افرام لمتخرّجين: الاحتراف والالتزام أساس مشوار ورسالة حياتكم
13 أيلول 2024 10:33
احتفلت الجامعة اللبنانيّة الألمانيّة بتخريج طلاّبها لدورة العام ٢٠٢٤، في حفل مميّز أقيم في صالة السفراء في كازينو لبنان، تسلّم خلاله ٩٨ من الطالبات والطلبة شهاداتهم في اختصاصات مختلفة من كلّيات إدارة الأعمال والصحّة العامة والتربيّة.
شارك في الاحتفال إضافة إلى المتخرّجين وأهاليهم، رئيس الجامعة اللبنانيّة الألمانيّة البروفسور سمير مطر، نائب رئيس الجامعة الدكتورة ماريان عضيمي، رئيس مجلس أمناء الجامعة البروفسور ألكسندر نجار والأمناء، مع عمداء الكلّيات ورؤساء الأقسام والهيئتين التعليميّة والإداريّة.
وحضر رئيس المجلس التنفيذيّ ل"مشروع وطن الإنسان" النائب نعمة افرام، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ممثلاً بالدكتور شليطا بو طانيوسن، النائب سليم الصايغ، والنائب شوقي الدكاش ممثلاً بالسيد ربيع حصري، والقائمة بأعمال السفارة الألمانيّة في لبنان كاترينا لاك.
كما شارك رئيس الرابطة المارونيّة وممثّل لقائد الجيش ورئيس شعبة التخطيط والتنظيم في المديريّة العامة لأمن الدولة ورئيس مكتب شعبة المعلومات في كسروان – جبيل ورئيس رابطة مخاتير كسروان جو ناضر، إلى جانب مدير عام وزارة الثقافة، ورئيسة مركز البحوث والإنماء في وزارة التربيّة وأعضاء من مجلس التعليم العاليّ في وزارة التربيّة ومدراء مدارس ومدير عام مرفأ بيروت ومدير عام وزارة الصناعة ومدراء مستشفيات ورؤساء مؤسّسات وجمعيّات من المجتمع المدني.
وسجّل حضور نقابيّ واسع تقدّمهم نقيب الأطبّاء ونقيب المعالجين الفيزيائيين ونقيب الممّرضات ونقيب وسطاء التأمين ونقيب خبراء المحاسبة ونقيب مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبّية ونقيب اختصاصيي التغذية وتنظيم الوجبات.
بعد النشيدين اللبنانيّ والألمانيّ، ألقى رئيس الجامعة البروفسور سمير مطر كلمة أعلن فيها عن إطلاق فوج جديد من الخرّيجين مسلّحين بالمهارات المختلفة، ليدخلوا الحياة من أبوابها الواسعة بعزيمة على التغيير، وإصرار على النهوض، ووفاء للمبادئ والأخلاق.
وتوجّه مطر إلى أهل الخرّيجين معتبراً نجاح أولادهم ما هو إلاّ ثمرة جهود وتضحيات كبيرة قاموا بها في أحلك الظروف، وهم على أتمّ الاستعداد لتنمية ما زرعوه من بذور القيم الروحيّة والإنسانيّة والوطنيّة.
وشكر الهيئة التعليميّة على نسج قصّة النجاح التي بلغت مواعيد القطاف.
بدوره استهلّ رئيس أمناء الجامعة البروفسور ألكسندر نجار كلمته بعبارة " العلم قوّة والمعرفة طاقة "، مشدّداً على أن الجامعة اللبنانيّة الألمانيّة تمكّنت من حجز موقع مرموق في اختصاصات مختلفة كالتمريض والعلاج الفيزيائيّ والتغذيّة، وباتت تشكّل جسراً تربويّاً وثقافيّاً بين لبنان وألمانيا، وصلة وصل بين الحياة الأكاديميّة والحياة المهنيّة.
ودعا الطلاّب إلى توظيف طاقاتهم لتحقيق طموحاتهم، متمنيّاً عليهم الالتزام في قضايا الشأن العام وفي عمليّة الإصلاح في لبنان، ليتمكنّوا من رفع إسم بلدهم أينما حلّوا في العالم.
وختم متمنيّاً على السياسيين أن يحذوا حذو النائب نعمة افرام الذي يعتبر قدوة في القطاع الصناعيّ في لبنان والعالم العربيّ، وهو لم يتردّد في توظيف طاقاته لدعم اللبنانيين ولا سيّما عنصر الشباب.
وألقى ضيف الشرف النائب نعمة افرام الكلمة الرئيسيّة في الإحتفال، فقال: " يشرّفني التحدّث إليكم في هذه المناسبة السعيدة، وفي زمن تضاءلت فيه فرص الفرح والإحتفال. ويسعدني أن أقف بينكم، من وراء هذا المنبر وفي هذا الصرح الأكاديميّ، الذي شهدنا جميعاً على مسار تطوّره، وكيف استطاع أن يتخطّى العوائق ويجتاز المسافات، ليتقدّم وليتألّق في أيّام صعبة وحالكة. والفضل يعود للصديق الراحل الدكتور فوزي عضيمي، فتحيّة لروحه الطاهرة. والفضل لعائلته ومعاونيها الذين أكملوا المسيرة، وقد شَهَدْتُ شخصيّاً على رسالة مزدوجة لهم ممهورة بفضيلتيْن، سأتطرّق إليهما مفصّلاً في كلمتي: الاحتراف والالتزام".
أضاف: "على راسية هذه الرسالة أيّها الأصدقاء، أصرّوا على البقاء والصمود والمواجهة، وكرّسوا أنفسهم للبناء لا للهدم، خدمة لطلاّب لبنان ومن قلب منطقة كسروان - الفتوح بالتحديد. وقد قاموا بذلك رغم توفّر العديد من الخيارات خارج الوطن، تلك التي رفضوها، واختاروا البقاء هنا، راسخين، متجذّرين، حاملين مشعل الطبابة والعلم والتربية، بالرغم من كلّ الصعوبات. وها نحن جميعاً هنا على نفس الطريق، وعلى نفس النهج، لا نزال في لبنان ولم نستسلم، في حين اختار البعض منا أن يحمل جرحه ووطنه إلى بلاد الاغتراب، غريباً في هذا العالم الواسع".
افرام تابع:" ليس جديداً علينا هذا الخيار المرّ ما بين البقاء وبين المغادرة. إنّها تراجيديا رافقتنا على مدى التاريخ، وقد تعاظمت في السنوات الأخيرة. هذا الواقع المؤلم أعيشه كلّ يوم كنائب. ويعيشه المجتمع اللبنانيّ فًرْضاً وقَسْراً. كما تعيشونه أنتم، خريجو اليوم، ويعيشه أهلكم. إنّكم جميعاً تسألون: هل من مستقبل لنا هنا أم في الخارج. والجواب الصارخ لدى معظمكم للأسف، بات واضحاً ومعروفاً وقاسياً في الوقت عينه".
وتوجّه إلى الطلبة قائلاً: "اعذروني على هذه الصراحة الفجّة وأنا أخاطبكم، وانتم جيل يستعدّ إلى دخول سوق العمل، وكجيل يرسم أحلاماً وآفاقاً، تبدو مقفلة أو تكاد: حاضرنا اليوم هو من صنع أهلنا وأجدادنا. فيه صفحات مشرقة أكيد. فيه محطّات بطوليّة ملحميّة هي مدعاة فخر واعتزاز. ورغم عظيم ما فعلوه، ها نحن اليوم أمام نفس الخيار الذي كان مطروحاً منذ القرن الثامن عشر: هل من مستقبل لنا هنا أم في الخارج؟ لا بل نسأل بتهيّب أكبر: هل نريد أن نكمل بلبنان أهلنا وأجدادنا، أو نعترف أمام بعضنا البعض أنّ هذا اللبنان لم يعد قابلاً للحياة؟
المعادلة المطروحة أمامكم هي كالتالي. اسمعوني جيّداً. إذا كان حاضركم اليوم هو مستقبل أهلكم وأجدادكم بالأمس، فهذا يعني أيضاً أنّ حاضركم اليوم سيكون مستقبل أولادكم وأحفادكم في الغد. فما هو الذي يقع على عاتقكم، وما الذي ستقومون به ولم يفعله أهلنا وأجدادنا، وما الذي سيكون أفضل مما قدّمته الأجيال التي سبقتكم"؟
وكان افرام في كلمته أوصى بالتالي: "اسمحوا لي أن أحمّلكم هذه الأمانة. فضيلتان أزرعوهما عميقاً في قلوبكم وعقولكم، تماماً كما فعلت جامعتكم. واجعلوهما أساس مشوار حياتكم: الاحتراف والالتزام. احتراف والتزام بصفاء تام. في أبعد ما يكون عن التسييس والغرائز. وبتفاعل كبير. عندما نضع الاحتراف إلى جانب الالتزام، يحدث التغيير المطلوب والجوهريّ. تماماً كما يحدث الانفجار عندما تُمْزج المكوّنات المحدّدة بعضِها ببعض".
وشرح مفاهيم الاحتراف والإلتزام، في أنّ " الاحتراف في زمنكم هذا بات أسهل من الالتزام، فهو متاح ومروّج له في كلّ مكان. في الجامعة وفي ثورة التكنولوجيا وفي الأبحاث وفي وسائل التواصل. أصبح الاحتراف موضة، وهذا ما لم يكن متوفّراً بهذا القدر لدى أهلكم وأجدادكم. ومن المرجّح جدّاً أن يشهد المجتمع الكونيّ في زمنكم، حدّاً أدنى للمدخول لكلّ البشر ومن دون عملUniversal Basic Income بما يكفل تأمين المأكل والمشرب والمسكن والرعاية الصحّية، من دون تحفيز خاص للتقدّم والتطوّر الشخصيّ. بالمقابل، سيصبح الإنسان الآليّ في كلّ مكان. ولكي تعيشوا حياة لائقة وطموحة مليئة باليسر والراحة، سيكون عليكم أن تصبحوا أكثر فائدة واحترافاً من الإنسان الآليّ. كما سيأتي زمن قد تُزرع فيه شرائح ومعدات آليّة في أجساد البشر، تزيد من قدراتهم، وتصعّب أكثر فأكثر المنافسة في عالم الاحتراف . وفي ظلّ هذا العالم المحترف، سيكون الفرق شاسعاً بين من يعيش على الحدّ الأدنى للمدخول ويبلغ السبعين أو الثمانين من العمر، وبين من هو في مقلب آخر وقد يعيش مئات السنين".
وتابع:" إنّ ما يُعدّ اليوم ترفاً وفخامة، سيصبح غداً من البديهيّات والأساسيّات. لأنّ ما هو متوقعّ من تطوّر، ليس متوفراً اليوم. وسيصبح واقعاً فقط لمن هو من المتميزين والمحترفين.
أمّا ما لم يعد على الموضة، فهو الالتزام للأسف. الالتزام بالقيم والمبادئ الإنسانيّة والإيمانيّة. الالتزام بالكلمة. الالتزام بالموقف. الالتزام بالحرّية. والالتزام بالهوّية والجوهر. وماذا عن الالتزام بالعائلة؟ أليست العائلة في الأساس وفي النهاية هي اتحاد بالروح والجسد بين رجل رجل وإمرأة إمراة؟ مفهوم العائلة هذا لم يعد على الموضة. لا بل أصبح لدى البعض، رأياً رجعيّاً وضدّ التطوّر والحداثة. المناقبيّة أيضاً لم تعد على الموضة. كذلك العصاميّة وطرق الحياة الشريفة، وحتّى أحياناً لم يعد البعض منّا يضع قلبه وروحه في العمل. ضاع جمال ما نقوم به. تلاشى شغف البطولة واستبدل بالشهرة، وصار من خارج نمط السياق الطبيعيّ للأمور.
وشرح افرام ما يمكن أن يحدثة الاحتراف والإلتزام قائلاً: "إذا استطعتم زرع هاتين الفضيلتين عميقاً في مسيرة حياتكم، عندها ستجيبون بنعم نريد لبنان نموذجاً قابلاً للحياة، وعندها تتحوّل حياتكم إلى رسالة. رسالة الحياة هي رونق الحياة. من دون رسالة. تذّكروا، لا يعود هناك ما يفرّق الإنسان عن الحيوان. وتذّكروا أيضاً، رسالة إعادة بناء لبنان بالإحتراف والإلتزام، هي ما تبرّر وجودنا في هذا البلد. كلّ شيء يتغيّر بالإحتراف والإلتزام، وأنتم من تستطيعون ذلك. فتبنون لأولادكم ولأحفادكم في الغد، ما تمنّيتموه لأنفسكم اليوم. لقد عانى أهلكم وأجدادكم الأمرّيْن، وضحّوا بكلّ غال ونفيس ليخفّفوا عنكم بُؤس وبِئْس هذا الزمن. إنّ أجمل وأغلى مكافأة تقدّموها لهم، هي في تأمين مستقبل أزهى لأولادكم وأحفادكم، أفضل من حاضركم.
وفي هذه المناسبة الطيّبة، أوجّه التهنئة للأهل الموجودين هنا وممن لم يستطيعوا الحضور، على تخرّج بناتكم وشبابكم، وخصوصاً اليوم، وقد مررتم بأصعب المراحل وأشقاها مع جائحة كورونا، ومن ثمّ الانهيار الماليّ، فانفجار المرفأ، وصولاً إلى واقع الحرب في الجنوب. فتحيّة لكم أيّها الأهل الأحبّاء".
النائب افرام ختم قائلاً: أنتم اليوم أمام مفترق طرق مهم. إلى هذه اللحظة، كنتم تجيبون على من يضع لكم الأسئلة في جامعتكم، وكان يتمّ تقييم تحصيلكم بناء على ذلك. بعد اليوم، الأمور لكم باتت مختلفة. لا أحد بعد اليوم سيضع لكم الأسئلة. أنتم من سيطرح الأسئلة وأنتم من ستجيبون عليها. ومع كلّ سنة خبرة، ومع مواجهتكم للتجارب الصعبة وتحملّكم للمسؤولية بجدارة، تُصقل الأسئلة في وجدانكم أكثر وأكثر، وتُصبح أوسع هدفاً وأكثر عمقاً. وعلى أساس الأجوبة عنها، تبنون أسساً متينة لمفهومكم للحياة، ثابتة وراسخة لكم ولمجتمعكم ووطنكم.
أمانتي لكم: إيّاكم السير في هذه الدنيا من دون البحث من خلال الأسئلة والأجوبة عن رسالتكم في هذه الحياة، وعن احترافكم وبأيّة درجة وبأيّ اتجاه، وعن التزامكم بماذا وكيف، وعن أيّة علاقة لكم بلبنان، وإلاّ تكون حياتكم فارغة وأعمالكم من دون نتيجة، ولا تحصدون إلاّ المزيد من خيبات الأمل. ناضلوا وجاهدوا ولا توفرّوا سبيلاً لتحقيق رسالتكم. شرف المحاولة بكلّ قدراتكم يكفي. وأنا على ثقة أنّه سيكون لحياتكم معنى ولوطنكم جدوى، وأنّكم ستنجحون، وستحدثون الفرق الذي لم ينجح الأهل والأجداد في تحقيقه. وفقكم الله... وألف مبروك".
السفارة الألمانيّة
من جهّتها، اعتبرت القائمة بأعمال السفارة الألمانيّة في لبنان كاترينا لاك، أنّ الجامعة اللبنانيّة الألمانيّة استطاعات وسط كلّ التحدّيات التي مرّ بها لبنان، أن توفّر الملاذ الآمن ومصدر الفرص لطلاّبها والهيئة التعليميّة.
وتوجّهت بالتهنئة إلى الطلاّب ببلوغهم المحطة التي تكلّل جهودهم، من خلال التخرّج.
واعتبرت أنّ فصلاً من حياتهم انتهى وآخر يبدأ، وسيبدأون بخطّ أسطره بأنفسهم، ما يمكّنهم من إحداث الفرق وتطوير الحلول التي تساعد المجتمع.
وأعربت عن سعادتها بالتبادل الثقافيّ والأكاديميّ بين بلدها ولبنان، ما سيوفّر فرصاً جديدة لطاقات مبدعة يحتاجها لبنان أولا والخارج تاليّاً.
وفي ختام الاحتفال، كانت كلمة بإسم المتخرّجين للطالبة تريسي كيروز من كلّية إدارة الأعمال والسياحة، بعدها تمّت تلاوة قَسَم اليمين وقد ألقته الطالبة جيني انطونيوس من قسم العلاج الفيزيائيّ والتمريض، قبل أن يقف الحضور تصفيقاً للخرّيجات والخرّيجين باستلام شهاداتهم.
كما قدّمت نائب رئيس الجامعة الدكتورة ماريان عضيمي درعاً تقديريّاً للنائب افرام، وتمّ قطع قالب الحلوى وسط القبّعات المتطايرة التي رماها المتخرّجون ايذاناً ببدء فصل جديد من حياتهم.
شارك في الاحتفال إضافة إلى المتخرّجين وأهاليهم، رئيس الجامعة اللبنانيّة الألمانيّة البروفسور سمير مطر، نائب رئيس الجامعة الدكتورة ماريان عضيمي، رئيس مجلس أمناء الجامعة البروفسور ألكسندر نجار والأمناء، مع عمداء الكلّيات ورؤساء الأقسام والهيئتين التعليميّة والإداريّة.
وحضر رئيس المجلس التنفيذيّ ل"مشروع وطن الإنسان" النائب نعمة افرام، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ممثلاً بالدكتور شليطا بو طانيوسن، النائب سليم الصايغ، والنائب شوقي الدكاش ممثلاً بالسيد ربيع حصري، والقائمة بأعمال السفارة الألمانيّة في لبنان كاترينا لاك.
كما شارك رئيس الرابطة المارونيّة وممثّل لقائد الجيش ورئيس شعبة التخطيط والتنظيم في المديريّة العامة لأمن الدولة ورئيس مكتب شعبة المعلومات في كسروان – جبيل ورئيس رابطة مخاتير كسروان جو ناضر، إلى جانب مدير عام وزارة الثقافة، ورئيسة مركز البحوث والإنماء في وزارة التربيّة وأعضاء من مجلس التعليم العاليّ في وزارة التربيّة ومدراء مدارس ومدير عام مرفأ بيروت ومدير عام وزارة الصناعة ومدراء مستشفيات ورؤساء مؤسّسات وجمعيّات من المجتمع المدني.
وسجّل حضور نقابيّ واسع تقدّمهم نقيب الأطبّاء ونقيب المعالجين الفيزيائيين ونقيب الممّرضات ونقيب وسطاء التأمين ونقيب خبراء المحاسبة ونقيب مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبّية ونقيب اختصاصيي التغذية وتنظيم الوجبات.
بعد النشيدين اللبنانيّ والألمانيّ، ألقى رئيس الجامعة البروفسور سمير مطر كلمة أعلن فيها عن إطلاق فوج جديد من الخرّيجين مسلّحين بالمهارات المختلفة، ليدخلوا الحياة من أبوابها الواسعة بعزيمة على التغيير، وإصرار على النهوض، ووفاء للمبادئ والأخلاق.
وتوجّه مطر إلى أهل الخرّيجين معتبراً نجاح أولادهم ما هو إلاّ ثمرة جهود وتضحيات كبيرة قاموا بها في أحلك الظروف، وهم على أتمّ الاستعداد لتنمية ما زرعوه من بذور القيم الروحيّة والإنسانيّة والوطنيّة.
وشكر الهيئة التعليميّة على نسج قصّة النجاح التي بلغت مواعيد القطاف.
بدوره استهلّ رئيس أمناء الجامعة البروفسور ألكسندر نجار كلمته بعبارة " العلم قوّة والمعرفة طاقة "، مشدّداً على أن الجامعة اللبنانيّة الألمانيّة تمكّنت من حجز موقع مرموق في اختصاصات مختلفة كالتمريض والعلاج الفيزيائيّ والتغذيّة، وباتت تشكّل جسراً تربويّاً وثقافيّاً بين لبنان وألمانيا، وصلة وصل بين الحياة الأكاديميّة والحياة المهنيّة.
ودعا الطلاّب إلى توظيف طاقاتهم لتحقيق طموحاتهم، متمنيّاً عليهم الالتزام في قضايا الشأن العام وفي عمليّة الإصلاح في لبنان، ليتمكنّوا من رفع إسم بلدهم أينما حلّوا في العالم.
وختم متمنيّاً على السياسيين أن يحذوا حذو النائب نعمة افرام الذي يعتبر قدوة في القطاع الصناعيّ في لبنان والعالم العربيّ، وهو لم يتردّد في توظيف طاقاته لدعم اللبنانيين ولا سيّما عنصر الشباب.
وألقى ضيف الشرف النائب نعمة افرام الكلمة الرئيسيّة في الإحتفال، فقال: " يشرّفني التحدّث إليكم في هذه المناسبة السعيدة، وفي زمن تضاءلت فيه فرص الفرح والإحتفال. ويسعدني أن أقف بينكم، من وراء هذا المنبر وفي هذا الصرح الأكاديميّ، الذي شهدنا جميعاً على مسار تطوّره، وكيف استطاع أن يتخطّى العوائق ويجتاز المسافات، ليتقدّم وليتألّق في أيّام صعبة وحالكة. والفضل يعود للصديق الراحل الدكتور فوزي عضيمي، فتحيّة لروحه الطاهرة. والفضل لعائلته ومعاونيها الذين أكملوا المسيرة، وقد شَهَدْتُ شخصيّاً على رسالة مزدوجة لهم ممهورة بفضيلتيْن، سأتطرّق إليهما مفصّلاً في كلمتي: الاحتراف والالتزام".
أضاف: "على راسية هذه الرسالة أيّها الأصدقاء، أصرّوا على البقاء والصمود والمواجهة، وكرّسوا أنفسهم للبناء لا للهدم، خدمة لطلاّب لبنان ومن قلب منطقة كسروان - الفتوح بالتحديد. وقد قاموا بذلك رغم توفّر العديد من الخيارات خارج الوطن، تلك التي رفضوها، واختاروا البقاء هنا، راسخين، متجذّرين، حاملين مشعل الطبابة والعلم والتربية، بالرغم من كلّ الصعوبات. وها نحن جميعاً هنا على نفس الطريق، وعلى نفس النهج، لا نزال في لبنان ولم نستسلم، في حين اختار البعض منا أن يحمل جرحه ووطنه إلى بلاد الاغتراب، غريباً في هذا العالم الواسع".
افرام تابع:" ليس جديداً علينا هذا الخيار المرّ ما بين البقاء وبين المغادرة. إنّها تراجيديا رافقتنا على مدى التاريخ، وقد تعاظمت في السنوات الأخيرة. هذا الواقع المؤلم أعيشه كلّ يوم كنائب. ويعيشه المجتمع اللبنانيّ فًرْضاً وقَسْراً. كما تعيشونه أنتم، خريجو اليوم، ويعيشه أهلكم. إنّكم جميعاً تسألون: هل من مستقبل لنا هنا أم في الخارج. والجواب الصارخ لدى معظمكم للأسف، بات واضحاً ومعروفاً وقاسياً في الوقت عينه".
وتوجّه إلى الطلبة قائلاً: "اعذروني على هذه الصراحة الفجّة وأنا أخاطبكم، وانتم جيل يستعدّ إلى دخول سوق العمل، وكجيل يرسم أحلاماً وآفاقاً، تبدو مقفلة أو تكاد: حاضرنا اليوم هو من صنع أهلنا وأجدادنا. فيه صفحات مشرقة أكيد. فيه محطّات بطوليّة ملحميّة هي مدعاة فخر واعتزاز. ورغم عظيم ما فعلوه، ها نحن اليوم أمام نفس الخيار الذي كان مطروحاً منذ القرن الثامن عشر: هل من مستقبل لنا هنا أم في الخارج؟ لا بل نسأل بتهيّب أكبر: هل نريد أن نكمل بلبنان أهلنا وأجدادنا، أو نعترف أمام بعضنا البعض أنّ هذا اللبنان لم يعد قابلاً للحياة؟
المعادلة المطروحة أمامكم هي كالتالي. اسمعوني جيّداً. إذا كان حاضركم اليوم هو مستقبل أهلكم وأجدادكم بالأمس، فهذا يعني أيضاً أنّ حاضركم اليوم سيكون مستقبل أولادكم وأحفادكم في الغد. فما هو الذي يقع على عاتقكم، وما الذي ستقومون به ولم يفعله أهلنا وأجدادنا، وما الذي سيكون أفضل مما قدّمته الأجيال التي سبقتكم"؟
وكان افرام في كلمته أوصى بالتالي: "اسمحوا لي أن أحمّلكم هذه الأمانة. فضيلتان أزرعوهما عميقاً في قلوبكم وعقولكم، تماماً كما فعلت جامعتكم. واجعلوهما أساس مشوار حياتكم: الاحتراف والالتزام. احتراف والتزام بصفاء تام. في أبعد ما يكون عن التسييس والغرائز. وبتفاعل كبير. عندما نضع الاحتراف إلى جانب الالتزام، يحدث التغيير المطلوب والجوهريّ. تماماً كما يحدث الانفجار عندما تُمْزج المكوّنات المحدّدة بعضِها ببعض".
وشرح مفاهيم الاحتراف والإلتزام، في أنّ " الاحتراف في زمنكم هذا بات أسهل من الالتزام، فهو متاح ومروّج له في كلّ مكان. في الجامعة وفي ثورة التكنولوجيا وفي الأبحاث وفي وسائل التواصل. أصبح الاحتراف موضة، وهذا ما لم يكن متوفّراً بهذا القدر لدى أهلكم وأجدادكم. ومن المرجّح جدّاً أن يشهد المجتمع الكونيّ في زمنكم، حدّاً أدنى للمدخول لكلّ البشر ومن دون عملUniversal Basic Income بما يكفل تأمين المأكل والمشرب والمسكن والرعاية الصحّية، من دون تحفيز خاص للتقدّم والتطوّر الشخصيّ. بالمقابل، سيصبح الإنسان الآليّ في كلّ مكان. ولكي تعيشوا حياة لائقة وطموحة مليئة باليسر والراحة، سيكون عليكم أن تصبحوا أكثر فائدة واحترافاً من الإنسان الآليّ. كما سيأتي زمن قد تُزرع فيه شرائح ومعدات آليّة في أجساد البشر، تزيد من قدراتهم، وتصعّب أكثر فأكثر المنافسة في عالم الاحتراف . وفي ظلّ هذا العالم المحترف، سيكون الفرق شاسعاً بين من يعيش على الحدّ الأدنى للمدخول ويبلغ السبعين أو الثمانين من العمر، وبين من هو في مقلب آخر وقد يعيش مئات السنين".
وتابع:" إنّ ما يُعدّ اليوم ترفاً وفخامة، سيصبح غداً من البديهيّات والأساسيّات. لأنّ ما هو متوقعّ من تطوّر، ليس متوفراً اليوم. وسيصبح واقعاً فقط لمن هو من المتميزين والمحترفين.
أمّا ما لم يعد على الموضة، فهو الالتزام للأسف. الالتزام بالقيم والمبادئ الإنسانيّة والإيمانيّة. الالتزام بالكلمة. الالتزام بالموقف. الالتزام بالحرّية. والالتزام بالهوّية والجوهر. وماذا عن الالتزام بالعائلة؟ أليست العائلة في الأساس وفي النهاية هي اتحاد بالروح والجسد بين رجل رجل وإمرأة إمراة؟ مفهوم العائلة هذا لم يعد على الموضة. لا بل أصبح لدى البعض، رأياً رجعيّاً وضدّ التطوّر والحداثة. المناقبيّة أيضاً لم تعد على الموضة. كذلك العصاميّة وطرق الحياة الشريفة، وحتّى أحياناً لم يعد البعض منّا يضع قلبه وروحه في العمل. ضاع جمال ما نقوم به. تلاشى شغف البطولة واستبدل بالشهرة، وصار من خارج نمط السياق الطبيعيّ للأمور.
وشرح افرام ما يمكن أن يحدثة الاحتراف والإلتزام قائلاً: "إذا استطعتم زرع هاتين الفضيلتين عميقاً في مسيرة حياتكم، عندها ستجيبون بنعم نريد لبنان نموذجاً قابلاً للحياة، وعندها تتحوّل حياتكم إلى رسالة. رسالة الحياة هي رونق الحياة. من دون رسالة. تذّكروا، لا يعود هناك ما يفرّق الإنسان عن الحيوان. وتذّكروا أيضاً، رسالة إعادة بناء لبنان بالإحتراف والإلتزام، هي ما تبرّر وجودنا في هذا البلد. كلّ شيء يتغيّر بالإحتراف والإلتزام، وأنتم من تستطيعون ذلك. فتبنون لأولادكم ولأحفادكم في الغد، ما تمنّيتموه لأنفسكم اليوم. لقد عانى أهلكم وأجدادكم الأمرّيْن، وضحّوا بكلّ غال ونفيس ليخفّفوا عنكم بُؤس وبِئْس هذا الزمن. إنّ أجمل وأغلى مكافأة تقدّموها لهم، هي في تأمين مستقبل أزهى لأولادكم وأحفادكم، أفضل من حاضركم.
وفي هذه المناسبة الطيّبة، أوجّه التهنئة للأهل الموجودين هنا وممن لم يستطيعوا الحضور، على تخرّج بناتكم وشبابكم، وخصوصاً اليوم، وقد مررتم بأصعب المراحل وأشقاها مع جائحة كورونا، ومن ثمّ الانهيار الماليّ، فانفجار المرفأ، وصولاً إلى واقع الحرب في الجنوب. فتحيّة لكم أيّها الأهل الأحبّاء".
النائب افرام ختم قائلاً: أنتم اليوم أمام مفترق طرق مهم. إلى هذه اللحظة، كنتم تجيبون على من يضع لكم الأسئلة في جامعتكم، وكان يتمّ تقييم تحصيلكم بناء على ذلك. بعد اليوم، الأمور لكم باتت مختلفة. لا أحد بعد اليوم سيضع لكم الأسئلة. أنتم من سيطرح الأسئلة وأنتم من ستجيبون عليها. ومع كلّ سنة خبرة، ومع مواجهتكم للتجارب الصعبة وتحملّكم للمسؤولية بجدارة، تُصقل الأسئلة في وجدانكم أكثر وأكثر، وتُصبح أوسع هدفاً وأكثر عمقاً. وعلى أساس الأجوبة عنها، تبنون أسساً متينة لمفهومكم للحياة، ثابتة وراسخة لكم ولمجتمعكم ووطنكم.
أمانتي لكم: إيّاكم السير في هذه الدنيا من دون البحث من خلال الأسئلة والأجوبة عن رسالتكم في هذه الحياة، وعن احترافكم وبأيّة درجة وبأيّ اتجاه، وعن التزامكم بماذا وكيف، وعن أيّة علاقة لكم بلبنان، وإلاّ تكون حياتكم فارغة وأعمالكم من دون نتيجة، ولا تحصدون إلاّ المزيد من خيبات الأمل. ناضلوا وجاهدوا ولا توفرّوا سبيلاً لتحقيق رسالتكم. شرف المحاولة بكلّ قدراتكم يكفي. وأنا على ثقة أنّه سيكون لحياتكم معنى ولوطنكم جدوى، وأنّكم ستنجحون، وستحدثون الفرق الذي لم ينجح الأهل والأجداد في تحقيقه. وفقكم الله... وألف مبروك".
السفارة الألمانيّة
من جهّتها، اعتبرت القائمة بأعمال السفارة الألمانيّة في لبنان كاترينا لاك، أنّ الجامعة اللبنانيّة الألمانيّة استطاعات وسط كلّ التحدّيات التي مرّ بها لبنان، أن توفّر الملاذ الآمن ومصدر الفرص لطلاّبها والهيئة التعليميّة.
وتوجّهت بالتهنئة إلى الطلاّب ببلوغهم المحطة التي تكلّل جهودهم، من خلال التخرّج.
واعتبرت أنّ فصلاً من حياتهم انتهى وآخر يبدأ، وسيبدأون بخطّ أسطره بأنفسهم، ما يمكّنهم من إحداث الفرق وتطوير الحلول التي تساعد المجتمع.
وأعربت عن سعادتها بالتبادل الثقافيّ والأكاديميّ بين بلدها ولبنان، ما سيوفّر فرصاً جديدة لطاقات مبدعة يحتاجها لبنان أولا والخارج تاليّاً.
وفي ختام الاحتفال، كانت كلمة بإسم المتخرّجين للطالبة تريسي كيروز من كلّية إدارة الأعمال والسياحة، بعدها تمّت تلاوة قَسَم اليمين وقد ألقته الطالبة جيني انطونيوس من قسم العلاج الفيزيائيّ والتمريض، قبل أن يقف الحضور تصفيقاً للخرّيجات والخرّيجين باستلام شهاداتهم.
كما قدّمت نائب رئيس الجامعة الدكتورة ماريان عضيمي درعاً تقديريّاً للنائب افرام، وتمّ قطع قالب الحلوى وسط القبّعات المتطايرة التي رماها المتخرّجون ايذاناً ببدء فصل جديد من حياتهم.