خطوة أولى في مسيرة وقْف النار... فهل تنتهي الحرب قريباً؟
17 تشرين الثاني 2024 06:43
جاء في "الراي" الكويتية:
تلقى «حزب الله» من الولايات المتحدة وإسرائيل، مسودة أولية لاتفاقٍ حول وقف لإطلاق النار على جبهة لبنان. وبدا أن من السابق لأوانه تَوَقُّع نهايةٍ قريبة للأعمال العدائية في ضوء مواصلة الفرق الإسرائيلية محاولات التقدم لنحو 4 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية لتعزيز الموقع التفاوضي لتل أبيب.
ويرفض «حزب الله» والحكومة اللبنانية، بشدّة إشراف إسرائيل على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 أو أي مفاوضات لا يسبقها وقف النار أولاً.
ويُعَدّ السماح لإسرائيل بمراقبة إذا كان «حزب الله» يخزّن أسلحة جنوب نهر الليطاني والتحقق من الأمر، انتهاكاً لسيادة لبنان. ولن يُسمح بحرية العمل لقوات الامم المتحدة (اليونيفيل) من دون مواكبة الجيش اللبناني.
ولم يُعْرِبْ «حزب الله» عن انفتاحه لمشاركة لجنة دولية «محايدة» بمراقبة الانتهاكات على جانبي الحدود لضمان التنفيذ السليم للقرار 1701 بسبب عدم حيادية المجتمع الدولي بما يخص إسرائيل.
من هنا، فمن المتوقَّع أن تبقى الجبهات ساخنة والاشتباكات مكثّفة على طول خط التماس اللبناني - الإسرائيلي، إضافة إلى المزيد من الدمار في ضواحي بيروت، إذ يبدو أن الجانبين عازمان على بدء المفاوضات الطويلة من موقع قوةٍ لتحسين شروطهما التفاوضية لأن الكلمة تبقى للميدان ونتائجه.
ومن غير المرجح أن يقدّم الحزب ردّه على اقتراح وقف النار في غضون بضعة أيام. وبعيداً عن الحاجة إلى تحليل النقاط التي أثيرت في المسودة بعناية ـ والتي من المستبعد قبولها أو رفضها بالكامل ـ فإن الحزب ليس في عجلة من أمره لإنهاء حربٍ لم تُحسم لمصلحة إسرائيل. ويبعث هذا التأخير المتعمد برسالةٍ واضحة بأن الحزب يحتفظ بالمبادرة ولا يشعر بالضغط لإنهاء الحرب.
فتاريخياً، لم تفاوض إسرائيل إلا عندما تعجز عن تحقيق ميزة حاسمة في الحملات العسكرية. ويشير استعدادُها الآن للمشاركة في المناقشات إلى الصعوبات التي تواجهها في تأمين اليد العليا لها ومحاولتها الحدّ من خسائرها.
وكانت السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، وليس المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، سلّمت اقتراحاً استكشافياً، يهدف إلى قياس ردات فعل (إسرائيل والحزب) الجانبين والتنازلات المحتمَلة ويتعلّق بوقف إطلاق النار الأولي، إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يعمل كمُفاوِض نيابة عن «حزب الله».
لكن هذا يثير سؤالاً آخَر: مَن هو المفاوض الحقيقي الذي يتمتع بالنفوذ بين إسرائيل ولبنان؟
في أي مفاوضات، عادة ما يكون هناك فائز وخاسر واضحان أو تَوازُن للقوى في ساحة المعركة، ما يجبر كلا الجانبين على التنازل.
وهذا يثير أسئلة بالغة الأهمية: مَن هو المفاوض الرئيسي بين المتحاربين؟ مَن سيخرج منتصراً في نهاية المطاف وعندما تنتهي الأعمال العدائية؟ هل حققت إسرائيل أهدافها، أم أن «حزب الله» انتصر من خلال التمسك بأرضه؟
خلال الأسبوع الأول من الحرب، صعّدت إسرائيل في شكل كبير من أهدافها في أعقاب سلسلة من الضربات المدمّرة شملت تخريب أنظمة الاتصالات النداء (البيجرز) وأجهزة الراديو «ايكوم» التابعة لـ «حزب الله» ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا.
وأعقب ذلك اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، إلى جانب العديد من كبار القادة وتدمير آلاف مستودعات الأسلحة.
وبفضل هذه «الانتصارات» المبكّرة، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن رؤيته لإعادة تشكيل «الشرق الأوسط الجديد» تحت الهيمنة الإسرائيلية.
وبدا واثقاً من زخم الحملة، فأمر خمس فرق بالاستعداد لغزوٍ بري واسع النطاق للبنان. وأعلن وزير الدفاع في حينه يوآف غالانت، أن «حزب الله مهزوم وسيتم تدميره قريباً».
واستغلت قوى مناهضة للحزب في لبنان هذه اللحظة، فنادت بعودته إلى «بيت الطاعة» أو استبعاده عن الساحة السياسية. لكن التطورات اللاحقة تحدّت هذه الافتراضات وغيّرت مسار الأحداث.
ورغم نشوتها المبكّرة، فقد تراجعت طموحات إسرائيل في شكل كبير بعد أسابيع من المواجهات العنيفة. إذ منعت قوات «حزب الله» مشاة الجيش الإسرائيلي وقواته الخاصة من إنشاء مواقع ثابتة في جنوب لبنان.
وما بدا للوهلة الأولى بأنه حملة للقضاء على الحزب بالكامل، تحوّل حرباً بهدفٍ أضيق نطاقاً يتلخص في نزع سلاح الحزب في منطقة جنوب نهر الليطاني فقط، وهو الشرط الذي حدّده بالفعل القرار 1701 الذي لم يُنفذ بكامل بنوده من الطرفين. وتالياً فشلت محاولات إسرائيل بفرض شروط الاستسلام وتأمين نصر حاسم.
من منظور إسرائيل، ما زال بالإمكان اعتبار العديد من الإنجازات انتصارات كبيرة. ومن أبرزها اغتيال قادة «حزب الله»، وتدمير جزء من بنيته التحتية اللوجستية، واختراق الأمن الداخلي للحزب، الأمر الذي سمح لها بتحديد «وحدات الأمكنة» واختراق أنظمة الاتصالات الخاصة.
ومن المرجّح أن يستعرض نتنياهو هذه الإنجازات باعتبارها معالم محورية، إضافة إلى العودة الآمنة للمستوطنين إلى الشمال، خصوصاً إذا سبق وقف إطلاق النار في لبنان وقف الحرب في غزة في مرحلة لاحقة وغير متوازية.
كذلك تستطيع إسرائيل الزعم أنها نجحت في تحييد التهديد المباشر المتمثل في غزو «حزب الله» للجليل، وهو الاحتمال الذي لمح إليه قادة «حزب الله» في وقت سابق.
أما بالنسبة إلى «حزب الله»، فيرى أن الصمود في مواجهة أكبر تعبئة عسكرية إسرائيلية في مسرحٍ واحد يشكل نجاحاً له.
فرغم القصف المتواصل والقوة النارية الساحقة، نجحت مقاومته في منع القوات الإسرائيلية من التقدم في شكل ملحوظ واحتلال كامل منطقة جنوب نهر الليطاني (نحو 500 كيلومتر مربع).
وحتى لو تمكّنت من إقامة مواقع ثابتة، فإن هجمات الحزب المستمرة من شأنها أن تجعل مثل هذه الاحتلالات غير مستدامة، وتُحَوّلَها تالياً إلى عبء على القوات الإسرائيلية.
ومن المرجح أن ينظر «حزب الله» إلى قدرته على فرض وقف النار باعتبارها إقراراً يترجم صموده كما تعطيله لرؤية نتنياهو لـ«الشرق الأوسط الجديد».
إضافة إلى أن اقتراح انخراط القوى الغربية الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، في السعي إلى وقف الأعمال العدائية يؤكد أهمية الحزب ومكانته كلاعب لا يمكن تجاهله ومن دون تجريده من السلاح على باقي الأراضي اللبنانية.
وفي حين قد يعارض «حزب الله» مشاركة بعض الدول في مراقبة تنفيذ الـ1701، فإن مشاركة تلك الدول تشكل اعترافاً غير مباشر بدوره كقوة لا يمكن إنهاؤها.
وبتثبيت وقف النار مستقبلاً، سيعود الكثير من السكان إلى جنوب لبنان، ومعهم المقاتلون بأسلحتهم الخفيفة، إلى مجتمعاتهم ما يضمن استمرارية وجود راسخٍ بعمق بين السكان خصوصاً في جنوب الليطاني، وإن القرب الإستراتيجي لـ«حزب الله» من الحدود الإسرائيلية يسمح له بمعاودة نشر قدرات الصواريخ والطائرات دون طيار بسرعة، ما يعزز قوته الرادعة المستقبلية.
كشفت الحرب عن نقاط ضعف داخل «حزب الله»، مثل الخروق الاستخبارية التي أدت إلى استهداف البنى التحتية واغتيال القادة.
ومن المتوقع أن يقوم في المستقبل بعزل أنظمة اتصالاته وتكييف استراتيجياته لمواجهة الاستخبارات الإسرائيلية والقدرات التكنولوجية. أما خارج هذا السياق، فإن فشل إسرائيل في تأمين مواقع ثابتة في جنوب لبنان أفقدها اليد العليا التفاوضية ويُبْعِد تحديات متمثلة في تحقيق الهيمنة الإستراتيجية في مواجهة خصم مصمم.
سيزعم كل من إسرائيل و«حزب الله» أن النصر كان من نصيبه في هذه الحرب المكلفة. غير أنه وفي نهاية المطاف، تؤكد نتائج الحرب على التعقيد المستمر للمواجهة بين إسرائيل والحزب وعدم انتصار كامل لطرف على الآخر، ومع بروز عواقب طويلة الأجل إزاء كيفية تكيّف الجانبين مع دروس هذه الحرب.
ومن المرجح أن تعمل جهود إعادة الإعمار على تشكيل المرحلة التالية من الصراع.
وفي الوقت الحالي، ما زال توازن القوى محلّ نزاع، والحرب ما زالت دائرة، ما يترك ندوبها بمثابة تذكير صارخ بتكلفة الأعمال العدائية غير المحسومة.
تلقى «حزب الله» من الولايات المتحدة وإسرائيل، مسودة أولية لاتفاقٍ حول وقف لإطلاق النار على جبهة لبنان. وبدا أن من السابق لأوانه تَوَقُّع نهايةٍ قريبة للأعمال العدائية في ضوء مواصلة الفرق الإسرائيلية محاولات التقدم لنحو 4 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية لتعزيز الموقع التفاوضي لتل أبيب.
ويرفض «حزب الله» والحكومة اللبنانية، بشدّة إشراف إسرائيل على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 أو أي مفاوضات لا يسبقها وقف النار أولاً.
ويُعَدّ السماح لإسرائيل بمراقبة إذا كان «حزب الله» يخزّن أسلحة جنوب نهر الليطاني والتحقق من الأمر، انتهاكاً لسيادة لبنان. ولن يُسمح بحرية العمل لقوات الامم المتحدة (اليونيفيل) من دون مواكبة الجيش اللبناني.
ولم يُعْرِبْ «حزب الله» عن انفتاحه لمشاركة لجنة دولية «محايدة» بمراقبة الانتهاكات على جانبي الحدود لضمان التنفيذ السليم للقرار 1701 بسبب عدم حيادية المجتمع الدولي بما يخص إسرائيل.
من هنا، فمن المتوقَّع أن تبقى الجبهات ساخنة والاشتباكات مكثّفة على طول خط التماس اللبناني - الإسرائيلي، إضافة إلى المزيد من الدمار في ضواحي بيروت، إذ يبدو أن الجانبين عازمان على بدء المفاوضات الطويلة من موقع قوةٍ لتحسين شروطهما التفاوضية لأن الكلمة تبقى للميدان ونتائجه.
ومن غير المرجح أن يقدّم الحزب ردّه على اقتراح وقف النار في غضون بضعة أيام. وبعيداً عن الحاجة إلى تحليل النقاط التي أثيرت في المسودة بعناية ـ والتي من المستبعد قبولها أو رفضها بالكامل ـ فإن الحزب ليس في عجلة من أمره لإنهاء حربٍ لم تُحسم لمصلحة إسرائيل. ويبعث هذا التأخير المتعمد برسالةٍ واضحة بأن الحزب يحتفظ بالمبادرة ولا يشعر بالضغط لإنهاء الحرب.
فتاريخياً، لم تفاوض إسرائيل إلا عندما تعجز عن تحقيق ميزة حاسمة في الحملات العسكرية. ويشير استعدادُها الآن للمشاركة في المناقشات إلى الصعوبات التي تواجهها في تأمين اليد العليا لها ومحاولتها الحدّ من خسائرها.
وكانت السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، وليس المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، سلّمت اقتراحاً استكشافياً، يهدف إلى قياس ردات فعل (إسرائيل والحزب) الجانبين والتنازلات المحتمَلة ويتعلّق بوقف إطلاق النار الأولي، إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يعمل كمُفاوِض نيابة عن «حزب الله».
لكن هذا يثير سؤالاً آخَر: مَن هو المفاوض الحقيقي الذي يتمتع بالنفوذ بين إسرائيل ولبنان؟
في أي مفاوضات، عادة ما يكون هناك فائز وخاسر واضحان أو تَوازُن للقوى في ساحة المعركة، ما يجبر كلا الجانبين على التنازل.
وهذا يثير أسئلة بالغة الأهمية: مَن هو المفاوض الرئيسي بين المتحاربين؟ مَن سيخرج منتصراً في نهاية المطاف وعندما تنتهي الأعمال العدائية؟ هل حققت إسرائيل أهدافها، أم أن «حزب الله» انتصر من خلال التمسك بأرضه؟
خلال الأسبوع الأول من الحرب، صعّدت إسرائيل في شكل كبير من أهدافها في أعقاب سلسلة من الضربات المدمّرة شملت تخريب أنظمة الاتصالات النداء (البيجرز) وأجهزة الراديو «ايكوم» التابعة لـ «حزب الله» ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا.
وأعقب ذلك اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، إلى جانب العديد من كبار القادة وتدمير آلاف مستودعات الأسلحة.
وبفضل هذه «الانتصارات» المبكّرة، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن رؤيته لإعادة تشكيل «الشرق الأوسط الجديد» تحت الهيمنة الإسرائيلية.
وبدا واثقاً من زخم الحملة، فأمر خمس فرق بالاستعداد لغزوٍ بري واسع النطاق للبنان. وأعلن وزير الدفاع في حينه يوآف غالانت، أن «حزب الله مهزوم وسيتم تدميره قريباً».
واستغلت قوى مناهضة للحزب في لبنان هذه اللحظة، فنادت بعودته إلى «بيت الطاعة» أو استبعاده عن الساحة السياسية. لكن التطورات اللاحقة تحدّت هذه الافتراضات وغيّرت مسار الأحداث.
ورغم نشوتها المبكّرة، فقد تراجعت طموحات إسرائيل في شكل كبير بعد أسابيع من المواجهات العنيفة. إذ منعت قوات «حزب الله» مشاة الجيش الإسرائيلي وقواته الخاصة من إنشاء مواقع ثابتة في جنوب لبنان.
وما بدا للوهلة الأولى بأنه حملة للقضاء على الحزب بالكامل، تحوّل حرباً بهدفٍ أضيق نطاقاً يتلخص في نزع سلاح الحزب في منطقة جنوب نهر الليطاني فقط، وهو الشرط الذي حدّده بالفعل القرار 1701 الذي لم يُنفذ بكامل بنوده من الطرفين. وتالياً فشلت محاولات إسرائيل بفرض شروط الاستسلام وتأمين نصر حاسم.
من منظور إسرائيل، ما زال بالإمكان اعتبار العديد من الإنجازات انتصارات كبيرة. ومن أبرزها اغتيال قادة «حزب الله»، وتدمير جزء من بنيته التحتية اللوجستية، واختراق الأمن الداخلي للحزب، الأمر الذي سمح لها بتحديد «وحدات الأمكنة» واختراق أنظمة الاتصالات الخاصة.
ومن المرجّح أن يستعرض نتنياهو هذه الإنجازات باعتبارها معالم محورية، إضافة إلى العودة الآمنة للمستوطنين إلى الشمال، خصوصاً إذا سبق وقف إطلاق النار في لبنان وقف الحرب في غزة في مرحلة لاحقة وغير متوازية.
كذلك تستطيع إسرائيل الزعم أنها نجحت في تحييد التهديد المباشر المتمثل في غزو «حزب الله» للجليل، وهو الاحتمال الذي لمح إليه قادة «حزب الله» في وقت سابق.
أما بالنسبة إلى «حزب الله»، فيرى أن الصمود في مواجهة أكبر تعبئة عسكرية إسرائيلية في مسرحٍ واحد يشكل نجاحاً له.
فرغم القصف المتواصل والقوة النارية الساحقة، نجحت مقاومته في منع القوات الإسرائيلية من التقدم في شكل ملحوظ واحتلال كامل منطقة جنوب نهر الليطاني (نحو 500 كيلومتر مربع).
وحتى لو تمكّنت من إقامة مواقع ثابتة، فإن هجمات الحزب المستمرة من شأنها أن تجعل مثل هذه الاحتلالات غير مستدامة، وتُحَوّلَها تالياً إلى عبء على القوات الإسرائيلية.
ومن المرجح أن ينظر «حزب الله» إلى قدرته على فرض وقف النار باعتبارها إقراراً يترجم صموده كما تعطيله لرؤية نتنياهو لـ«الشرق الأوسط الجديد».
إضافة إلى أن اقتراح انخراط القوى الغربية الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، في السعي إلى وقف الأعمال العدائية يؤكد أهمية الحزب ومكانته كلاعب لا يمكن تجاهله ومن دون تجريده من السلاح على باقي الأراضي اللبنانية.
وفي حين قد يعارض «حزب الله» مشاركة بعض الدول في مراقبة تنفيذ الـ1701، فإن مشاركة تلك الدول تشكل اعترافاً غير مباشر بدوره كقوة لا يمكن إنهاؤها.
وبتثبيت وقف النار مستقبلاً، سيعود الكثير من السكان إلى جنوب لبنان، ومعهم المقاتلون بأسلحتهم الخفيفة، إلى مجتمعاتهم ما يضمن استمرارية وجود راسخٍ بعمق بين السكان خصوصاً في جنوب الليطاني، وإن القرب الإستراتيجي لـ«حزب الله» من الحدود الإسرائيلية يسمح له بمعاودة نشر قدرات الصواريخ والطائرات دون طيار بسرعة، ما يعزز قوته الرادعة المستقبلية.
كشفت الحرب عن نقاط ضعف داخل «حزب الله»، مثل الخروق الاستخبارية التي أدت إلى استهداف البنى التحتية واغتيال القادة.
ومن المتوقع أن يقوم في المستقبل بعزل أنظمة اتصالاته وتكييف استراتيجياته لمواجهة الاستخبارات الإسرائيلية والقدرات التكنولوجية. أما خارج هذا السياق، فإن فشل إسرائيل في تأمين مواقع ثابتة في جنوب لبنان أفقدها اليد العليا التفاوضية ويُبْعِد تحديات متمثلة في تحقيق الهيمنة الإستراتيجية في مواجهة خصم مصمم.
سيزعم كل من إسرائيل و«حزب الله» أن النصر كان من نصيبه في هذه الحرب المكلفة. غير أنه وفي نهاية المطاف، تؤكد نتائج الحرب على التعقيد المستمر للمواجهة بين إسرائيل والحزب وعدم انتصار كامل لطرف على الآخر، ومع بروز عواقب طويلة الأجل إزاء كيفية تكيّف الجانبين مع دروس هذه الحرب.
ومن المرجح أن تعمل جهود إعادة الإعمار على تشكيل المرحلة التالية من الصراع.
وفي الوقت الحالي، ما زال توازن القوى محلّ نزاع، والحرب ما زالت دائرة، ما يترك ندوبها بمثابة تذكير صارخ بتكلفة الأعمال العدائية غير المحسومة.