العالم يُنجدُ ليبيا
زيان
20 آذار 2011 06:46
مشهد درامي أَقرب الى الخيال أو الأسطورة، يقدِّم للعالم لوحة مشرقة تبرز غضب الشعوب العربيَّة من أنظمة القمع والتسلُّط، مرفقة بوابل من الأصوات والأيدي وهي تدُقّ أبواب الظالمين وتطارد زبانيتهم وبلطجيّتهم.
لوحة يتجسَّد فيها القدر وهو يستجيب لإرادة فعلت، وغيّرت، وخَلَعت أنظمة موغلة في كبت شعوبها واضطهادها وتحويل البلاد سجوناً كبيرة.
ومرَّة أخرى نعيد عرض الشريط المثير للدهشة والغبطة: من تونس الخضراء، الى مصر أم الدنيا، انعطافاً الى "القارة الليبيّة" حيث يحكم معمَّر القذّافي سعيداً منذ اثنين وأربعين عاماً، الى اليمن السعيد حيث يمسك العقيد الآخر علي عبدالله صالح ببلاد التاريخ ومنبع الحضارات العريقة منذ اثنين وثلاثين عاماً.
ومن هناك الى البحرين، حيث فُتحت سواقٍ جديدة لدماء الباحثين عن العدالة والمساواة والعيش الحر الكريم. الى أن تكتمل حلقة الأنظمة التي هرمت وهزُلت وسامها كل مفلس في انحاء هذه المنطقة المنكودة الحظ.
مشهد بانورامي آخر، ولكن في السياق ذاته يقارب الغرابة، حيث كانت جلسة مجلس الأمن فضاء التحوُّل الدولي ومجاله، مع الساعات الاولى من فجر الجمعة... فجر أول قرار ينتصر لشعب عربي يكاد حاكمه يبيده ويدمِّر ليبيا فوقه.
مشهد آخر للعقيد وهو يتوعَّد أهالي بنغازي ومدن الشرق الليبي بالويل والثبور حتى الإبادة.
إلا أنه، وعلى جاري عادته، أوعز الى أحد معاونيه أن يبلغ مجلس الأمن والرأي العام الدولي انه يستجيب فوراً للقرار الدولي ويرضخ لكل مقتضياته.
وكما كان متوقعاً، وقبل أن يجف الحبر على الورق، سارع العقيد الى اصدار الأوامر الهمايونية باطلاق المزيد من الصواريخ والقنابل، وفي كل اتجاه.
غير أن هذا "التشاطر" كان متوقعاً. على الأقل سارعت باريس الى الاعلان انها تتعامل مع الاستجابة الليبية بحذر شديد.
كل مَنْ يعرف القذّافي توقَّع أن يلجأ الى هذا الأسلوب الذي لم يعد يُصرف في العواصم الكبرى.
لقد ابتهج الليبيون. واحتفلوا بالقرار الذي أهدته اليهم الشرعية الدوليّة. وتعاملوا معه بتأنٍّ وحكمة، ومن باب أنه المقدَّمة المشجّعة لنهاية طال انتظارها.
ولا يقتصر الابتهاج والترحيب على الليبيين الذين عاشوا معاناة قلَّ نظيرها. ثمة شعوب عربية تعاني أيضاً. ومن زمان تنتظر موعدها مع الفَرَج، والخروج من هذه القوقعة القاسية في كنف أنظمة ليس عندها لشعوبها سوى المزيد من القمع. والمزيد من الحرمان.
ما يشجّع ويطمئن أن الثورة العربية ماضية في مسيرتها، فيما صهيلها يوقظ الشعوب من رقدة العدم.