باسيل ارتدى ثوب المعارضة... "إذا خسر الملك"؟
سامر زريق
1 آذار 2025 06:28
في انتخابات رئيس الجمهورية والتصويت على الثقة لحكومة الإنقاذ، ارتدى رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ثوب المعارضة وحيداً. فليطمئنّ قلبه "لن تسير وحدك أبداً"، كما تقول الأغنية الشهيرة التي يرددها جمهور نادي "ليفربول" الإنكليزي وتعدّ نشيدهم الرسمي.
لكن من سيعضده في درب المعارضة ليس بجمهور عارم، كما حال "ليفربول"، بل أطراف وشخصيات سياسية ستقودها قرارات الحكومة إلى الخصام معها كلّما دنت لحظة الانتخابات النيابية، واضمحلّ وهج اندفاعة الحكم الجديد، إنما المفارقة أنه ليس بينها راغب بالتحالف معه، في معادلة تعكس تحوّله بسرعة قياسية من مركز التأثير في صناعة القرار، ولو بشكل سلبي، إلى هامش العملية السياسية.
في الواقع، يبدو باسيل أقرب إلى الملك الذي خسر عرشه. لذا اخترنا العنوان أعلاه، العائد لرواية الكاتبة التركية، غولسيران بودايجي أوغلو، وهي طبيبة نفسية وروائية، تحولت العديد من رواياتها إلى أعمال درامية لاقت نجاحاً كبيراً، آخرها مسلسل "إذا خسر الملك" الذي يعرض حالياً، ويتحدث عن شخص مستفزّ ونرجسي، يجذب نفور الجمهور، وتربّى على أنه "ملك".
تكشف مجريات الحكاية عن ظروف معقدة وأسباب مريرة كامنة خلف هذه الشخصية النزقة، بما يدفع إلى مراجعة الحسابات وعدم الركون إلى المواقف المسبقة. يقول المقطع الترويجي للعمل "يتأثّر البشر بشدة بما يختبرونه في طفولتهم المبكرة.. لطالما رأى كِنان (البطل) نفسه في القمة، واعتقد أنه لن يسقط أبداً. ولكن في يوم من الأيام، ألقت الحياة عليه الإزميل، فانكسر قلبه أيضاً".
بلغ باسيل مكانة لم يصل إليها أحد. قبل "الطائف"، اشتكى المسلمون من "الصيغة القديمة" لأنها منحت رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة جعلته أقرب إلى "ملك" يحكم بلا تبعات قانونية، لكنه على الأقل كان منتخباً من البرلمان. فيما صار رئيس "التيار الوطني الحر" في عهد عمه ملكاً يحكم بلا تبعات قانونية، ودون أن ينتخب، فهيمن على ختم الرئاسة ودوائر القصر، وحظي بمظلة دعم استثنائية: تحالف متين مع "حزب الله"، واتفاق مع "القوات"، وشراكة مع الرئيس سعد الحريري، بما فتح باب الإقبال عليه من الجماهير والنخب وكبار موظفي الدولة.
كان بإمكانه أن ينتهج سياسة يحافظ من خلالها على عرشه المتواري خلف عمه أو أي رئيس آخر طالما أن "الحزب" هو الناخب الأقوى. لكنه أصر على الطريق التي نعرفها، فخسر "القوات"، و"المستقبل"، والرعيل العوني المؤسّس، وأخيراً "حزب الله"، والذي لا تعادل خسارته أي خسارة أخرى بالنسبة إليه. فيما أسهمت شخصيته النزقة، وإدمانه التصريحات المستفزة، في جعله الهدف الأول لغضب الناس، بما في ذلك شطر من العونيين.
كان انكسار "حزب الله" الصادم بمثابة "الإزميل" الذي ألقته الحياة على باسيل، وأكثر منها فجيعة تخلّفه عن حضور تشييع حسن نصرالله، مما حدا ببعض مسؤولي "الدويلة" إلى معايرته بأفضال الأمين العام ودوره في صناعة نجوميته، وهنا مربط الفرس. إذ إنه ما من شيء بالمجّان في عوالم السياسة، وخصوصاً عند الأحزاب ذات الأيديولوجيا الصارمة.
قبل اتفاق "مار مخايل"، درس "الحزب" بعمق "التيار الوطني الحر"، ودعمه ليكون واجهة التعطيل، والقطب الإعلامي الذي يحجب الأضواء عنه عبر خطاب مغالٍ في التطرف، منابعه الأساسية مستقاة من قاموس "الخمينيين"، مثل بدعة "الميثاقية" التي ظهرت في حكومة السنيورة الأولى، والتي لم يكن فيها العونيون.
هذا ما مكّن "الحزب" من تحقيق هدفه الأسمى في تعطيل عجلة الدولة على المستويات كافة من وراء حجاب حاجز، أسقطه الحكم الجديد من السلطة في خطوة كان لا بد منها، كي تصبح المواجهة مباشرة مع "الدويلة". فعادت الشعارات إلى الأصيل، وطغت مصطلحات "الطائفة المجروحة" و"حقوق الشيعة" على مصطلح "التمثيل المسيحي" الذي استخدمه البرتقاليون طويلاً.
حال باسيل يمكن اختصاره باستهزاء رئيس الحكومة بثقته، في لقطة تصدّرت منصّات التواصل بتأييد عارم، وطغت على مضمون كلمة كانت من الأبرز في مناقشة البيان الوزاري، رغم أن تصرّف سلام يعبر عن سلوك متعالٍ وغير ديمقراطي، ولو كان صدر تجاه أي شخصية أخرى، لكان رد الفعل الجماهيري مُغايراً.
لكن من سيعضده في درب المعارضة ليس بجمهور عارم، كما حال "ليفربول"، بل أطراف وشخصيات سياسية ستقودها قرارات الحكومة إلى الخصام معها كلّما دنت لحظة الانتخابات النيابية، واضمحلّ وهج اندفاعة الحكم الجديد، إنما المفارقة أنه ليس بينها راغب بالتحالف معه، في معادلة تعكس تحوّله بسرعة قياسية من مركز التأثير في صناعة القرار، ولو بشكل سلبي، إلى هامش العملية السياسية.
في الواقع، يبدو باسيل أقرب إلى الملك الذي خسر عرشه. لذا اخترنا العنوان أعلاه، العائد لرواية الكاتبة التركية، غولسيران بودايجي أوغلو، وهي طبيبة نفسية وروائية، تحولت العديد من رواياتها إلى أعمال درامية لاقت نجاحاً كبيراً، آخرها مسلسل "إذا خسر الملك" الذي يعرض حالياً، ويتحدث عن شخص مستفزّ ونرجسي، يجذب نفور الجمهور، وتربّى على أنه "ملك".
تكشف مجريات الحكاية عن ظروف معقدة وأسباب مريرة كامنة خلف هذه الشخصية النزقة، بما يدفع إلى مراجعة الحسابات وعدم الركون إلى المواقف المسبقة. يقول المقطع الترويجي للعمل "يتأثّر البشر بشدة بما يختبرونه في طفولتهم المبكرة.. لطالما رأى كِنان (البطل) نفسه في القمة، واعتقد أنه لن يسقط أبداً. ولكن في يوم من الأيام، ألقت الحياة عليه الإزميل، فانكسر قلبه أيضاً".
بلغ باسيل مكانة لم يصل إليها أحد. قبل "الطائف"، اشتكى المسلمون من "الصيغة القديمة" لأنها منحت رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة جعلته أقرب إلى "ملك" يحكم بلا تبعات قانونية، لكنه على الأقل كان منتخباً من البرلمان. فيما صار رئيس "التيار الوطني الحر" في عهد عمه ملكاً يحكم بلا تبعات قانونية، ودون أن ينتخب، فهيمن على ختم الرئاسة ودوائر القصر، وحظي بمظلة دعم استثنائية: تحالف متين مع "حزب الله"، واتفاق مع "القوات"، وشراكة مع الرئيس سعد الحريري، بما فتح باب الإقبال عليه من الجماهير والنخب وكبار موظفي الدولة.
كان بإمكانه أن ينتهج سياسة يحافظ من خلالها على عرشه المتواري خلف عمه أو أي رئيس آخر طالما أن "الحزب" هو الناخب الأقوى. لكنه أصر على الطريق التي نعرفها، فخسر "القوات"، و"المستقبل"، والرعيل العوني المؤسّس، وأخيراً "حزب الله"، والذي لا تعادل خسارته أي خسارة أخرى بالنسبة إليه. فيما أسهمت شخصيته النزقة، وإدمانه التصريحات المستفزة، في جعله الهدف الأول لغضب الناس، بما في ذلك شطر من العونيين.
كان انكسار "حزب الله" الصادم بمثابة "الإزميل" الذي ألقته الحياة على باسيل، وأكثر منها فجيعة تخلّفه عن حضور تشييع حسن نصرالله، مما حدا ببعض مسؤولي "الدويلة" إلى معايرته بأفضال الأمين العام ودوره في صناعة نجوميته، وهنا مربط الفرس. إذ إنه ما من شيء بالمجّان في عوالم السياسة، وخصوصاً عند الأحزاب ذات الأيديولوجيا الصارمة.
قبل اتفاق "مار مخايل"، درس "الحزب" بعمق "التيار الوطني الحر"، ودعمه ليكون واجهة التعطيل، والقطب الإعلامي الذي يحجب الأضواء عنه عبر خطاب مغالٍ في التطرف، منابعه الأساسية مستقاة من قاموس "الخمينيين"، مثل بدعة "الميثاقية" التي ظهرت في حكومة السنيورة الأولى، والتي لم يكن فيها العونيون.
هذا ما مكّن "الحزب" من تحقيق هدفه الأسمى في تعطيل عجلة الدولة على المستويات كافة من وراء حجاب حاجز، أسقطه الحكم الجديد من السلطة في خطوة كان لا بد منها، كي تصبح المواجهة مباشرة مع "الدويلة". فعادت الشعارات إلى الأصيل، وطغت مصطلحات "الطائفة المجروحة" و"حقوق الشيعة" على مصطلح "التمثيل المسيحي" الذي استخدمه البرتقاليون طويلاً.
حال باسيل يمكن اختصاره باستهزاء رئيس الحكومة بثقته، في لقطة تصدّرت منصّات التواصل بتأييد عارم، وطغت على مضمون كلمة كانت من الأبرز في مناقشة البيان الوزاري، رغم أن تصرّف سلام يعبر عن سلوك متعالٍ وغير ديمقراطي، ولو كان صدر تجاه أي شخصية أخرى، لكان رد الفعل الجماهيري مُغايراً.