الحوثيّون و"الميليشيات" الإيرانيّة... خارج لبنان؟
طارق أبو زينب
1 آذار 2025 06:58
لم يكن وصول عناصر من الحوثيين و"حزب الله العراقي" وميليشيات أخرى إلى لبنان مجرد حضور بروتوكولي في مراسم تشييع الأمينين العامين السابقين لـ "حزب الله"، بل شكل رسالة سياسية واضحة تؤكد ترابط هذه الفصائل المدعومة من إيران وتنامي نفوذها العابر للحدود. تزامن هذا الحدث مع تحليق مكثف للطائرات الإسرائيلية على علو منخفض فوق بيروت، ما يعكس الأهمية التي أولتها حكومة الكيان الإسرائيلي لهذا التجمع. ومع ذلك، يثير هذا المشهد تساؤلات جوهرية حول حرية حركة هذه الميليشيات رغم العقوبات الدولية المفروضة عليها، وهو ما يعزز الصورة المتزايدة لوحدة هذه الجماعات تحت المظلة الإيرانية، ويفتح الباب أمام تداعيات سياسية وأمنية خطيرة.
استفزاز جديد للمجتمع الدولي
رغم العقوبات الأميركية والأوروبية التي تحدّ من تحركات قيادات هذه الميليشيات وتجمّد أصولهم المالية، فإن حضورهم في لبنان قد يُنظر إليه كخطوة استفزازية للمجتمع الدولي قد تستدعي إجراءات عقابية جديدة. فوجود شخصيات مصنفة دولياً ضمن قوائم الإرهاب في قلب بيروت قد يدفع واشنطن وحلفاءها إلى إعادة النظر في موقفهم تجاه الحكومة اللبنانية.
عقوبات أميركية على شخصيات لبنانية
كشفت مصادر سياسية أميركية مطلعة لصحيفة "نداء الوطن" أن هذا التطور قد يشعل فتيل ضغوط دولية متزايدة على الحكومة اللبنانية، خصوصاً في ما يتعلق بتشديد الرقابة على مطار رفيق الحريري الدولي والمعابر الحدودية الأخرى. وأكدت المصادر أن الحدث لم يكن مجرد مناسبة دينية، بل أزاح الستار عن مدى تغلغل هذه الفصائل في المشهد اللبناني، مما يعزز الدعوات لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمنع تسلل شخصيات وكيانات مدرجة على قوائم العقوبات الدولية. كما لفتت إلى أن دوائر القرار في واشنطن تدرس فرض عقوبات إضافية على شخصيات لبنانية يُشتبه في تورطها بتسهيل تحركات هذه الجماعات، في ظل تصاعد القلق الغربي من العبث الإيراني بالساحة اللبنانية، وما قد يترتب عليه من إعطاء ذريعة للقوات الإسرائيلية للادعاء بأن لبنان يخرق القرار 1701.
تنسيق إقليمي متزايد بين الميليشيات
أفادت مصادر أميركية بأن تجمع فصائل مثل الحوثيين وغيرها في لبنان يعكس تزايد مستوى التنسيق الإقليمي بين هذه الجماعات.ولفتت المصادر إلى أن بعض عناصر الحوثيين لم يغادروا لبنان حتى بعد انتهاء مراسم التشييع، ما يثير مخاوف متزايدة من احتمال استخدام لبنان كنقطة انطلاق لعمليات عسكرية أو لوجستية واستخباراتية تصب في مصلحة طهران. في هذا السياق، تتابع الإدارة الأميركية عن كثب تحركات الحكومة اللبنانية، لتقييم مدى جديتها في اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة هذا الملف.
وفي المقابل، يواجه رئيس الحكومة نواف سلام تحدي استعادة هوية الدولة اللبنانية وسيادتها، بعد نيل حكومته الثقة من المجلس النيابي، وسط مطالبات محلية ودولية بضرورة التصدي لنفوذ "حزب الله" دون أي تهاون. كما بات من الضروري الإسراع في تطبيق القرار الدولي 1701، مع التأكيد على احتكار الدولة وحدها للسلاح وبسط سلطتها الكاملة على جميع الأراضي اللبنانية .
لبنان في قلب المواجهة
أكدت مصادر دبلوماسية عربية أن السماح بدخول شخصيات مصنفة إرهابية دولياً دون أي قيود يعكس تراجع قدرة الدولة اللبنانية على ضبط حدودها، مما يبرز ضعف سلطتها. هذا الوضع يزيد القلق الإقليمي والدولي بشأن مستقبل لبنان، لا سيما في ظل التحذيرات المتزايدة من أن الاستمرار في هذا النهج قد يفاقم الأزمة.
إن الأيام المقبلة قد تُمثل نقطة فارقة في تحديد مصير لبنان خلال هذه المرحلة الحساسة بعد منح الحكومة الثقة البرلمانية. إلا أن الثابت أن البلاد أصبحت محط صراع حاسم بين إيران والمجتمع الدولي. أمام لبنان الآن خياران لا ثالث لهما: إما الالتزام بتعهداته الدولية من خلال منع إيران من العبث بالسيادة اللبنانية والالتزام بالقرارات الدولية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، أو مواجهة المزيد من العزلة والانهيار، وهو ما يعني غياب الدعم المالي الضروري لإعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد.