بين ترامب وهاريس… أين لبنان؟
جو رحّال
4 تشرين الثاني 2024 06:24
كتب الأستاذ الجامعي جو رحال:
يتأثر لبنان بشدة بالسياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يواجهها اليوم. وتختلف التوجهات السياسية لدونالد ترامب وكمالا هاريس، إذ يركز نهج ترامب على فرض العقوبات والضغط المباشر، بينما تميل هاريس إلى دبلوماسية الحوار والتعاون الدولي.
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على السياسات التي يتبعها الطرفان فيما يتعلق بلبنان وتحليل آثارها المحتملة على لبنان، سواء فيما يتعلق بالتحديات الإقليمية والدولية أو في الوضع الداخلي في لبنان.
السياق السياسي لترامب وهاريس
دونالد ترامب: يميل ترامب نحو نهج قومي يقوم على مبدأ "أمريكا أولا"، وهو النهج الذي أدى في بعض الأحيان إلى سياسات انعزالية وتقليص مشاركة الولايات المتحدة في الشؤون العالمية. وكانت سياسته في الشرق الأوسط تركز بشكل أساسي على المصالح الأمنية، مفضلاً دعم الحلفاء الرئيسيين، مثل إسرائيل، واستراتيجية الضغط الأقصى على إيران.
كامالا هاريس
كونها عضوة في الحزب الديمقراطي، تميل هاريس إلى التعاون مع التحالفات الدولية والمجتمع الدولي لتحقيق أهداف سياستها الخارجية. تدعم هاريس حقوق الإنسان والقضايا الديمقراطية وتتخذ نهجًا متعدد الأطراف في مواجهة التحديات الإقليمية، مع التركيز على العودة إلى الاتفاقيات الدولية مثل الاتفاق النووي مع إيران، مما قد يؤثر مباشرةً على الوضع في لبنان.
السياسة التي ينتهجها الطرفان تجاه لبنان
سياسة ترامب تجاه لبنان: حاول ترامب الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، مما أدى إلى فرض عقوبات صارمة على حزب الله اللبناني، وزيادة الضغوط الاقتصادية على لبنان. ولم يقدم دعماً مالياً كبيراً للبنان، لكنه جعل أي مساعدة مشروطة بالإصلاحات السياسية، مما زاد الضغط على لبنان الذي يعاني من أزمات عدة، خصوصاً في ظل وجود حزب الله كقوة مؤثرة في المشهد السياسي.
سياسة هاريس تجاه لبنان
قد تعتمد هاريس على سياسات مبنية على الدبلوماسية وإعادة تفعيل الحوار مع إيران، مما قد يساعد على تخفيف التوترات وفتح المجال لدعم المؤسسات اللبنانية والمشاريع التنموية في لبنان. يُتوقع أن تدعم هاريس المجتمع المدني اللبناني ومؤسسات الإصلاح، لكنها قد تطلب ضمانات للشفافية وتنفيذ الإصلاحات السياسية الضرورية.
التحديات الإقليمية والدولية وأثرها على لبنان
الصراع الإيراني الإسرائيلي:
يمثل لبنان نقطة توتر بين إيران وإسرائيل، خاصة وأن حزب الله حليف لإيران. ركزت سياسات ترامب على دعم إسرائيل والمواجهة مع إيران، مما أدى إلى تصعيد محتمل في لبنان، بينما تميل سياسة هاريس إلى التهدئة من خلال الحوار، مما قد يقلل من فرص الصراع المسلح في لبنان.
الوضع في سوريا
يؤثر الوضع الأمني في سوريا بشكل مباشر على لبنان، خصوصاً فيما يتعلق بمشكلة اللاجئين. وركزت سياسات ترامب على محاربة داعش، بينما قد تتبع هاريس استراتيجية دبلوماسية تهدف إلى حل النزاع السوري، مما قد يكون له أثر إيجابي على استقرار حدود لبنان مع سوريا.
التوترات الإيرانية الخليجية: تؤخذ التوترات في الخليج بعين الاعتبار أيضًا، نظرًا لتأثيرها المباشر على لبنان.
الوضع الداخلي في لبنان وتأثيره على السياسة الأميركيّة
الأزمة الاقتصادية:
يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خطيرة، وأي مساعدات دولية تتطلب إصلاحات هيكلية. رفض ترامب تقديم مساعدات مالية كبيرة للبنان دون شروط صارمة، بينما قد تكون هاريس أكثر استعدادًا لدعم المساعدات الإنسانية والبنية التحتية، مع اشتراط إصلاحات لزيادة الشفافية والحكم الرشيد.
التوترات الطائفية والسياسية
يعاني لبنان من انقسامات طائفية وسياسية حادة. سياسة ترامب القائمة على الضغط على حزب الله قد زادت من الاستقطاب، في حين قد تتيح سياسة هاريس فرصة لخفض التوترات إذا استُخدمت بشكل سليم.
دعم الإصلاح ومكافحة الفساد
الفساد مشكلة مزمنة في لبنان تؤثر على ثقة الشعب بالحكومة. يُتوقع أن تدعم هاريس المبادرات الإصلاحية، خصوصاً المتعلقة بمكافحة الفساد ودعم حقوق الإنسان، وقد تستخدم الدعم المالي كوسيلة ضغط لتشجيع الإصلاحات الحقيقية في الحكومة اللبنانية
من الصعب تحديد من هو “الأفضل” للبنان بين ترامب وهاريس، حيث إن التأثير يعتمد بشكل كبير على كيفية تفاعل السياسات الأمريكية مع التحديات الإقليمية والدولية ومع الوضع الداخلي في لبنان. يمكن القول إن سياسة ترامب الصارمة وضعت لبنان تحت ضغط كبير، بينما قد توفر سياسة هاريس فرصة أكبر للتعاون الدولي والدعم، شرط تحقيق إصلاحات داخلية فعالة.
ويبقى على الحكومة اللبنانية أن تتبنى استراتيجية تستخدم هذه السياسات المختلفة لخدمة المصلحة الوطنية، مع التركيز على تحسين الشفافية والإصلاحات اللازمة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي.