عشرون عاماً من التحولات والحروب والثورات والأهم تحلّل مفهوم الدولة وسيطرة الدويلة على مفاصل الدولة. عقدان على 14 آذار وفي تفاصيلها الكثير الكثير من الوعود والتغيرات في السياسية والصدمات التاريخية والخيبات.
عقدان توقف فيها قادة ومؤسسو حركة 14 آذار 20 مرة ليستلهموا الآتي وجاء بعد عقدين ولو على لوحات مدروزة بأسماء شهداء وعلى أنقاض وطن ينهض مثل طائر الفينيق.
14 آذار بعد عشرين عاما أثمرت؟ نعم. صارت مجرد فكرة في البال ووقفة أمام أضرح شهدائها؟ قطعا لا.
بهذه الروحية يبدأ عضو الأمانة العامة السابق في قوى 14 آذار والقيادي الياس الزغبي كلامه لـ"المركزية" ويقول"من الخطأ الفادح القول أن 14 آذار أنتجت فقط بالتقاطع مع الإرادة الدولية انسحاب جيش الإحتلال السوري بعد شهر ونصف من انطلاقتها لأن هذا الإنجاز أدى إلى خلط اوراق كثيرة منها شديدة السلبية، كورقة التفاهم بين حزب الله والعماد ميشال عون، الغزوتين اللتين قام بهما حزب الله في بيروت والجبل، إضافة طبعاً إلى حركة القمصان السود وإقالة حكومة الرئيس سعد الحريري مروراً بحرب تموز ووصولا إلى الحرب الكارثية الأخيرة.
أما الجانب الإيجابي في هذه الأوراق التي أنتجتها حركة 14 آذار فهي خلق مساحة نقاش دائم على المستوى الوطني بين القوى التي أسستها، خصوصاً أولئك الذين تمرسوا في النشاط السياسي والوطني غير متأثرين بالتهديدات الوجودية التي سببتها الإغتيالات".
ثمة من راهن على تفتت روح وفكرة 14 آذار والبعض حاول أن يتبناها عن عبث "إلا أن 14 آذار أو انتفاضة الإستقلال او ثورة الأرز ليست مجرد جسد سياسي كي يتحلل ويموت بل هي في أساسها روح متجددة رسمت مساراً حاسماً للبنان الجديد الذي بدأت ترجمته الآن ولو بعد تأخر دام 20 عاما". ويضيف الزغبي"14 آذار كانت حالة وطنية معروفة بعبورها للمناطق والطوائف والأجيال ومرتكزاتها الوطنية والسياسية التي لا يمكن أن تشيخ أو تموت.وكل المراحل التي أعقبت تفكك جسد 14 آذار السياسي كانت تستلهم روحها، بما في ذلك ما يعرف بثورة 17 تشرين عام 2019 أو حتى اليوم في هذه المرحلة التي شهدنا فيها تقدماً نوعياً من استعادة القرار السيادي بعد الحرب التي خاضتها إيران بواسطة حزب الله في إطار أجندتها الإقليمية ومصالح نفوذها في العواصم العربية الأربع. وليس في القول مبالغة أن أفكار ومبادئ وأسس ثورة الأرز تتفاعل اليوم من دون أن تكون 14 آذار حاضرة كتنظيم سياسي، أو كفاعلية وطنية منسجمة، بل هي حاضرة في القوى الحية السيادية سواء على مستوى الأحزاب أو الشخصيات المستقلة التي كونت ما يعرف بالمعارضة السياسية التي كان لها تأثير مباشر وفعّال على تكوين السلطة الجديدة بدءا من رأس الهرم عبر انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية ومع خطاب قسمه النوعي والمتقدم ومع تشكيل حكومة القاضي نواف سلام وبنوعية معظم وزرائها بخلفياتهم الواضحة و المحسومة في انتفاضة الأرز خصوصا على مستوى حصر السلاح في يد الدولة واحتكار قرار الحرب والسلم في المؤسسات الشرعية".
كل هذه المبادئ شكلت العمق الحقيقي لانتفاضة 14 آذار وكل ما أعقب انتفاضة 14 آذار من أخطاء بل ربما خطايا سياسية هي التي أدت إلى تفكك الجسم السياسي لـ14 آذار لكن ما هي الأسباب التي أسقطت 14 آذار سياسيا؟
"هناك من يقول أن 14 آذار سقطت بسبب ما عُرف في 2005 بالإتفاق الرباعي أو بسبب خروج ميشال عون وتياره من فعاليات 14 آذار وحتى بسبب خروج قوى سياسية أخرى لاحقا. لكن الحقيقة أن سببين أساسيين أديا إلى تعثّر حركة 14 آذار: الصراع السياسي بين بعض مكوناتها التي خرجت عن المبادئ إلى المصالح وأجرت مساومات سياسية بعيدة عن روح 14 آذار، مثلا إطلاق شعار "ربط النزاع" الذي يعني السكوت الكامل والمريب عن سلاح حزب الله وعدم الإشارة إليه لا رسميا ولا سياسياً.
والسبب الثاني هو الإغتيالات التي طاولت طليعة متقدمة وبارزة من قياداتها وقد أثرت على حيوية ونشاط 14 آذار وتراجع الكثير من مؤيديها عن التحرك السياسي الفعلي وحتى عن الاجتماعات إضافة إلى نشوء نوع من خلاف داخل حركة 14 آذار بين الأحزاب في ما بينها من جهة، وبينها وبين القوى السياسية المستقلة . كل هذه العوامل أدت إلى تراجع ثم انطفاء الفعل السياسي للحركة، لكنه أصاب المجموعة في ما بينها ولم يصب الفاعليات المكونة لـ14 آذار كل واحدة منها في مجالها، خصوصا من هذه الأحزاب السيادية في أساسها قبل اغتيال رفيق الحريري وقبل انتفاضة ثورة الأرز وهي أحزاب معروفة بمواقفها السيادية وأبرزها القوات اللبنانية والكتائب والأحرار وفاعليات إسلامية".
14 آذار أثمرت نعم تماما "مثل حبة القمح التي تموت في الأرض كي تنبت سنابل خير وهذه السنابل بدأت تظهر إلى العلن". ويختم عضو الأمانة العامة في حركة 14 آذار "أهم ما أنتجته هو الروح التغييرية العابرة للطوائف وهذا ما تجلى في ثورة تشرين ويتجلى الآن في الحكم الجديد الذي يستلهم بإقرار مباشر منه أو من دون إقرار المبادئ السيادية والوطنية التي أرستها انتفاضة ثورة الأرز".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك