"حزب الله" و"المستقبل" بين "شاقوفيّ" بعبدا وعين التيـنة
27 كانون الأول 2017 16:48
لم يعكّر مرسوم "دورة 1994"، صفوَ العلاقات بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فحسب، بل وضع أيضا أطرافا سياسية وازنة في البلاد على رأسها "حزب الله" وتيار المستقبل -اللذان يربطهما بالطرفين المتخاصمين حلف سياسي متين- في موقع حرج، لا يُحسدان عليه، حيث باتا عالقين بين "شاقوفي" مسايرة بعبدا أو عين التينة في الازمة الناشئة.
مصادر سياسية مراقبة تقول لـ"المركزية" إن الوضع المأزوم بين الرئيسين عون وبري انعكس حالا من التأزم داخل "حزب الله" المحرج بين حليفيه والحائر في الاختيار الصعب بين حليفه الاساسي الذي لا يمكنه التخلي عنه من جهة، وبين الرئيس عون من جهة أخرى. وما يفاقم وضع "الحزب" حراجةً، بحسب المصادر، هو ان الموقعين بالنسبة اليه، جوهريان واساسيان: فهو اذ لا ينسى مواقف العماد عون الداعمة للحزب وسلاحه، يدرك أيضا ان عون بات اليوم رئيسا للجمهورية في بعبدا ولم يعد رئيسا للتيار الوطني الحر في الرابية، وبالتالي فإن الحفاظ على أفضل العلاقات معه أمر مهم بالنسبة الى "الحزب"، لا سيما في ظل الاستهداف الذي يتعرض له. وفي المقابل، لا يسع "الحزب" أن يتجاهل أيضا أهمية الرئيس بري ودوره وموقعه في هذه المرحلة.
انطلاقا من هنا، تقول المصادر ان "حزب الله" الذي يفضل الابتعاد عن اتخاذ موقف علني من الكباش الدائر بين حليفيه، علما انه يميل لدعم وجهة نظر بري، يكثّف الجهود خلف الكواليس، لمحاولة رأب الصدع بينهما، مستعينا في هذا المجال ببعض الوسطاء كرئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي كلّف النائب وائل أبو فاعور إجراء اتصالات مع الجانبين بالتنسيق مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، لايجاد تسوية للمرسوم.
أما رئيس الحكومة سعد الحريري الذي طلب منذ أيام من الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل التمهّل في نشر المرسوم، فاتحا المجال أمام الاتصالات لمحاولة التوصل الى اتفاق في شأنه، فليس في وضع "أفضل" من "حزب الله": فهو من جهة يحرص على إبقاء العلاقات مع رئيس الجمهورية، على أحسن حال، خصوصا أنه يرى ان ما فعله الرئيس عون ووزير الخارجية جبران باسيل لإنهاء أزمة استقالته من الرياض "دين في رقبته" يتمسّك بتسديده وردّ الجميل اليهما بكل الوسائل السياسية المتاحة، وكان توقيعه مرسوم "الأقدمية" أحدها. الا انه أيضا يحرص على علاقته برئيس مجلس النواب نبيه بري "الشيعي المعتدل" الذي يُعتبر حاجة بالنسبة الى "تيار المستقبل".
وفي وقت لم تخف عين التينة عتبها على الحريري، عبر قولِ "سيّدها" أمس ردّا على سؤال عما اذا كان يمكن ان تتأثر علاقته برئيس الحكومة جراء هذا المرسوم، "اسألوه"، وتذكيرِ زوار الرئاسة الثانية اليوم بتقديم الرئيس فؤاد السنيورة في نيسان 2014 في مجلس النواب مداخلة من 20 صفحة اعتراضا على اقتراح "الأقدمية"، تستبعد المصادر ان يتطور الخلاف بين الرئيسين عون وبري أكثر، وتتوقع ان يكون بلغ سقوفه العليا بإعلان بعبدا موقفها من المرسوم الاثنين الماضي ورد عين التينة عليها أمس، على أن تُترك الساحة للوساطات التي ستتحرك مجددا بين المقار المعنية وسيكون للحريري وحزب الله دور فيها، لايجاد مخرج "وسطي" لأزمة المرسوم، يرضي الرئاستين الاولى والثانية، وقد تكون إضافة توقيع وزير المال علي حسن خليل اليه من الخطوات المقترحة، علما ان إعلان الاخير اليوم توقيعه مراسيم ترقيات ضباط الجيش، يشكل بادرة مشجعة على هذا الخط. وبحسب المصادر، وضعُ حد للتصعيد ضروري، اذ بات يتهدد بشظاياه ملفات كثيرة، كتمديد مهلة تسجيل المغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، ومرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب مطلع العام للتصديق على الموازنة.