جبق: عدم التزام المستشفيات سيرتب تبعات
18 آذار 2019 18:15
أطلق وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق مشروع التدريب على جودة الفحص الميكروبيولوجي ضمن برنامج مكافحة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية، وذلك في حفل أقيم بالجامعة اليسوعية حضره ممثل وزير الزراعة حسن اللقيس مستشاره الدكتور محمد فران، رئيس الجامعة اليسوعية الأب البروفسور سليم دكاش، ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي، نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية الدكتور زاهي الحلو وأعضاء اللجنة الوطنية لترشيد استخدام المضادات الحيوية وعدد من المعنيين ورجال الإختصاص.
ويهدف المشروع، الذي سينفذ بدعم من منظمة الصحة العالمية، وبالتعاون بين وزارة الصحة العامة وجامعة القديس يوسف واختصاصيين من الجامعة الأميركية في بيروت، إلى تدريب المختبرات على جودة الفحوص المتعلقة بالميكروبات والجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية بما يسمح ببلورة رؤية على أسس علمية لمواجهة التحديات بفعالية".
وألقى الوزير جبق كلمة قال فيها: "بالتعاون تبنى الأوطان وتبنى صحة الإنسان وتصان. ولأن اليد لا تستطيع التصفيق وحدها، نحن هنا لرفع الصوت وإطلاق صرخة الوعي الطبي والصحي لتطوير نظم ووسائل مكافحة الأمراض، وأهمها الأمراض الجرثومية، التي تعتبر من الأمراض الأكثر خطرا وفتكا، ولكنها في الوقت نفسه من الأكثر استجابة للمضادات الحيوية إذا ما تم التشخيص الدقيق والوصفة العلاجية الصحيحة في بيئة من التطور العلمي".
أضاف: "إن الأمراض الإنتقالية كانت ولا تزال من الأمراض الأكثر خطورة. ومن أخطر التحديات، مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية. ولا يقتصر الخطر على لبنان فقط، بل يشمل العالم أجمع، فثمة الكثير من المضادات الحيوية التي شكلت ثورة للعلاج من أمراض معينة لم تعد كذلك، وقد فقدت فعاليتها. وتكمن المشكلة في الواقع في الطبيب الذي يصف المضادات الحيوية في المكان والوقت غير المناسبين".
وتابع: "بحسب منظمة الصحة العالمية، تنمو هذه الظاهرة بشكل مخيف مستنفدة خيارات العلاج بسرعة عالية، إذ يبلغ عدد ضحايا مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية ما يقارب نصف مليون شخص في العالم سنويا مع توقع ارتفاع هذه الظاهرة إلى الملايين عام 2050 في حال استمرارها".
وأردف جبق: "إن لم تتخذ الإجراءات المناسبة، فإن العالم أجمع مقدم على عصر ما بعد المضادات الحيوية الذي يمكن أن تصبح فيه عدوى الإلتهابات الشائعة والإصابات البكتيرية الطفيفة قاتلة مرة أخرى".
وأكد أن "توحيد أسلوب الفحوص المخبرية في مختبرات الأحياء المجهرية على الصعيد الوطني يعتبر من الأولويات التي يجب التركيز عليها في برنامج ترشيد استعمال المضادات الحيوية"، لافتا إلى "تسريع خطوات انضمام المستشفيات إلى برنامج فحص الجودة في مختبرات الأحياء المجهرية، لتصبح كلها ملزمة بالتطبيق، وإن عدم الإلتزام ستكون له تبعات على نوعية الخدمات الطبية والجراحية التي تقدمها".
وشدد على "ضرورة تضافر جهود وزارتي الصحة والزراعة الذي يعتبر من ركائز هذا البرنامج على الصعيدين الصحي والحيواني"، وقال: "لا بد من التأكيد على النقاط الآتية: ضمان وضع خطة عمل وطنية عملانية وفعالة موضع التنفيذ حول توحيد طرق الجودة، ترصد عدوى الإلتهابات الناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية خصوصا داخل المستشفيات، تعزيز السياسات والبرامج المتعلقة بمكافحة العدوى، وضع سياسة متشددة لجهة منع إعطاء المضادات الحيوية في القطاعين الصحي والحيواني، إلا بإشراف الأطباء وعدم استعمال هذه الأدوية لتعزيز النمو أو الوقاية من الأمراض، توفير المعلومات عن مقاومة المضادات الحيوية في القطاعين الصحي والحيواني، إطلاق حملات توعية مستمرة تروج لاتباع الممارسات الجيدة، عدم رضوخ الأطباء إلى رغبة المواطنين في مسألة وصف المضادات الحيوية، امتناع الصيادلة والأطباء البيطريين عن صرف المضادات الحيوية من دون وصفة طبية وصرفها فقط عند الحاجة، وفقا لما تنص عليه المبادئ التوجيهية العلمية المناسبة لكل عدوى".
من جهته، قال فران : "إن وزارة الزراعة قامت بإجراء مسح وأخذ عينات عشوائية من المسالخ والأسواق لفحص نسبة ترسبات المضادات الحيوية في اللحوم والبيض والحليب، بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية CNRS، وجاءت النسب لتؤكد عدم التزام عدد كبير من المربين بالاستعمال الرشيد للمضادات الحيوية".
أضاف: "إن وزارة الزراعة تعمل حاليا، بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة والمربين وشركات أدوية بيطرية ومع المختبرات المعنية، على إطلاق خطة متكاملة لمراقبة استعمال المضادات الحيوية في تربية الحيوان والحد من سوء استعمالها، تتضمن جدول أعمال للمراقبة وأخذ عينات وفحصها وإجراء دراسات تحليل المخاصر وإصدار قرارات لتنظيم عملية استعمال المضادات الحيوية في علف الحيوانات ولمنع صناعة أو بيع أو استيراد أي نوع من العلف يؤثر سلبا على صحة الحيوان، وبالتالي صحة الإنسان، ولتحديد شروط دقيقة للأدوية المستعملة في الحيوانات ليكون استعمالها آمنا، ولا تترك اثرا سلبيا على المنتج المعد للاستهلاك البشري".
وأشار إلى أن "القرارات ستتضمن أيضا وضع مواصفات قياسية وإجراءات خاصة بالسلامة الصحية"، مؤكدا أن "وزارة الزراعة تمد يدها للعمل بصدق وشفافية مع جميع المعنيين بهذا الموضوع للوصول إلى مجتمع خال من الأمراض والهموم".
وكان الحفل بدأ بالنشيد الوطني، ثم قدمت رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة العامة الدكتورة عاتكة بري عرضا تقنيا لأعمال اللجنة الوطنية لترشيد استخدام المضادات الحيوية، والتي بدأت أعمالها في عام 2014، وقالت: "إن المشروع يهدف إلى توحيد طرق الفحوص المخبرية على أن يشمل المستشفيات تباعا".
ثم تحدث طبيب الأطفال جورج سالم، "الذي كان من أوائل الأطباء الذين دعوا إلى ترشيد استخدام المضادات الحيوية"، موضحا أن "الميكروب المقاوم للمضادات الحيوية يتنقل بين دول العالم. ولذا، يشكل هذا الأمر هاجسا عالميا"، مشددا على "ضرورة توعية المجتمع على مخاطر سوء استخدام المضادات، كما جعل هذا الأمر مادة في الجامعات الطبية".
بدورها، لفتت نائبة رئيس الجامعة اليسوعية للأبحاث البروفسور دولا سركيس إلى أن "مقاومة المضادات الحيوية تشكل خطرا كبيرا على الإنسان"، وقالت: "لم يعد هناك من مضادات حيوية جديدة منذ حوالى 15 سنة".
وأشارت إلى أن "تحسين أداء المختبرات وجودة الفحوص المخبرية يهدفان إلى التقليل من مخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية"، موضحة أن "المشروع الذي يتم إطلاقه سيشمل 135 مختبرا على أن تكون الأولوية للمختبرات الحكومية ومختبرات المستشفيات، لتأتي المختبرات الخاصة في مرحلة لاحقة".
من جهتها، قالت الشنقيطي: "إن ارتفاع مستوى مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية بات اليوم يشكل خطرا محدقا على صحة الإنسان في كل أنحاء العالم، وتحتاج مواجهة هذه الظاهرة إلى تضافر جهود جميع الأفرقاء على كل المستويات".
ولفتت إلى أن "مشروع التدريب على جودة الإختبارات المخبرية المتعلقة بالميكروبات والجراثيم المضادة للمضادات الحيوية يندرج ضمن إطار الخطة الوطنية المعتمدة، والتي تدعمها منظمة الصحة العالمية منذ عام 2013، وهو خطوة أساسية في اتجاه تحقيق ضمان جودة المعلومات المخبرية"، وقالت: "هذه المعلومات ستسمح لنا ببلورة الواقع على أسس علمية دقيقة تمكن من وضع استراتيجيات وسياسات إجرائية لمواجهة التحديات بطرق ووسائل فعالة".
ورأت الشنقيطي أن "نجاح هذا المشروع يعتمد على التزام وتعاون جميع الشركاء من مؤسسات عامة وخاصة إداريا وتقنيا، وخصوصا مختبرات المستشفيات المشاركة"، آملة في "تعميم هذا التدريب على كل المختبرات العاملة في لبنان".
ووصف الأب البروفسور دكاش المشروع بأنه "حيوي للصحة العامة"، منوها ب"التعاون القائم بين الجامعة اليسوعية والقطاعات الحكومية لتحقيق رسالة الجامعة الإنسانية والأكاديمية والوطنية"، وقال: "ما نحتاج إليه في لبنان هو العمل بروح الشراكة والكفاءة وبحكمة الإدارة والشفافية".