لبنان بين مطرقة الاعتداءات الإسرائيلية وسندان اللائحة الرمادية
26 أيلول 2024 21:12
كتب العميد غازي محمود:
مع اقتراب موعد اجتماع مجموعة العمل المالي (Financial Action Task Force, FATF)، يعود من جديد التهديد بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية، وبعد اقتراب انتهاء فترة السماح التي سبق أن حصل عليها لبنان. ويتزامن التهديد مع تصاعد العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان، وفيما يستمر الشغور في سدة الرئاسة وما يُسببه هذا الشغور من تعطيل لعمل مؤسسات الدولة وأجهزتها. في وقت تقترب ازمة لبنان المالية والاقتصادية من إتمام سنتها الخامسة، بإدارة حكومة تصريف أعمال تفتقر للرؤية الإصلاحية وربما الإرادة.
يأتي التهديد باللائحة الرمادية على خلفية سيطرة الاقتصاد النقدي على العلاقات المالية والعمليات التجارية، وما يرافقها من مخاطر تبييض للأموال وتشجيع الفساد والاحتيال، لعدم قدرة أجهزة الرقابة المعنية على تتبع مصدر الرساميل المتداولة ومآلاتها النهائية. ومعلوم أن سيطرة الاقتصاد النقدي هو نتيجة تعثر القطاع المصرفي وانعدام الثقة فيه، بعد احتجازه ودائع اللبنانيين وتقييد حركة السحوبات والتحويلات. كما كان لعمليات التهريب والحدود السائبة دورها في تشجيع الاقتصاد النقدي وتعميق الازمة.
ومجموعة العمل المالي (FATF) هي هيئة رقابية عالمية معنية بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، تضع المعايير الدولية لمنع هذه الأنشطة غير القانونية والحؤول دون الأضرار التي تسببها للمجتمعات. وتعمل المجموعة بالتعاون مع الجهات الدولية، على تحديد مواطن الضعف على المستوى الوطني بهدف حماية النظام المالي الدولي من الاستغلال. ويُمكن اختصار توصيات المجموعة والتدابير الأساسية التي ينبغي على الدول إيجادها من أجل:
- تسهيل التعاون الدولي.
- تحديد المخاطر، ووضع السياسات والتنسيق المحلي.
- ملاحقة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح.
- تطبيق تدابير وقائية على القطاع المالي وغيرها من القطاعات المحددة.
- اعطاء الصلاحيات والمسؤوليات الضرورية للسلطات المختصة (على سبيل المثال، سلطات التحقيق وسلطات إنفاذ القانون والسلطات الرقابية) والتدابير المؤسساتية الأخرى.
- تعزيز الشفافية وتوافر المعلومات المتعلقة بالمستفيد ين الحقيقي ين من الأشخاص الاعتبارية والترتيبات القانونية.
وعلى الرغم من انقضاء قُرابة الخمس سنوات على الازمة المالية والاقتصادية التي يتخبط فيها لبنان، ما من مؤشرات جدية لمعالجة الازمة من قبل حكومة تصريف الاعمال من خلال وضع خطة للنهوض الاقتصادي وما يتطلبه من إصلاحات جذرية. في المقابل ثمة جهود كبيرة بذلها مصرف لبنان والمصارف اللبنانية للحؤول دون إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، من خلال إعادة القطاع المصرفي إلى فاعليّته عبر نقل الاقتصاد من التداول النقدي إلى التداول عبر المصارف، وإعادة العمل بمقاصة الشيكات.
وتكمن مخاطر إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، خضوع النظام المالي اللبناني لمراقبة شديدة تزيد من تعقيدات التعاملات المالية ومن أزمة الثقة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، وتنعكس سلباً على تعاملات لبنان المصرفية مع الخارج. ويؤثر إدراج لبنان على إمكانية استقطاب الرساميل من الخارج ويرفع من تكلفتها، كما يرفع من تكلفة الإنتاج المرتفعة في الأصل ويحد من تنافسية الصادرات اللبنانية.
وتجدر الإشارة الى أنها ليست المرة الأولى التي يُدرج فيها لبنان على اللائحة الرمادية، فقد سبق أن أدرج في العام 2000 ليُرفع عنها في العام الذي تلاه. وذلك بعد إنشاء وحدة الامتثال في هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، التي عملت على تبادل المعلومات مع الجهات المعنية. كما أُنشئت أقسام الامتثال في المصارف، لإخضاع العمليات المصرفية للمراجعة قبل إتمامها تحقيقاً للشفافية. فيما ظلت هذه المحاولات محدودة الفعالية جراء التهاون في تطبيق القوانين والأنظمة وتقاعس القضاء عن إحقاق الحق.
أما اليوم ومع توسع العدوان الاسرائيلي على لبنان وبلوغه مستوى من الوحشية لم توفر لا البشر ولا الحجر، يبدو التهديد باللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالي استكمالاً للعدوان ولا يقل خطورة عنه. ذلك أن تقييد تعاملات لبنان المالية مع الخارج وفرض رقابة مشددة على تحويلاته المالية، تزيد من كلفة هذه التحويلات وتؤخر تنفيذها. وستؤثر الزيادة في تكلفة التحويلات سلباً على تجارة لبنان الخارجية وترفع من كلفة استيراد السلع الأجنبية، وكذلك كلفة التصدير ومن ثم تحويل العائدات إلى لبنان.
وثمة قاعدة ذهبية تقول أن الضرورات تبيح المحظورات، وهل من ضرورة للبنان اليوم اكثر من وقف التهديد بإدراجه على اللائحة الرمادية. سيما وأنه وعلى الرغم من حالة انعدام الوزن التي تسيطر على الدولة اللبنانية، تمكن مصرف لبنان تطمين المعنيين من تقيُد المصارف بالتدقيق في التحويلات المالية واستعادة التسويات النقدية من خلالها. فالتحدي الأهم الذي يواجهه لبنان اليوم هو قدرته على تخطي متطلبات المرحلة وتحدياتها وليس الامتثال لشروط مجموعة العمل المالية.
مع اقتراب موعد اجتماع مجموعة العمل المالي (Financial Action Task Force, FATF)، يعود من جديد التهديد بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية، وبعد اقتراب انتهاء فترة السماح التي سبق أن حصل عليها لبنان. ويتزامن التهديد مع تصاعد العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان، وفيما يستمر الشغور في سدة الرئاسة وما يُسببه هذا الشغور من تعطيل لعمل مؤسسات الدولة وأجهزتها. في وقت تقترب ازمة لبنان المالية والاقتصادية من إتمام سنتها الخامسة، بإدارة حكومة تصريف أعمال تفتقر للرؤية الإصلاحية وربما الإرادة.
يأتي التهديد باللائحة الرمادية على خلفية سيطرة الاقتصاد النقدي على العلاقات المالية والعمليات التجارية، وما يرافقها من مخاطر تبييض للأموال وتشجيع الفساد والاحتيال، لعدم قدرة أجهزة الرقابة المعنية على تتبع مصدر الرساميل المتداولة ومآلاتها النهائية. ومعلوم أن سيطرة الاقتصاد النقدي هو نتيجة تعثر القطاع المصرفي وانعدام الثقة فيه، بعد احتجازه ودائع اللبنانيين وتقييد حركة السحوبات والتحويلات. كما كان لعمليات التهريب والحدود السائبة دورها في تشجيع الاقتصاد النقدي وتعميق الازمة.
ومجموعة العمل المالي (FATF) هي هيئة رقابية عالمية معنية بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، تضع المعايير الدولية لمنع هذه الأنشطة غير القانونية والحؤول دون الأضرار التي تسببها للمجتمعات. وتعمل المجموعة بالتعاون مع الجهات الدولية، على تحديد مواطن الضعف على المستوى الوطني بهدف حماية النظام المالي الدولي من الاستغلال. ويُمكن اختصار توصيات المجموعة والتدابير الأساسية التي ينبغي على الدول إيجادها من أجل:
- تسهيل التعاون الدولي.
- تحديد المخاطر، ووضع السياسات والتنسيق المحلي.
- ملاحقة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح.
- تطبيق تدابير وقائية على القطاع المالي وغيرها من القطاعات المحددة.
- اعطاء الصلاحيات والمسؤوليات الضرورية للسلطات المختصة (على سبيل المثال، سلطات التحقيق وسلطات إنفاذ القانون والسلطات الرقابية) والتدابير المؤسساتية الأخرى.
- تعزيز الشفافية وتوافر المعلومات المتعلقة بالمستفيد ين الحقيقي ين من الأشخاص الاعتبارية والترتيبات القانونية.
وعلى الرغم من انقضاء قُرابة الخمس سنوات على الازمة المالية والاقتصادية التي يتخبط فيها لبنان، ما من مؤشرات جدية لمعالجة الازمة من قبل حكومة تصريف الاعمال من خلال وضع خطة للنهوض الاقتصادي وما يتطلبه من إصلاحات جذرية. في المقابل ثمة جهود كبيرة بذلها مصرف لبنان والمصارف اللبنانية للحؤول دون إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، من خلال إعادة القطاع المصرفي إلى فاعليّته عبر نقل الاقتصاد من التداول النقدي إلى التداول عبر المصارف، وإعادة العمل بمقاصة الشيكات.
وتكمن مخاطر إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، خضوع النظام المالي اللبناني لمراقبة شديدة تزيد من تعقيدات التعاملات المالية ومن أزمة الثقة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، وتنعكس سلباً على تعاملات لبنان المصرفية مع الخارج. ويؤثر إدراج لبنان على إمكانية استقطاب الرساميل من الخارج ويرفع من تكلفتها، كما يرفع من تكلفة الإنتاج المرتفعة في الأصل ويحد من تنافسية الصادرات اللبنانية.
وتجدر الإشارة الى أنها ليست المرة الأولى التي يُدرج فيها لبنان على اللائحة الرمادية، فقد سبق أن أدرج في العام 2000 ليُرفع عنها في العام الذي تلاه. وذلك بعد إنشاء وحدة الامتثال في هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، التي عملت على تبادل المعلومات مع الجهات المعنية. كما أُنشئت أقسام الامتثال في المصارف، لإخضاع العمليات المصرفية للمراجعة قبل إتمامها تحقيقاً للشفافية. فيما ظلت هذه المحاولات محدودة الفعالية جراء التهاون في تطبيق القوانين والأنظمة وتقاعس القضاء عن إحقاق الحق.
أما اليوم ومع توسع العدوان الاسرائيلي على لبنان وبلوغه مستوى من الوحشية لم توفر لا البشر ولا الحجر، يبدو التهديد باللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالي استكمالاً للعدوان ولا يقل خطورة عنه. ذلك أن تقييد تعاملات لبنان المالية مع الخارج وفرض رقابة مشددة على تحويلاته المالية، تزيد من كلفة هذه التحويلات وتؤخر تنفيذها. وستؤثر الزيادة في تكلفة التحويلات سلباً على تجارة لبنان الخارجية وترفع من كلفة استيراد السلع الأجنبية، وكذلك كلفة التصدير ومن ثم تحويل العائدات إلى لبنان.
وثمة قاعدة ذهبية تقول أن الضرورات تبيح المحظورات، وهل من ضرورة للبنان اليوم اكثر من وقف التهديد بإدراجه على اللائحة الرمادية. سيما وأنه وعلى الرغم من حالة انعدام الوزن التي تسيطر على الدولة اللبنانية، تمكن مصرف لبنان تطمين المعنيين من تقيُد المصارف بالتدقيق في التحويلات المالية واستعادة التسويات النقدية من خلالها. فالتحدي الأهم الذي يواجهه لبنان اليوم هو قدرته على تخطي متطلبات المرحلة وتحدياتها وليس الامتثال لشروط مجموعة العمل المالية.