إليكم الـ "بزنس" الانجح في لبنان
جيسيكا حبشي
2 حزيران 2016 06:37
هو قطاعٌ ثابتُ النموّ، لا يتأثّر بالهزّات السياسيّة، ولا حتى بالتردّدات الامنيّة ولو لامست بخجلٍ أرضيّته الصّلبة. ليس مدعوماً من سياسيّين، رغم أنّهم تحت قبّة سقفه يلتقون مع اختلافاتهم وخلافاتهم. ولو أنّ تمويله في بعض الاحيان خارجيّ، إلاّ أنّه يزدهرُ بفضل اللّبنانيّين أنفسهم، لانّه يتعلّق بكلّ بساطة... ببطونهم!
ينمو في لبنان بشكلٍ لافتٍ في الاونة الاخيرة قطاعُ الاعمال المرتبط مباشرةً بالطّعام من مقاهٍ، ومطاعم، ومحالٍ لبيع القهوة والحلويات. واللاّفت هو أنّ هذا القطاع بات يأخذُ أشكالاً جديدة، أكثر جاذبيّة لناحية التّرويج والتّسويق لما يُمكن أن يستهوي الزّبون ويأسر شهيّته وجوعه.
يكفي أن تزور أحد المجمّعات التجاريّة في لبنان، لتُعاين عن كثبٍ الزّحمة في المطاعم، حيث باتت هي المقصد الاوّل في هذه المجمّعات. أصحابُ المحال التّجاريّة يشكون من قلّة الزّبائن، وانخفاض نسب البيع، أمّا مدراء ومشغّلو المقاهي، فيحملون لوائح الـWaiting List لتسجيل أسماء وأرقام المواطنين والسُيّاح، الذين باتوا لا يمانعون الانتظار في الصّفوف، بغية الحصول على طاولةٍ أو حتّى كرسيٍّ على "البار".
في هذا السيّاق، يؤكّد نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرّامي أنّه "من أسباب ازدهار هذا القطاع حبّ اللّبنانيّ للحياة والاجتماعيّات"، ويرى أن "المطعم هو وسيلةٌ تعكسُ هذه الميزة، فاللّبنانيّ معروفٌ بحسن ضيافته، ولدى المقاهي اللّبنانيّة خصائص فريدة تُشجّع الزّبائن على زيارتها".
ويكشفُ الرّامي لموقعنا أنّه "قبل نهاية الشّهر الجاري، سيشهدُ لبنان افتتاح أكثر من 11 مجمّعا للمطاعم، تضّمُ 380 مقهى وحانة، على طوال الخارطة من صيدا الى واجهة بيروت البحريّة، والاشرفيّة، مروراً بجبيل، ووصولاً الى طرابلس وغيرها من المناطق اللّبنانيّة"، موضحاً أنّ "هذه المجمّعات تُشكّل عنصرَ جذبٍ للمواطنين، نظراً لما تُقدّمه من خدماتٍ وتسهيلات، وكونها تُلبّي مختلف الاذواق".
ويُشير نقيب أصحاب المطاعم الى أنّ "السياحة الرّيفيّة تزدهرُ أيضاً بفضل المقاهي التي بات أشهرها ينتقل الى الضّيع والجبال حيث المهرجانات والحفلات الشّعبيّة خصوصاً، بالاضافة الى تنقّل شاحنات الطّعام بين القرى والبلدات، لتصل هي الى مكان تواجد الزّبون، لا العكس".
وردّاً على سؤالٍ عن واقع القطاع خلال هذا الموسم، يُجيب الرامي: "القطاع يُعاني بشكلٍ عام، إلاّ إنّه رغم الازمات، هناك زهاء 100 اسمٍ في السّوق لمطاعمٍ ومقاهٍ تعملُ بشكلٍ نشيط وملحوظ".
أمّا مؤسّس موقع nogarlicnoonions الطّبيب أنطوني رحيّل، فقد أخذ عشقه للطّعام حيّزاً كبيراً من وقته، هو الذي يجولُ في لبنان وحول العالم لتذوّق أطيب الاطباق وأشهاها، وهو يُشدّد لموقعنا على شعار "لقمتنا بتجمعنا مهما اختلفنا"، شارحاً أنّ "هذا القطاع يزدهرُ لعواملٍ عدّة، من بينها أنّه باتت المطاعم مقصداً للتّرفيه عن النّفس، حيث يجتمع الاشخاص حول مائدةٍ واحدةٍ رغم اختلافاتهم وهمومهم، ولكون الطّعام الذي يُقدّم في لبنان موضع فخر، نظراً لجودته ومواصفاته العالية، وأيضاً لانّ الاكل أصبح على الموضة، وهو ما نراه واضحاً من خلال الصّور التي تُنشر على مواقع التّواصل الاجتماعيّ".
ويصفُ رحيّل الاكل اللّبنانيّ بأنّه "مُثيرٌ، إن لناحية ألوان المائدة اللّبنانيّة، أو لجهة التنوّع في الاطباق وفي مكوّناتها وطعمها"، معتبراً أنّ "اللّبنانيّ أخذ من كلّ العالم ولكن في المقابل رفع المستوى والجودة، وأعطى الكثير في هذا القطاع الذي هو في طور التطوّر الكبير حاليّاً".
هي نصيحةٌ نقدّمها لجميع الباحثين عن فكرة لانشاء عملٍ أو مؤسّسة خاصة بهم في لبنان: استثمروا بذكاءٍ في بطون اللّبنانيّين لا في عقولهم، فهناك تكمن نقطة ضعفهم الحقيقيّة. وللفنّان الفرنسيّ العالميّ شارل أزنافور الذي صرّح على هامش إحيائه مهرجان البترون خلال الصّيف الفائت "ما أطيب التّبولة عندكم"... نقول له "بعد ما دقت شي"!