الأكثرية لميقاتي: تحرر من ظل الحريري وإلا فستخرج خالي الوفاض
غاصب المختار
24 كانون الأول 2011 07:29
توقع بعض الوزراء ألا يطول صبر قوى الأكثرية على الرئيس نجيب ميقاتي منذ أن هدّد بالاستقالة ان لم يقر مجلس الوزراء تمويل المحكمة الدولية، وقد دارت شكوك وطرحت تساؤلات حول التزامات قدمها رئيس الحكومة لبعض الدول الخارجية الغربية من دون العودة الى مجلس الوزراء، اضافة الى التوجهات الاقتصادية والاجتماعية المعيشية التي يتبعها ميقاتي وتتناقض مع توجهات الاغلبية الحكومية، من حيث المراعاة الدائمة لأرباب العمل واصحاب المصالح الكبرى على حساب الطبقات الفقيرة وتحسين مستوى المعيشة فعلياً لا هامشياً.
وجاءت الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء التي أقرّ فيها مرسوم وزير العمل لتصحيح الأجور، لتضع الحكومة ورئيسها فعلياً أمام نمط جديد من التعامل والعلاقات بين مكوّناتها، بعد التصويت على مشروع الوزير شربل نحاس من قبل وزراء «حزب الله» وحركة «أمل»، او لجهة وضع بعض الوزراء المترددين مثل وزيري الصناعة والسياحة - وهما من الصناعيين الكبار- أمام قرار الالتزام بقرار كتلة «الإصلاح والتغيير» التي ينتميان اليها، ما كشف الاختلاف الجذري بين مكونات الحكومة حيال التوجهات والرؤى الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية.
وتتوقع جهات وزارية ان تكون هناك رسائل سياسية اخرى ستصل ميقاتي مع اقتراب استحقاقات اخرى مالية واقتصادية ومعيشية وسياسية وادارية، ولا سيما في ما يتعلق بمواضيع مثل الموازنة العامة وبروتوكول المحكمة الدولية وبعض القوانين المنتظرة كقانون الانتخابات واللامركزية الإدارية، فهل سيلجأ ميقاتي أيضاً الى التهويل بالاستقالة لتمرير ما يراه مناسباً له سياسياً وشعبياً، ام ان الرسالة السياسية الاولى التي وصلته من جلسة تصحيح الأجور كافية لدفعه الى اعادة حساباته والإقرار بأن هذه الحكومة ليست حكومته وحده، وان القرار فيها لا يعود اليه وحده؟ وان من شاور الناس شاركهم في عقولهم؟
ولكن ثمة من يسأل هل موقف وزراء «امل» بالتصويت السياسي لمصلحة مشروع نحاس سيستمر في مشاريع وقرارات أخرى، أم أنها مجرد تمريرة سياسية لن تتكرر سدّدها الرئيس نبيه بري الى ميقاتي للفت انتباهه الى عدم تكرار التفرد بقرارات مهمة وحساسة، وعدم قول كلام وفعل نقيضه؟ وهل سيمارس «حزب الله» سياسة اخرى تجاه ميقاتي أكثر تحفظاً من التي مارسها سابقاً فمرر لرئيس الحكومة الكثير من الأمور التي لم يكن مقتنعاً بها، لكنه كان يربأ بنفسه وكذلك «أمل»، ان يكونا هما من يعرقل او يعطل؟
يؤكد وزير بارز من الأكثرية انه «على الرئيس ميقاتي تغيير طريقة تعاطيه مع باقي مكونات الحكومة، لأنه لا يسأل عن أحد في اكثر الامور»، ويقول الوزير المذكور: على الرئيس ميقاتي أن يتخلص من خوفه ومن عقدة سلفه في الحكم والتطلع الى ما هو أبعد من كسب الشارع السني، فهو رئيس حكومة لبنان ومعه كتل نيابية كبيرة تدعمه، ومع ذلك لا يستطيع او لا يريد تغيير موظف واحد، لذلك عليه أن يعمل على اتخاذ مواقف مستقلة متحررة من ظل الحريري غير المباشر المهيمن على تحركه ومواقفه، وإلا سيخرج خالي الوفاض من هنا ومن هناك..».
وقال الوزير نفسه: إن وزراء «حزب الله» و«امل» و«التغيير والإصلاح» باتوا متفقين على مقاربة كل الامور في الحكومة يداً واحدة وبموقف واحد في كل الاستحقاقات المقبلة، وهذا أمر محسوم، والرئيس ميقاتي بات يعرف ذلك.
اما وزير الاقتصاد نقولا نحاس فقال لـ«السفير» عن مسار الحكومة بعد الفرز الواضح الذي اصابها وكيفية مواجهة الاستحقاقات المقبلة: الحكومة ستكمل عملها بشكل عادي، وكل موضوع يبحث في وقته، لكن يجب ان يعلم الجميع ان هذه الحكومة هي حكومة نجيب ميقاتي هو رئيسها ولا يمر شيء من دون توقيعه وموافقته. واذا كانوا يتهمون الرئيس ميقاتي بالتفرّد وعدم التشاور فهل تشاور وزير العمل شربل نحاس مع رئيس الحكومة في مشروعه الواسع لتصحيح الأجور قبل طرحه؟
اضاف: لقد أكدت الاكثرية تحالفها السياسي وداخل الحكومة، لكن هل تستطيع أن تتصرّف وحدها بمعزل عن موقف رئيس الحكومة؟
اما مصادر رئيس الحكومة فقالت إن ما حصل في موضوع الأجور قد حصل برغم التداعيات السلبية الممكن أن تتأتى عن القرار، وبرغم أن بعض الوزراء لم يعرف حقيقة ما صوّت عليه لا سيما في موضوع الضمان، لكن الحكومة ستواصل عملها كالمعتاد وكل موضوع يطرح يُبحث في وقته ويتخذ به القرار المناسب، والمطلوب في كل الأحوال تفعيل عمل الحكومة، وهذا ما سيحصل.
بات اللبنانيون أمام مشهد سياسي وحكومي جديد، تحكمه موازين قوى مختلفة وجديدة، وقد ظهر أن هذه الحكومة ليست حكومة اللون الواحد بل حكومة ألوان مختلفة بل ومتناقضة أحياناً حتى ضمن التحالف الواحد، ما يدفع لترقب موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان في كيفية إدارة التوازنات الجديدة ضمن الحكومة، ولو أن البعض يتوقع ان يكون رئيس الجمهورية ضابط إيقاع الحكومة وصمام أمان منع انفجارها.