحرّك جبهة سياسيّة - شعبيّة تشكّل تلاقياً بين الأحزاب المعارضة والمجموعات "السياديّة" في الثورة حول مشروع بكركي وأجندة تطبيقه، في ضوء اللقاءات المرتقبة للراعي مع مسؤولين دبلوماسيين، على وقع الإحتضان العربيّ الذي سيبدأ بالظهور، والرحلات المُقرّرة لحمل ملف لبنان إلى مراكز القرار الدوليّ.
يعلم البطريرك أنّ المواجهة التي يخوضها شرسة، وما زالت في بدايتها، لأنّ ما لا يُقال لبكركي من مواقف نقيضة يُعبَّر عنه بأساليب أخرى... لكن، وللتاريخ، فإنّ أيّ سهمٍ وُجِّه باتّجاه بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق لم يُحقّق مبتغاه وعاد خائباً، منذ "لبنان الكبير" إلى اليوم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك