إيران ولبنان والجمهورية اللبنانية
فريد ماروني
16 نيسان 2011 16:25
في المعركة المقبلة سنرى إسرائيل من جهة و"حزب الله" و"حماس" من جهة أخرى. تدرك الجمهورية الإيرانية مدى أهمية لبنان في الحرب الآتية. إن "حزب الله" يشكل ممرا آمنا لسياستها الخارجية. فالحزب يشكل أداة أستعملت عند حاجتها وستستعمل أيضا عند الحاجة. إن عنهجية إيران وإسرائيل لن تجعل باب التسوية مفتوحا. لن يكون بمقدور الدبلوماسية الغربية أن تشكل إختراقا في العقلية الشمولية والنووية الإيرانية أو في المقلب الآخر أي الإسرائيليون وسياسة أنا أولا أحد والقتل غاية لوسيلة أكبر.
من يدفع الثمن؟ الجمهورية اللبنانية صورة ورثناها أبا عن جد فمنذ الأستقلال الأول مرورا بالإستغلال الأول والأستغلال الثاني أي "طريق فلسطين تمر في جونية" و"الشعب اللبناني والسوري شعبان في بلد واحد"، لم نجد طريقا لبناء دولة القانون. الخوف الحقيقي سيكون على الجيش والشعب والمقاومة. الشعب ستكون خسارته في الأرواح والأملاك كبيرة جدا. الجيش والمقاومة جسمان منفصلان وكل يشكل ضعفا وعبئا على الآخر، فالآمر والناهي واحد من داخل الحدود والآخر من خارجها.
التسوية الشاملة المقبلة على المنطقة تحتاج حربا كبرى وتغييرا في موازين القوى.
الجمود والوضع القائم أي معادلة جندي التكنولوجيا مقابل جندي الأيدولوجيا وصواريخ الجو مقابل صواريخ الأرض، لن تدوم طويلا. الخطر الحقيقي يكمن في حجم المخاطرة الملقاة على لبنان كيانا وبنية تحتية إقتصادية، إنسانية، وإجتماعية.
في الجوهر، نستنتج وجود مؤسسات وإدارات عامة وشكل من أشكال الدستور والقوانين بالرغم من الكثير من الشوائب والنواقص. أما في الحالة الإيرانية ومن يمثلها في لبنان، فالهوية اللبنانية تتآكل وتذوب تدريجيا في صراع المحاور. فلبنان واللبنانيون يعرّفون على أنفسهم من منطق الشريك الأكبر الخارجي الداعم والراعي لهذا الحزب أو ذلك. في التاريخ اللبناني القديم، كان لكل طائفة أو مذهب "أم" أو "أب"، اليوم تطورت الحالة اللبنانية لتصبح واحدة أو خاضعة للكبير الخارجي على حساب الداخل ومصالحه. إيران لا تريد للبنان بل من لبنان دورا معينا تفرضه المعادلة الأقليمية والدولية لأغراض معينة عنوانها "الممانعة" وفعلها المتابعة.
"حزب الله" غارق وقيادته في أمواج المال النظيف وينفذ قولا وفعلا العبارة الشهيرة "السلطة تنزع إلى الإفساد"، والسلطة المطلقة تفسد بصورة مطلقة تحت شعار "إيران أولا". يتابع منهجيا قضم الدولة لإرساء أسلوب حياة في العمل السياسي، الأمني والإجتماعي على صورة ومثال المَلك لنا، المِلك لنا، والمملكة طبعا لنا لكن عبر غطاء إعلامي وتحويري تحت عنوان: "المشاركة، الحكم الصالح، والحليف المسيحي القوي". في الختام، يريدون من لبنان المعادلة الاتية: "إيران= إيران أولا= حزب الله= نفذ ولا تعترض أي لعنة السلاح". أما المطلوب من لبنان حاضرا ومستقبلا فيكمن في تخلصه من الأصولية الثقافية ومتاريس المحاور والطوائف. وذلك لكي نحقق مشروع التجانس الثقافي، الديني والإنساني وبأي صورة أخرى. نريد أن نصل إلى حدود الدولة المدنية في نمط عيشنا قرارتنا وأحكامنا من الهرم صعودا ونزولا، فيأتي في حينه شكل الدولة المدنية، حقوق المواطنين، العباد وروادها وعضال الطائفية والمذهبية يذهب من غير رجعة.