كتب جان نخول في موقع mtv:
لسنوات طويلة، كانت معركة بعلبك الهرمل أشبه باستفتاء لتزكية مرشحي حزب الله وحركة أمل في الدائرة التي يغلب عليها الصوت الشيعي. أتت النسبية في انتخابات ٢٠١٨ لكي تغيّر المعادلة، وتعطي القوى السنية والمسيحية في الدائرة القدرة على استنهاض قوتها والفوز بمقعدين سني وماروني.
لا توحي انتخابات ٢٠٢٢ بأنها ستشهد تغييرا كبيرا في الدائرة، لا بل من المرجح أن تبقى موازين القوى على حالها، ما لم يطرأ تبديل في الأولويات لدى بعض الأحزاب.
مثلا، يمكن لحزب الله أن يُسقط مرشح القوات اللبنانية في دير الأحمر ومحيطها، من خلال التصويت بثقل لمصلحة مرشح ماروني على لائحتها، أكان إميل رحمة أو سواه. ولكن ذلك يعني أن الحزب مستعد للتضحية في المقابل بمقعد شيعي، يكون من حصة لائحة معارضيه، وهذا ما لن يحصل على الأرجح، وبالتالي، يبقى مقعد "القوات" مضمونا.
الأمر نفسه بالنسبة لمقعد تيار المستقبل، إذا بقيت قوته على حالها. فقد جمع في المرة الماضية ما يقارب ٦ آلاف صوت، ولكن أبناء البقاع لم يشهدوا على أي تغييرات في الأوضاع الاجتماعية، لا بل دفعوا الثمن مثلهم مثل أبناء لبنان بكامله، معطوفا على الحرمان السابق الذي أثقلته الحرب السورية.
الحاصلان شبه مضمونين إما بحاصلين كاملين أو بحاصل وكسر كبير، ولكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في هذه الانتخابات هو عن مدى قدرة المجتمع المدني على الخرق. يبدو ذلك صعبا في هذه الدائرة بالذات، لأن حاصلها كبير وهو يتخطى ١٦ ألف في أسوأ الأحوال، في حين أن تحالف "كلنا وطني" كان غائبا بالكامل في الانتخابات الماضية، واللوائح التي لم تنل الحاصل كان بعضها سياسيا.
لا يمكن للمجتمع المدني أن يعوّل على الخرق في هذه الدائرة، إلا إذا فاجأ الجميع باكتساح وطني جامع، لن يوفر البقاع والجنوب.
يبقى عامل واحد يستحق الترقب والانتظار وهو "ظاهرة" جميل السيد التي تجلت في النتائج الماضية بتصدره الأصوات التفضيلية في الدائرة بأكثر من ٣٣ ألف صوت، متفوقا بذلك على جميع مرشحي حزب الله، وضامنا وحده ٢٠ في المئة من أصوات الدائرة بكاملها. تبدّل جميل السيد منذ ذلك الحين، وخرج مناديا ببعض الطروحات "الثورية" مثل الإطاحة برياض سلامة، ومحاسبة الفاسدين، بمعزل عن موقعه في الدولة لعقود. وذهب جميل السيد إلى المناداة حتى برحيل الجميع، وهو منهم. فهل يعني ذلك عدم ترشحه في المرة المقبلة، أو تشكيله لائحة وحده، مع بعض الشخصيات الشابة من أجل تعزيز صورته المستجدة؟ في حال حصل ذلك، وبقي الزخم الشعبي على حاله بالنسبة إلى السيد، فإن في جعبته حاصلين أيضا، سيذهبان من صحن الحزب، فيحرمه من مقعد شيعي أو أكثر. فهل تحصل هذه المعادلة، أم يعتكف جميل السيد، أم يترشح ويسقط شعبيا بضغط من حزب الله لإثبات أن أصواته في الانتخابات السابقة كانت من "عنديات" الحزب؟ يبدو أن جميل السيد هو لغز انتخابات بعلبك الهرمل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك