ما لم يفعله لبنان... وحقيقة شطب الودائع
1 آذار 2025 16:03
كتبت غريس الهبر في "الأنباء" الإلكترونية:
تعتزم الحكومة اللبنانية التفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج جديد لمعالجة الأزمات المالية. البرنامج الجديد مع الصندوق سيستند إلى مقاربة جديدة، إذ أن المعطيات تغيرت والرؤية أو القرار في التعامل مع بعض العناصر المدرجة فيه تبدلت.
ففي نيسان عام 2022 وقع لبنان اتفاقاً مع الصندوق على مستوى الموظفين، أنجز منه ما أنجز وتبقى ما تبقى، إذ أن "عملية الاتفاق هي عملية غير مرتبطة فقط بالبنود التقنية، إنما أيضاً إرادة سياسية"، يقول الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور أنيس أبو دياب.
يترقب لبنان زيارة وفد رفيع المستوى من صندوق النقد الدولي للبدء بإعادة النقاش حول الاتفاق. وفي هذا الإطار، يوضح أبو دياب أن "المقاربة اللبنانية ستكون مختلفة هذه المرة، فالنقاط التي سيتم التفاوض عليها، إنما تحديداً لجهة إعادة صياغة الخسائر، لأن الخسائر تغيرت من حيث الأرقام، وكيفية توزيعها وفق ما صرّح به دولة الرئيس وفخامة الرئيس بأن لا شطب للودائع"، خلافاً للمقاربة التي قدمت في العام 2022، باعتبار كل الودائع بمثابة خسائر، وبالتالي شطب خسائر المصرف المركزي.
الصندوق وشطب الودائع!
ويكشف أبو دياب أنه لم يسمع لمرة واحدة أن الصندوق مع شطب الودائع، وذلك خلال عدة لقاءات قبيل العام 2022 وخلال 2022 و2023 لحين مغادرة ممثلي الصندوق مع بدء الحرب، مشيراً إلى أن المسألة كانت تصاغ وكأن صندوق النقد يريد شطب الودائع وذلك لعدم وجود إرادة سياسية، لان صندوق النقد يطالب بإصلاحات ضرورية لإقامة دولة.
ويشير أبو دياب إلى أن ما كان يقال من جانب الصندوق لجهة توزيع الخسائر هو الموافقة على ما توافق عليه الحكومة اللبنانية، كاشفاً إلى أنه ذات مرة سُئل مباشرة الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في لبنان، هل صندوق النقد مع شطب الودائع، فكان الجواب بالنفي".
4 محاور.. ماذا أنجز؟!
4 محاور أساسية تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد، "وهي في غالبها ما سبق وطالب به الشعب اللبناني منذ العام 2016، وعبارة عن إصلاحات مالية هيكلية، ونقدية ومصرفية، وتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد، وإعادة هيكلة الدين العام"، يوضح أبو دياب.
ويشرح أبو دياب أن "ثمة ما أنجز منها بحكم عامل الوقت، منها إقرار موازنة العام 2023 وموازنة متوازنة للعام 2024". وحول موازنة 2025، يناشد أبو دياب وزارة المالية بإقرار موازنة 2025 بمرسوم وحتى لو كانت إلى حد بعيد لا تحاكي القوة الاقتصادية والمجتمع اللبناني الإنتاجي، ولا تحاكي إعادة الإعمار لكن من المهم أن يكون لدينا انتظام مالي، مشيراً إلى أنه "بعدما حصلت الحكومة على ثقة مجلس النواب، من الممكن أن يصار إلى إعادة بعض التعديلات من وزارة المال وفق المادة 118 من القانون اللبناني، الذي يجيز لوزير المال تعديل بعض الأمور في الموازنة"، مشدداً على أن ذلك يسهم بالوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد.
ومن بين ما أنجز وتضمنه اتفاق 2022 مع صندوق النقد، "الإصلاحات المالية والمصرفية بحيث تم توحيد سعر الصرف، ووقف كل أشكال الدعم باستثناء القمح إلى مرحلة معينة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الدين العام، إذ أرسلت الحكومة رسالة إلى الدائنين أفضت إلى تأخير دفع الفوائد إلى اذار 2028 وهي بالتالي خطوة بإعادة الجدولة"، على حد تعبير أبو دياب.
ما تبقى!
هذا ما أنجز.. لكن بقي الكثير والذي يحتاج إلى "قرار سياسي" كما يبدو، إذ يشير أبو دياب إلى أنه كان من المفترض أن يجري لبنان إصلاحات مالية هيكلية والتي تطالب بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتدقيق جنائي في 14 مصرفاً كبيراً، ووافق عليه لبنان، لكن كان يتم التذرع بكلفته المالية التي تبلغ 6 مليون دولار وهي غير متوافرة، معيداً ذلك إلى أن حينها لم تكن الإرادة السياسية موجودة.
كما طالب الصندوق بإعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان ومؤسسات الدولة، وفي هذا الصدد، يذكّر أبو دياب برفع تعرفة الكهرباء، بحيث أضحت تباع وفق الكلفة، ولكن لم تنشأ الهيئات ناظمة، إنما وزير الطاقة والمياه جوزيف صدي في حكومة الرئيس نواف سلام وعد مؤخراً بإنشائها.
إلى ذلك، تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد ومراقبة الهيئات الرقابية وتطويرها وتشجيعها من أبرز المطالب لدى الصندوق والتي يشير اليها أبو دياب، موضحاً أنه حينها أقر قانون الشراء العام.
ويضيف أبو دياب بأن تحسين الإدارة الضريبية كانت من أبرز المطالب، إذ أن الهدف منها استدامة الدين، معتبراً أنه "من خلال وجود إيرادات ضريبية وازنة يمكن إعادة جدولة الديون ودفع المستحقات المترتبة، وهذا ينطلق من أمرين، الإصلاح الجمركي وتوسيع القاعدة الضريبية".
ويتابع: "الأمر المهم أيضاً إقرار قوانين مرتبطة بالفساد وبالاحتكار وبالمنافسة، ثمة ما أقر وثمة ما يحتاج إلى تعديل، خصوصاً ما هو مرتبط بالفساد، وكذلك مسألة رفع السرية المصرفية".
ويشدد أبو دياب على أن "مجمل الإصلاحات التي تؤدي إلى اتفاقية مع صندوق النقد، قابلة للتطبيق في حال وجدت الإرادة السياسية"، مؤكداً أن ما من خيارات أخرى، وذلك ليس فقط لحجم الدين الذي يمكن أن يتيحه للبنان ويبلغ 3.6 مليار دولار، لا بل يعبّر عن إمكانية إعادة وصل ما انقطع مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية".
"دون أدنى شك من لا يريد الدولة لا يرغب بالإصلاحات"، يقول أبو دياب. ويلفت إلى أن ثمة "قوى سياسية كحزب الله والمنضوية إلى هذا المحور يعبرون ان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو بمثابة انتهاك للسيادة الوطنية كشعار أساسي".
بالمحصلة، لبنان على عتبة جديدة من إدارة الحكم، وتحت المجهر الدولي.. كما أن ما كان يفرمّل عملية التنفيذ تقلّص تأثيره، ولم يعد يملك زمام التعطيل، علماً أن خطاب القسم لرئيس الجمهورية الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري وما طالبت به كتل نيابية عدة يتقاطع في النتائج.. إذا ما طبّق على النحو المرجو!
تعتزم الحكومة اللبنانية التفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج جديد لمعالجة الأزمات المالية. البرنامج الجديد مع الصندوق سيستند إلى مقاربة جديدة، إذ أن المعطيات تغيرت والرؤية أو القرار في التعامل مع بعض العناصر المدرجة فيه تبدلت.
ففي نيسان عام 2022 وقع لبنان اتفاقاً مع الصندوق على مستوى الموظفين، أنجز منه ما أنجز وتبقى ما تبقى، إذ أن "عملية الاتفاق هي عملية غير مرتبطة فقط بالبنود التقنية، إنما أيضاً إرادة سياسية"، يقول الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور أنيس أبو دياب.
يترقب لبنان زيارة وفد رفيع المستوى من صندوق النقد الدولي للبدء بإعادة النقاش حول الاتفاق. وفي هذا الإطار، يوضح أبو دياب أن "المقاربة اللبنانية ستكون مختلفة هذه المرة، فالنقاط التي سيتم التفاوض عليها، إنما تحديداً لجهة إعادة صياغة الخسائر، لأن الخسائر تغيرت من حيث الأرقام، وكيفية توزيعها وفق ما صرّح به دولة الرئيس وفخامة الرئيس بأن لا شطب للودائع"، خلافاً للمقاربة التي قدمت في العام 2022، باعتبار كل الودائع بمثابة خسائر، وبالتالي شطب خسائر المصرف المركزي.
الصندوق وشطب الودائع!
ويكشف أبو دياب أنه لم يسمع لمرة واحدة أن الصندوق مع شطب الودائع، وذلك خلال عدة لقاءات قبيل العام 2022 وخلال 2022 و2023 لحين مغادرة ممثلي الصندوق مع بدء الحرب، مشيراً إلى أن المسألة كانت تصاغ وكأن صندوق النقد يريد شطب الودائع وذلك لعدم وجود إرادة سياسية، لان صندوق النقد يطالب بإصلاحات ضرورية لإقامة دولة.
ويشير أبو دياب إلى أن ما كان يقال من جانب الصندوق لجهة توزيع الخسائر هو الموافقة على ما توافق عليه الحكومة اللبنانية، كاشفاً إلى أنه ذات مرة سُئل مباشرة الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في لبنان، هل صندوق النقد مع شطب الودائع، فكان الجواب بالنفي".
4 محاور.. ماذا أنجز؟!
4 محاور أساسية تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد، "وهي في غالبها ما سبق وطالب به الشعب اللبناني منذ العام 2016، وعبارة عن إصلاحات مالية هيكلية، ونقدية ومصرفية، وتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد، وإعادة هيكلة الدين العام"، يوضح أبو دياب.
ويشرح أبو دياب أن "ثمة ما أنجز منها بحكم عامل الوقت، منها إقرار موازنة العام 2023 وموازنة متوازنة للعام 2024". وحول موازنة 2025، يناشد أبو دياب وزارة المالية بإقرار موازنة 2025 بمرسوم وحتى لو كانت إلى حد بعيد لا تحاكي القوة الاقتصادية والمجتمع اللبناني الإنتاجي، ولا تحاكي إعادة الإعمار لكن من المهم أن يكون لدينا انتظام مالي، مشيراً إلى أنه "بعدما حصلت الحكومة على ثقة مجلس النواب، من الممكن أن يصار إلى إعادة بعض التعديلات من وزارة المال وفق المادة 118 من القانون اللبناني، الذي يجيز لوزير المال تعديل بعض الأمور في الموازنة"، مشدداً على أن ذلك يسهم بالوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد.
ومن بين ما أنجز وتضمنه اتفاق 2022 مع صندوق النقد، "الإصلاحات المالية والمصرفية بحيث تم توحيد سعر الصرف، ووقف كل أشكال الدعم باستثناء القمح إلى مرحلة معينة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الدين العام، إذ أرسلت الحكومة رسالة إلى الدائنين أفضت إلى تأخير دفع الفوائد إلى اذار 2028 وهي بالتالي خطوة بإعادة الجدولة"، على حد تعبير أبو دياب.
ما تبقى!
هذا ما أنجز.. لكن بقي الكثير والذي يحتاج إلى "قرار سياسي" كما يبدو، إذ يشير أبو دياب إلى أنه كان من المفترض أن يجري لبنان إصلاحات مالية هيكلية والتي تطالب بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتدقيق جنائي في 14 مصرفاً كبيراً، ووافق عليه لبنان، لكن كان يتم التذرع بكلفته المالية التي تبلغ 6 مليون دولار وهي غير متوافرة، معيداً ذلك إلى أن حينها لم تكن الإرادة السياسية موجودة.
كما طالب الصندوق بإعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان ومؤسسات الدولة، وفي هذا الصدد، يذكّر أبو دياب برفع تعرفة الكهرباء، بحيث أضحت تباع وفق الكلفة، ولكن لم تنشأ الهيئات ناظمة، إنما وزير الطاقة والمياه جوزيف صدي في حكومة الرئيس نواف سلام وعد مؤخراً بإنشائها.
إلى ذلك، تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد ومراقبة الهيئات الرقابية وتطويرها وتشجيعها من أبرز المطالب لدى الصندوق والتي يشير اليها أبو دياب، موضحاً أنه حينها أقر قانون الشراء العام.
ويضيف أبو دياب بأن تحسين الإدارة الضريبية كانت من أبرز المطالب، إذ أن الهدف منها استدامة الدين، معتبراً أنه "من خلال وجود إيرادات ضريبية وازنة يمكن إعادة جدولة الديون ودفع المستحقات المترتبة، وهذا ينطلق من أمرين، الإصلاح الجمركي وتوسيع القاعدة الضريبية".
ويتابع: "الأمر المهم أيضاً إقرار قوانين مرتبطة بالفساد وبالاحتكار وبالمنافسة، ثمة ما أقر وثمة ما يحتاج إلى تعديل، خصوصاً ما هو مرتبط بالفساد، وكذلك مسألة رفع السرية المصرفية".
ويشدد أبو دياب على أن "مجمل الإصلاحات التي تؤدي إلى اتفاقية مع صندوق النقد، قابلة للتطبيق في حال وجدت الإرادة السياسية"، مؤكداً أن ما من خيارات أخرى، وذلك ليس فقط لحجم الدين الذي يمكن أن يتيحه للبنان ويبلغ 3.6 مليار دولار، لا بل يعبّر عن إمكانية إعادة وصل ما انقطع مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية".
"دون أدنى شك من لا يريد الدولة لا يرغب بالإصلاحات"، يقول أبو دياب. ويلفت إلى أن ثمة "قوى سياسية كحزب الله والمنضوية إلى هذا المحور يعبرون ان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو بمثابة انتهاك للسيادة الوطنية كشعار أساسي".
بالمحصلة، لبنان على عتبة جديدة من إدارة الحكم، وتحت المجهر الدولي.. كما أن ما كان يفرمّل عملية التنفيذ تقلّص تأثيره، ولم يعد يملك زمام التعطيل، علماً أن خطاب القسم لرئيس الجمهورية الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري وما طالبت به كتل نيابية عدة يتقاطع في النتائج.. إذا ما طبّق على النحو المرجو!